قصائد البحتري

قصيدة للبحتري عن الغزل

تُعدّ هذه القصيدة من قصائد الغزل التي كتبها البحتري، وتقول أبياتها:

طَيفُ الحَبيبِ أَلَمَّ مِن عُدَوائِهِ

وَبَعيدِ مَوقِعِ أَرضِهِ وَسَمائِهِ

جَزَعَ اللِوى عَجِلاً وَوَجَّهَ مُسرِعاً

مِن حَزنِ أَبرَقِهِ إِلى جَرعائِهِ

يُهدي السَلامَ وَفي اِهتِداءِ خَيالِهِ

مِن بُعدِهِ عَجَبٌ وَفي إِهدائِهِ

لَو زارَ في غَيرِ الكَرى لَشَفاكَ

مِن خَبَلِ الغَرامِ وَمِن جَوى بُرَحائِهِ

فَدَعِ الهَوى أَو مُت بِدائِكَ إِنَّ مِن

شَأنِ المُتَيَّمِ أَن يَموتَ بِدائِهِ

وأَخٍ لَبِستُ العَيشَ أَخضَرَ ناضِراً

بِكَريمِ عِشرَتِهِ وَفَضلِ إِخائِهِ

ما أَكثَرَ الآمالَ عِندي وَالمُنى

إِلّا دِفاعُ اللَهِ عَن حَوبائِهِ

وَعَلى أَبي نوحٍ لِباسُ مَحَبَّةٍ

تُعطيهِ مَحضَ الوُدِّ مِن أَعدائِهِ

تُنبي طَلاقَةُ بِشرِهِ عَن جودِهِ

فَتَكادُ تَلقى النُجحَ قَبلَ لِقائِهِ

وَضِياءُ وَجهٍ لَو تَأَمَّلَهُ اِمرُؤٌ

صادي الجَوانِحِ لَاِرتَوى مِن مائِهِ

قصيدة للبحتري عن دمشق

كتب الشاعر البحتري هذه القصيدة عن دمشق:

ألْعَيْشُ في لَيْلِ دارَيّا، إذا بَرَدَا،

والرّاحُ نَمزُجُهَا بالمَاءِ مِنْ بَرَدَى

قُلْ للإمَامِ، الذي عَمّتْ فَوَاضِلُهُ

شَرْقاً وَغَرْباً فَما نُحصِي لَهَا عدَدَا

ألله وَلاّكَ عَنْ عِلْمٍ خِلاَفَتَهُ،

وَالله أعْطَاكَ مَا لَمْ يُعْطِهِ أحَدَا

وَمَا بَعَثتَ عِتَاقَ الخَيْلِ في سفرٍ،

إلاّ تَعَرّفْتَ فيهِ اليُمْنَ والرَّشَدَا

أمّا دِمَشْقُ، فقَدْ أبدَتْ مَحَاسِنَها،

وَقَدْ وَفَى لكَ مُطْرِيها بِمَا وَعَدا

إذا أرَدْتَ مَلأتَ العَينَ مِنْ بَلَدٍ،

مُستَحسَنٍ، وَزَمَانٍ يُشبِهُ البَلَدا

يُمسِي السّحابُ على أجبالِها فِرَقاً،

ويُصْبِحُ النّبْتُ في صَحَرائِهَا بَدَدا

فَلَسْتَ تُبْصِرُ إلاّ وَاكِفاً خَضِلاً،

أوْ يَانِعاً خَضِراً، أو طَائِراً غَرِدا

كأنّما القَيْظُ وَلّى بَعدَ جِيئَتِهِ،

أوِ الرّبيعُ دَنَا مِنْ بَعْدِ مَا بَعَدا

يا أكثرَ النّاسِ إحساناً وأعرَضَهُمْ

سَيْباً وأطْوَلَهُمْ في المَكرُماتِ يَدَا

مَا نَسألُ الله إلاّ أنْ تَدُومَ لكَ النَّـ

ـعْمَاءُ فِينَا، وأنْ تَبقَى لَنَا أبَدَا

قصيدة للبحتري عن العتاب

كتب البحتري هذه القصيدة مخاطباً معاتبه:

أيّها العَاتِبُ الذي لَيسَ يَرْضَى،

نَمْ هَنِيئاً، فَلَسْتُ أُطْعَمُ غَمضَا

إنّ لي مِنْ هَوَاكَ وَجْداً قَدِ اسْتَهـ

ـلَكَ نَوْمِي، وَمَضْجِعاً قَدْ أقَضّا

فَجَفُوني في عَبرَةٍ لَيسَ تَرْقَا،

وَفُؤَادِي في لَوْعَةٍ مَا تَقَضّى

يَا قَلِيلَ الإنصَافِ كَمْ أقتَضِي عِنْـ

ـدَكَ وَعْداً، إنجازُهُ لَيسَ يُقْضَى

فأجِزني بالوَصْلِ، إنْ كَانَ دينا

وأثِبْنِي بالحُبّ إنْ كَانَ قَرْضَا

بأبي شادِنٌ تَعَلّقَ قَلْبي

بجُفُونٍ فَوَاتِرِ اللّحْظِ، مَرْضَى

غَرّني حُبُّهُ، فأصْبَحْتُ أُبْدِي

مِنْهُ بَعْضاً، وأكتُمُ النّاسَ بَعْضَا

لَسْتُ أنْساهُ إذْ بَدَاً مِنْ قَرِيبٍ،

يَتَثَنّى تَثَنّيَ الغُصْنِ غَضّا

واعْتِذَارِي إلَيْهِ، حَتّى تَجَافَى

ليَ عَنْ بَعْضِ مَا أتَيْتُ، وأغْضَى

وَاعْتِلاَقِي تُفّاحَ خَدّيهِ تَقْبِيـ

ـلاً، وَلَثماً طَوْراً، وَشَمّاً، وَعَضّا

أيّها الرّاغِبُ الّذي طَلَبَ الجُو

دَ فأبْلَى كُومَ المَطَايَا، وأنْضَى

رِدْ حِيَاضَ الإمَامِ، تَلقَ نَوَالاً،

يَسَعُ الرّاغِبِينَ طُولاً وَعَرْضا

فَهُنَاكَ العَطَاءُ جَزْلاً لِمَنْ رَا

مَ جَزِيلَ العَطَاءِ والجُودِ مَحْضا

هُوَ أنْدَى مِنَ الغَمَامِ، وأوْفَى

وَقعَاتٍ مِنَ الحُسَامِ، وأمْضَى

دَبّرَ المُلْكَ بِالسَّدَادِ، فَإبْرَا

ماً صَلاَحُ الإسْلامِ فيهِ، وَنَقْضَا

يَتَوَخّى الإحْسَانَ قَوْلاً وَفِعْلاً،

وَيُطيعُ الإلَهَ بَسْطاً وَقَبْضا

وإذا مَا تَشَنّعَتْ حَوْمَهُ الحَرْ

بُ، وَكَانَ المَقَامُ بالقَوْمِ دَحْضا

وَرَأيْتَ الجِيَادَ تَحْتَ مَثَارِ الـ

ـنّقعِ يَنْهَضْنَ بالفَوَارِسِ نَهْضا

غَشِيَ الدّارِعِينَ ضَرْباً هَذَاذَيْـ

ـكَ، وَطَعْناً يُوَرعُ الخَيلَ وَخْضَا

فَضَّلَ اللهُ جَعْفَراً بِخِلالٍ

جَعَلَتْ حُبَّهُ عَلَى النَّاسِ فَرْضَا

يا ابنَ عَمّ النّبيّ حَقّاً، وَيَا أزْ

كَى قُرَيشٍ نَفساً، وَديناً، وعِرْضا

بِنْتَ بِالفَضْلِ والعُلُوّ فأصْبَحْـ

ـتَ سَمَاءً، وأصْبَحَ النّاسُ أرْضَا

وأرَى المَجْدَ بَيْنَ عَارِفَةٍ مِنْـ

ـكَ تُرَجَّى، وَعَزْمَةٍ مِنكَ تُمْضَى

قصيدة للبحتري عن مدينة حلب

كتب البحتري هذه القصيدة عن مدينة حلب في سوريا:

سَلِ الحَلَبِيَّ عَن حَلَبٍ

عَن تِركانِهِ حَلَبا

أَرى التَطفيلَ كَلَّفَهُ

نُزولَ الكَرخِ مُغتَرِبا

أَلَستَ مُخَبِّري عَن حَز

مِ رَأيِكَ أَيَّةً ذَهَبا

نَسيتَ المَروَزِيَّ وَيَو

مَنا مَعَهُ الَّذي اِقتُضِبا

وَقَد ذَبَحَ الدَجاجَ لَنا

فَأَمسى ديكُهُ عَزَبا

هَلُمُّ نُكافِهِ عَمّا اِبـ

ـتَغى فينا وَما اِحتَسَبا

بِشِعرِكَ إِنَّهُ ضَمَدٌ

مِنَ الحَقِّ الَّذي وَجَبا

أَلَم يوسِعكَ مِن غُرَفٍ

تَخالُ جِفانَها جُوَبا

وَقَد شَمَّرتَ عَن جِدٍّ

كَأَنَّكَ مُشعَرٌ غَضَبا

إِذا أَمعَنتَ في لَونٍ

رَأَينا النارَ وَالحَطَبا

وَإِن لَجلَجتَ عَن غَصَصٍ

دَعَونا الوَيلَ وَالحَرَبا

وَخِفنا أَن يَكونَ المَو

تُ قَد فاجاكَ أَو كَرَبا

وَشُربُكَ مِن نَبيذِ التَمـ

ـرِ تَنقُلُ بَعدَهُ الرُطَبا

مَحاسِنُ لَو تُرى بِالشا

مِ كَبَّرَ أَهلُها عَجَبا

أَتَرقُدُ عَن ثَلاثَتِكَ الـ

ـلَتي أَهمَلتَها لَعِبا

وَفيها ما تَرُدُّ بِهِ الـ

ـظَماءَ وَتُذهِبُ السَغَبا

خَساراً مِنكَ لا عَقلاً

أَتَيتَ بِهِ وَلا أَدَبا