أبيات شعر جاهلي عن الحب

لمن طلل أبصرته فشجاني

لِمَنْ طَلَلٌ أبْصَرتُهُ فَشَجَاني

كخط زبور في عسيب يمانِ

دِيَارٌ لهِنْدٍ وَالرَّبَابِ وَفَرْتَني

ليالينا بالنعفِ من بدلان

ليالي يدعوني الهوى فأجيبهُ

وأعينُ من أهوى إليّ رواني

فإن أمس مكروباً فيا ربّ بهمة

كشَفتُ إذا ما اسْوَدّ وَجْهُ الجَبانِ

وإن أمس مكروبا فيا رُبّ قينة

منعمة أعملتُها بكران

لهَا مِزْهَرٌ يَعْلُو الخَمِيسَ بِصَوْتهِ

أجَشُّ إذَا مَا حَرّكَتْهُ اليَدَانِ

وإن أمس مكروباً فيا ربُ غارة

شَهِدْتُ عَلى أقَبَّ رَخْوِ اللَّبَانِ

على ربذٍ يزدادُ عفواً إذا جرى

مسحٍّ حثيث الركض والزالان

ويخدي على صم صلاب ملاطس

شَدِيدَاتِ عَقْدٍ، لَيّنَاتٍ مِتَانِ

وغيث من الوسمي حو تلاعهُ

تبطنتهُ بشيظم صلتان

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَع

كَتَيسِ ظِبَاءِ الحُلّبِ العَدَوَانِ

إذا ما جنبناهُ نأود متنُهُ

كعِرْقِ الرُّخامى اهْتَزّ في الهَطَلانِ

تَمَتّعْ مِنَ الدّنْيَا فَإنّكَ فَاني

مِنَ النَّشَوَاتِ وَالنّسَاءِ الحِسَانِ

مِنَ البِيضِ كالآرَامِ وَالأُدمِ كالدّمى

حواصنها والمبرقات الرواني

أمِنْ ذِكْرِ نَبْهَانِيّة ٍ حَلّ أهْلُهَا

بِجِزْعِ المَلا عَيْنَاكَ تَبْتَدِرَانِ

فَدَمْعُهُمَا سَكْبٌ وَسَحٌّ وَدِيمَة ٌ

وَرَشٌّ وَتَوْكَافٌ وَتَنْهَمِلانِ

كَأنّهُمَا مَزَادَتَا مُتَعَجِّلٍ

فريانِ لما تُسلقا بدهانِ[١]

صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو

صَحا القلبُ عن سلمى وقد كاد لا يسلو

وَأقْفَرَ من سَلمى التّعانيقُ فالثّقْلُ

وقد كنتُ مِن سَلمَى سِنينَ ثَمانياً

على صيرِ أمرٍ ما يمرُّ، وما يحلُو

وكنتُ إذا ما جئتُ، يوماً لحاجةٍ

مضَتْ وأجَمّتْ حاجة ُ الغدِ ما تخلو

وكلُّ محبٍّ أعقبَ النأيُ لبهُ

سلوَّ فؤادٍ، غير لبكَ ما يسلُو

تَأوّبَي ذِكْرُ الأحِبّة ِ بَعدَما

هَجعتُ ودوني قُلّة ُ الحَزْن فالرّمْلُ

فأقسمتُ جهداً بالمنازلِ من منىً

وما سحفتْ فيهِ المقاديمُ، والقملُ

لأرْتَحِلَنْ بالفَجْرِ ثمّ لأدأبَنْ

إلى اللَّيْلِ إلاّ أنْ يُعْرّجَني طِفْلُ

إلى مَعشَرٍ لم يُورِثِ اللّؤمَ جَدُّهُمْ

أصاغرهُم، وكلُّ فحلٍ لهُ نجلُ

تربصْ، فإنْ تقوِ المروراة ُ منهمُ

وداراتُها لا تُقْوِ مِنْهُمْ إذاً نخْلُ

وما يَكُ مِنْ خَيرٍ أتَوْهُ فإنّمَا

وجِزْعَ الحِسا منهُمْ إذا قَلّ ما يخلو

بلادٌ بها نادَمْتُهُمْ وألِفْتُهُمْ،

فإنْ تُقْوِيَا مِنْهُمْ فإنّهُما بَسْلُ

إذا فزعوا طاروا، إلى مستغيثهم،

طوالَ الرماحِ، لا قصارٌ، لا عزلُ

بخيلٍ، عليها جنةٌ، عبقريةٌ

جَديرونَ يَوْماً أن يَنالُوا فيَستَعلُوا

وإنْ يُقْتَلُوا فيُشْتَفَى بدِمائِهِمْ

وكانُوا قَديماً مِنْ مَنَاياهُمُ القَتلُ

عَلَيها أُسُودٌ ضارِياتٌ لَبُوسُهُمْ

سوابغُ بيضٌ، لا يخرقُها النبلُ

إذا لَقِحَتْ حَرْبٌ عَوَانٌ مُضِرّة ٌ

ضروسٌ تهرُّ الناسَ أنيابها عصلُ

قُضاعِيّةٌ أوْ أُخْتُها مُضَرِيّةٌ

يحرقُ في حافاتها الحطبُ الجزلُ

تَجِدْهُمْ على ما خَيّلَتْ همْ إزاءها

وَإنْ أفسَدَ المالَ الجماعاتُ والأزْلُ

يحشونها، بالمشرفيةِ، والقنا

وَفِتيانِ صِدْقٍ لا ضِعافٌ ولا نُكلُ

تِهامونَ نَجْدِيّونَ كَيْداً ونُجعَةً

لكُلّ أُناسٍ مِنْ وَقائِعهمْ سَجْلُ

هُمُ ضَرَبُوا عَن فَرْجِها بكَتيبَةٍ

كبيضاءِ حرسٍ، في طوائفها الرجلُ

مَتى يَشتَجرْ قوْمٌ تقُلْ سرَواتُهُمْ:

هُمُ بَيْنَنا فهُمْ رِضًى وَهُمُ عدْلُ

همُ جددوا أحكامَ كلِّ مضلة ٍ

منَ العُقْمِ لا يُلْفى لأمثالِها فَصْلُ

بعزمة ِ مأمورٍ، مطيعٍ، وآمرٍ

مطاعٍ فلا يلفَى لحزمهمُ مثلُ

ولستُ بلاقٍ، بالحجازِ، مجاوراً

ولا سفراً إلاَّ لهُ منهمُ حبلُ

بلادٌ بهَا عَزّوا مَعَدّاً وغَيْرَهَا،

مَشارِبُها عذْبٌ وأعلامُها ثَمْلُ

وهم خير حيٍّ، من معدٍّ، علمتهمْ

لهم نائلٌ في قومهم ولهم فضلُ

فَرِحْتُ بما خُبّرْتُ عن سيّدَيكُمُ

وكانا امرأينِ كلُّ شأنهما يعلو

رأى اللهُ، بالإحسانِ، ما فعلا بكمُ

فأبْلاهُما خَيرَ البَلاءِ الذي يَبْلُو

تَدارَكْتُما الأحلافَ قد ثُلّ عَرْشُها

وذبيانَ قد زلت بأقدامها النعلُ

فأصْبَحتُما منهَا على خَيرِ مَوْطِنٍ

سَبيلُكُما فيهِ، وإن أحزَنوا، سَهلُ

رأيتُ ذوي الحاجاتِ، حولَ بيوتهم

قطيناً لهم حتّى إذا أنبتَ البقلُ

هنالكَ إنْ يستخبلوا المالَ يخبلوا

وإنْ يسألوا يعطوا، وإنْ ييسروا يغلوا

وفيهمْ مقاماتٌ، حسانٌ وجوهها

وأنديةٌ، ينتابها القولُ، والفعلُ

وإنْ جئتهم ألفيتَ حولَ بيوتهم،

مجَالسَ قد يُشفَى بأحلامِها الجَهلُ

وإنْ قامَ فيهِمْ حامِلٌ قال قاعِدٌ:

رَشَدْتَ فلا غُرْمٌ عليكَ وَلا خَذْلُ

على مكثريهم حقُّ من يعتريهمُ

وعندَ المقلينَ السماحةُ، والبذلُ

سعى بعدهم قومٌ، لكي يدركوهمُ

فلَمْ يَفعَلُوا ولم يُليموا ولم يألُوا

فما كانَ، من خيرٍ، أتوه فإنَّما

تَوَارَثَهُمْ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ

هل ينبتُ الخطيَّ إلاَّ وشيجهُ

وتُغرَسُ، إلاّ في مَنابِتِها، النّخْلُ[٢]

برد نسيم الحجازِ في السحر

بَردُ نَسيمِ الحِجازِ في السَحَرِ

إِذا أَتاني بِريحِهِ العَطِرِ

أَلَذُّ عِندي مِمّا حَوَتهُ يَدي

مِنَ اللَآلي وَالمالِ وَالبِدَرِ

وَمُلكُ كِسرى لا أَشتَهيهِ إِذا

ما غابَ وَجهُ الحَبيبِ عَن نَظَري

سَقى الخِيامَ الَّتي نُصِبنَ عَلى

شَرَبَّةِ الأُنسِ وابِلُ المَطَرِ

مَنازِلٌ تَطلُعُ البُدورُ بِها

مُبَرقَعاتٍ بِظُلمَةِ الشَعَرِ

بيضٌ وَسُمرٌ تَحمي مَضارِبَها

أَسادُ غابٍ بِالبيضِ وَالسُمُرِ

صادَت فُؤادي مِنهُنَّ جارِيَةٌ

مَكحولَةُ المُقلَتَينِ بِالحَوَرِ

تُريكَ مِن ثَغرِها إِذا اِبتَسَمَت

كَأسَ مُدامٍ قَد حُفَّ بِالدُرَرِ

أَعارَتِ الظَبيَ سِحرَ مُقلَتِها

وَباتَ لَيثُ الشَرى عَلى حَذَرِ

حَودٌ رَداحٌ هَيفاءُ فاتِنَةٌ

تُخجِلُ بِالحُسنِ بَهجَةَ القَمَرِ

يا عَبلَ نارُ الغَرامِ في كَبدي

تَرمي فُؤادي بِأَسهُمِ الشَرَرِ

يا عَبلَ لَولا الخَيالُ يَطرُقُني

قَضَيتُ لَيلي بِالنَوحِ وَالسَهَرِ

يا عَبلَ كَم فِتنَةٍ بُليتُ بِها

وَخُضتُها بِالمُهَنَّدِ الذَكَرِ

وَالخَيلُ سودُ الوُجوهِ كالِحَةٌ

تَخوضُ بَحرَ الهَلاكِ وَالخَطَرِ

أُدافِعُ الحادِثاتِ فيكِ وَلا

أُطيقُ دَفعَ القَضاءِ وَالقَدَرِ[٣]

أتعرف رسم الدار قفراً منازله

أتعرِفُ رسمَ الدارِ قَفراً مَنازِلُهْ،

كجفْنِ اليمانِ زخرفَ الوشيَ ماثلُهْ

بتثليثَ أو نجرانَ أو حيثُ تلتقي

منَ النّجْدِ في قِيعانِ جأشٍ مسائلُه

دِيارٌ لِسلْمى إذ تصِيدُكَ بالمُنى

واذ حبلُ سلمى منكَ دانٍ تواصُلُه

وإذ هيَ مثلُ الرّئمِ، صِيدَ غزالُها،

لها نظرٌ ساجٍ إليكَ تواغِلُه

غَنِينا، وما نخشى التّفرّقَ حِقبَةً

كِلانا غَريرٌ، ناعِمُ العيش باجِلُه

لياليَ أقتادُ الصِّبا ويقودُني

يجولُ بنا ريعانُهُ ويُحاولُه

سما لكَ من سلْمى خيالٌ ودونَها

سَوَادُ كَثِيبٍ، عَرْضُهُ فأمايِلُهْ

فذَو النيرِ فالأعلامُ من جانب الحمى

وقُفٌّ كظَهْرِ التُّرْسِ تجري أساجله

وأنَّى اهتدَتْ سلمى وسائلَ بينَنَا

بَشاشَة ُ حُبٍّ، باشرَ القلبَ داخِلُهْ

وكم دونَ سلمى من عدوٍّ وبلدة ٍ

يَحارُ بها الهادي، الخفيفُ ذلاذلُه

يَظَلُّ بها عَيرُ الفَلاة ِ، كأنّهُ

رقيبٌ يخافي شخصَهُ ويضائلُهْ

وما خلتُ سلمى قبلَها ذاتَ رجلةٍ

إذا قسوريُّ الليلِ جيبتْ سرابلهْ

وقد ذهبَتْ سلمى بعقلِكَ كلَّهِ

فهَلْ غيرُ صَيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِله

كما أحْرَزَتْ أسْماءُ قلبَ مُرَقِّشٍ

بحُبٍّ كلمْعِ البَرْقِ لاحتْ مَخايله

وأنْكَحَ أسْماءَ المُرَاديَّ، يَبْتَغي

بذلكَ عوفٌ أن تصابَ مقاِتله

فلمَّا رأَى أنْ لا قرارَ يقرُّهُ

وأنّ هوَى أسماء لا بُدّ قاِتله

ترحلَ من أرضِ العراقِ مرقشٌ

على طربٍ تهوي سراعاً رواحِله

إلى السروِ أرضٌ ساقه نحوها الهوى

ولم يدرِ أنَّ الموتَ بالسّروِ غائلهْ

فغودِرَ بالفَرْدَين: أرضٍ نَطِيّةٍ

مَسيرَةِ شهْرٍ، دائبٍ لا يُوَاكِله

فيا لكَ من ذي حاجةٍ حيلَ دونَها

وما كلُّ ما يَهوَى امرُؤ هو نائِله

فوجدي بسلمى مثلُ وَجْدِ مُرَقِّشٍ،

بأسْماءَ، إذ لا تَستفيقُ عَواذِله

قضى نَحْبَهُ، وَجداً عليها مُرَقِّشٌ،

وعُلّقْتُ مِنْ سَلمى خَبالاً أُماطله

لعمري لموتٌ لا عقوبةَ بعدَهُ

لذي البثِّ أشفى من هوىً لا يزايِله[٤]

المراجع

  1. “لمن طلل بين الجدية والجبل”، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019.
  2. “صَحا القلبُ عن سلمى وقد كاد لا يسلو”، adab، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019.
  3. “بَردُ نَسيمِ الحِجازِ في السَحَرِ .. عنترة بن شداد”، poetsgate، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019.
  4. “أتعْرِفُ رسمَ الدارِ قَفْراً مَنازِلُهْ،”، adab، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019.