أشعار من العصر الجاهلي
هل غادر الشعراء من متردم
هل غادر الشعراء من متردم
- أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي
- وعمي صباحا دار عبلة واسلمي
فوقفت فيها ناقتي وكأنها
- فدن لأقضي حاجة المتلوم
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا
- بالحزن فالصمان فالمتثلم
حييت من طلل تقادم عهده
- أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
حلت بأرض الزائرين فأصبحت
- عسرا علي طلابك ابنة مخرم
علقتها عرضا وأقتل قومها
- زعما لعمر أبيك ليس بمزعم
ولقد نزلت فلا تظني غيره
- مني بمنزلة المحب المكرم
كيف المزار وقد تربع أهلها
- بعنيزتين وأهلنا بالغيلم
إن كنت أزمعت الفراق فإنما
- زمت ركابكم بليل مظلم
ما راعني إلا حمولة أهلها
- وسط الديار تسف حب الخمخم
فيها اثنتان وأربعون حلوبة
- سوداً كخافية الغراب الأسحم
إذ تستبيك بذي غروب واضح
- عذب مقبله لذيذ المطعم
وكأن فارة تاجر بقسيمة
- سبقت عوارضها إليك من الفم
أو روضة أنفا تضمن نبتها
- غيث قليل الدمن ليس بمعلم
جادت عليه كل بكر حرة
- فتركن كل قرارة كالدرهم
سحا وتسكابا فكل عشية
- يجري عليها الماء لم يتصرم
وخلا الذباب بها فليس ببارح
- غردا كفعل الشارب المترنم
هزجا يحك ذراعه بذراعه
- قدح المكب على الزناد الأجذم
تمسي وتصبح فوق ظهر حشية
- وأبيت فوق سراة أدهم ملجم
وحشيتي سرج على عبل الشوى
- نهد مراكله نبيل المخرم
هل تبلغني دارها شدنية
- لعنت بمحروم الشراب مصرم
خطارةٌ غب السرى زيافة
- تطس الإكام بوخد خف ميتم
وكأنما تطس الإكام عشية
- بقريب بين المنسمين مصلم
تأوي له قلص النعام كما أوت
- حذق يمانية لأعجم طمطم
يتبعن قلة رأسه و كأنه
- حدج على نعش لهن مخيم
صعل يعود بذي العشيرة بيضه
- كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
شربت بماء الدحرضين فأصبحت
- زوراء تنفر عن حياض الديلم
كأنما تنأى بجانب دفها ال
- وحشي من هزج العشي مؤَوم
هر جنيب كلما عطفت له
- غضبى اتقاها باليدين وبالفم
بركت على جنب الرداع كأنما
- بركت على قصب أجش مهضم
وكأن ربا أو كحيلا معقدا
- حش الوقود به جوانب قمقم
ينباع من ذفرى غضوب جسرة
- زيافة مثل الفنيق المكدم
إن تغدفي دوني القناع فإنني
- طب بأخذ الفارس المستلئم
أثني علي بما علمت فإنني
- سمح مخالقتي إذا لم أظلم
وإذا ظلمت فإن ظلمي باسل
- مر مذاقته كطعم العلقم
ولقد شربت من المدامة بعدما
- ركد الهواجر بالمشوف المعلم
بزجاجة صفراء ذات أسرة
- قرنت بأزهر في الشمال مفدم
فإذا شربت فإنني مستهلك
- مالي وعرضي وافر لم يكلم
وإذا صحوت فما أقصر عن ندى
- وكما علمت شمائلي وتكرمي
وحليل غانية تركت مجدلا
- تمكو فريصته كشدق الأعلم
سبقت له كفي بعاجل طعنة
- ورشاش نافذة كلون العندم
هلا سألت الخيل يا بنة مالك
- إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
إذ لا أزال على رحالة سابح
- نهد تعاوره الكماة مكلم
طورا يجرد للطعان وتارة
- يأوي إلى حصد القسي عرمرم
يخبرك من شهد الوقيعة أنني
- أغشى الوغى وأعف عند المغنم
ومدجج كره الكماة نزاله
- لا ممعن هربا ولا مستسلم
جادت له كفي بعاجل طعنة
- بمثقف صدق الكعوب مقوم
فشككت بالرمح الأصم ثيابه
- ليس الكريم على القنا بمحرم
فتركته جزر السباع ينشنه
- يقضمن حسن بنانه والمعصم
ومسك سابغة هتكت فروجها
- بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
ربذ يداه بالقداح إذا شتا
- هتاك غايات التجار ملوم
لما رآني قد نزلت أريده
- أبدى نواجذه لغير تبسم
عهدي به مد النهار كأنما
- خضب البنان ورأسه بالعظلم
فطعنته بالرمح ثم علوته
- بمهند صافي الحديدة مخذم
بطل كأن ثيابه في سرحة
- يحذى نعال السبت ليس بتوءم
يا شاة ما قنص لمن حلت له
- حرمت علي وليتها لم تحرم
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي
- فتجسسي أخبارها لي واعلم
قالت رأيت من الأعادي غرة
- والشاة ممكنةٌ لمن هو مرتم
وكأنما التفتت بجيد جداية
- رشأ من الغزلان حرٍ أرثم
نبئت عمراً غير شاكر نعمتي
- والكفر مخبثة لنفس المنعم
ولقد حفظت وصاة عمي بالضحا
- إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم
في حومة الحرب التي لا تشتكي
- غمراتها الأبطال غير تغمغم
إذ يتقون بي الأسنة لم أخم
- عنها و لكني تضايق مقدمي
لما رأيت القوم أقبل جمعهم
- يتذامرون كررت غير مذمم
يدعون عنتر و الرماح كأنها
- أشطان بئر في لبان الأدهم
ما زلت أرميهم بثغرة نحره
- ولبانه حتى تسربل بالدم
فازور من وقع القنا بلبانه
- وشكا إلي بعبرة وتحمحم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
- ولكان لو علم الكلام مكلمي
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها
- قول الفوارس ويك عنتر أقدم
والخيل تقتحم الخبار عوابس
- من بين شيظمة وآخر شيظم
ذلل ركابي حيث شئت مشايعي
- لبي وأحفزه بأمر مبرم
ولقد خشيت بِأن أموت ولم تدر
- للحرب دائرة على ابني ضمضم
الشاتمي عِرضي ولم أشتمهما
- والناذرين إذا لم القَهما دمي
إن يفعلا فلقد تركت أباهما
- جزر السباع وكل نسر قَشعم[١]
أي الرجال المهذب
أتاني أبيت اللعن أنك لمتني
- وتلك التي أهتم منها وأنصب
فبت كأن العائدات فرشن لي
- هراسا به يعلى فراشي ويقشب
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
- وليس وراء الله للمرء مذهب
لئن كنت قد بلغت عني وشاية
- لمبلغك الواشي أغش وأكذب
و لكنني كنت امرأ لي جانب
- من الأرض فيه مستراد ومطلب
ملوك وإخوان إذا ما أتيتهم
- أحكم في أموالهم وأقرب
كفعلك في قوم أراك اصطفيتهم
- فلم ترهم في شكر ذلك أذنبوا
فلا تتركني بالوعيد كأنني
- إلى الناس مطلي به القار أجرب
ألم تر أن الله أعطاك سورة
- ترى كل ملك دونَها يتذبذب
فإنك شمس والملوك كواكب
- إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
ولست بمستبق أخا لا تلمه
- على شعث أي الرجال المهذب
فإن أك مظلوما فعبد ظلمته
- وإن تك ذا عتبى فمثلك يعتب[٢]
أماوي هل لي عندكم من معرس
أماوي هل لي عندكم من معرس
- أم الصرم تختارين بالوصل نيأس
أبيني لنا إن الصريمة راحة
- من الشك ذي المخلوجة المتلبس
كأني ورحلي فوق أحقب قارح
- بشربة أو طاف بعرنان موجس
تعشى قليلا ثم أنحى ظلوفه
- يثيرالتراب عن مبيت ومكنس
يهيل ويذري تربها ويثيره
- إثارة نباث الهواجر مخمس
فبات على خد أحم ومنكب
- وضجعته مثل الأسير المكردس
وبات إلى أرطاة حقف كأنها
- إذا ألثقتها غبية بيت معرس
فصبحه عند الشروق غدية
- كلاب بن مر أو كلاب بن سنبس
مغرثة زرقا كأن عيونها
- من الذمر والإيحاء نوار عضرس
فأدبر يكسوها الرغام كأنها
- على الصمد والآكام جذوة مقبس
وأيقن إن لاقينه أن يومه
- بذي الرمث إن ماوتنه يوم أنفس
فأدركنه يأخذن بالساق والنسا
- كما شبرق الولدان ثوب المقدس
وغورن في ظل الغضا وتركنه
- كقرم الهجان الفادر المتشمس[٣]
المراجع
- ↑ عنترة بن شداد، “هل غادر الشعراء من متردم”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-12.
- ↑ عباس عبد الساتر (1996م)، ديوان النابغة الذبياني (الطبعة الطبعة الثالثة)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 27-28.
- ↑ امرؤ القيس، “أماوي هل لي عندكم من معرس .. امرؤ القَيس”، www.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-12.