شعر حزن وفراق
الفراق
تفرّق الظروف الأحبّة رغماً عنهم، فتهيّج مشاعر الشّوق، وتشعل لديهم الرّغبة في التّعبير، فتجدهم يفرّغون مشاعرهم السّلبية ويُصيغونها كلمات تزفّ جرحهم، في هذا المقال نستعرض بعضاً من الأشعار الحزينة في الفراق.
شعر حزن وفراق
- ما أقول إن الصدر ضايق أقول الكون فيني ضاق
ما أقول إن غيبتك صعبة أقول البعد ينهيني
أنا ياما زعل قلبي عليك وما طريت فراق
أشيل بخاطري [يمكن] وأرضى لو تراضيني
ياليتك بس تفقدني كثر ما أفقدك وأشتاق
قسم بالله ما يطري على بالك تخليني
بعيني إنت هالدنيا ومن غيرك لعيني لاق
كثير وما ملوا عيني وقلبك بس يكفيني
فراق! وكنت أبي منّك تعوّض هالصبر بعناق
عشانك بعت هالعالم وجيت اليوم تنفيني
حبيبي حلت الفرقا وبعثرت بجفاك أوراق
عزاي بغيبتك صورة على بعدك تواسيني
أنا غصب علي أرضى ببعدك وأكتم الأشواق
وأكابر رغم حرماني وأداري دمعتي بعيني
حبيبي والجفا سجني وقربك من سماي إعتاق
بكثر عيوبي بعينك فقدتك وينك وويني!
حبيبي حس في حزني ترى دنياي ما تنطاق
أهونها ولا هانت كبيرة صدمتي فيني
وش إللي يصير بالدنيا لو إنك جيتني مشتاق
وش إللي تخسره يعني إذا فكرت ترضيني
من الآخر ترى بعدك عطاني هالزمان طراق
لأني كنت إحسب إنك تموت وما تخليني
- الشوق فيني أصبح لك
عظيم وجبار
والشوف بعدك يا غلا
روحي كفيفي
مشكور يا حب دربه
ما يعرف أعذار
مشكور يا حب تمنع
فيه حيفي
بعد الغياب إن جيت لا تشتكي
ولا تحتار
انت (حبيبي) أول
والحين أنت ضيفي
- آه يا قوى قلبه تجرحني من قلب وتروح
آه قلي وربك من علمك درس الجروح
ما جاك مني يجرحك ولا جاك مني يئلمك
ليه القسى قلبك نسى
أتعبتني وليه التعب
واجهني لو مرة بسبب
قولي أنا شسويت فيك
هذا وأنا قلبي عليك
ليه الجفا وكلي وفا
- إذا مليت من حبي بس قلي على النية
ترى انا قلبي طيب يذوق المر ويغني!
- ليت الوله بيننا بالنصيفة
حتى تحس بلوعة اللي تحراك
أقول مدام حبي ما توغل بالأعماق
ما أظنها تنفع معك تضحياتي!
تحملت منك الذل وجراحه ودست على قلبي
وقلتحبيبي مها تسوي أنا مرتاحة.
- شرب على غير الضما يجرح الكبد
وحب على غير الموده خسارة
خلاص ما أبغى عذر
خلاص أرجوك روح مدام هذي البداية أجل كيف الأخير؟
- يا حلو الأيام لو ترجع على كيفي
ما كان قلبي شكى فرقاً مواليفه
كانوا بقربي ولا يحتاجوا تكليفي
واليوم راحوا ودمعي صعب توقيفه
من عقب الأحباب مكسورة مجاديفي
غرقان والموج يلعب بي على كيفه
- ما بي سؤالك عني اليوم ما أبغاه
ما ريد قلبك دام هذي خطاويك
عفت الهوى من بعد ما شفت دنياه
عفت اللّيالي كلها في تجافيك
ببكي ندم وببكي وله بعد فرقاه
وأكتب قصيدة حزن بفراقه
والله أحبه ويصعب القلب ينساه
لكن عزة نفسي تقول ما بيك
قصائد في الفراق
عندما يختلط جميل الشّعر بمشاعر الحزن الصّادقة، يتنج عنها لوحةً فنّيةً، والآتي بعضاً منها.
قصيدة الفراق الجميل
كريم معتوق
لا أحملُ العُقَد القديمةَ
فالسّلامُ على ضياعكِ من دمي
سكتَ الكلامْ
فلتأذني لي مرّةً أخرى لأعُلنَ سرَّ غربتنا
وسرَّ حكايةٍ عبرتْ موشحةً بأغطيةِ الظّلامْ
قالوا حرامْ
فقلتُ إنْ نبقى حرامْ
حزنٌ يجرُ الحزنَ
يأسٌ دائمٌ خوفٌ
عذابٌ مُنتقى، زيفٌ
وألوانُ الكآبةِ بانسجامْ
لا تنتهي قصصُ الهوى دوماً
بوردٍ أحمرٍ أو أبيضٍ
أو غصنِ زيتونٍ وأسرابِ الحمامْ
نحن ارتضينا قصةً أُخرى
فراقٌ رائعٌ
لا ينحني للشّوقِ والذّكرى، ويقبلُ بالملامْ
نحن ابتدعنا غربةً كُبرى
وصلّينا صلاةَ الهجرِ
كانتْ حفلةً كُبرى وكنتُ بها الإمامْ
واتّفقنا
قبلَ هذا اليومِ لا أذكرُ أنْ نحن اتّفقنا
غيرَ أن نُمعن في قتلِ هوانا المستهامْ
وتراضينا على النّسيانِ
أنجبنا حنيناً ميّتاً
قومي
ركامُ اليوم يستدعيكِ أن تأتين تابوتاً
ركاماً أو حطامْ
لا صدرَ بعد اليومِ يحضننا
ولا كفٌّ إذا ما لامَسَتْ كفّا ً
تنامى دفءُ ملحمةٍ وأسرارٍ
يُهدهدها الوئامْ
قومي
تبلّدتْ المشاعرُ والكلامُ له فطامْ
نحن اصطفينا عنفَ خيبتنا
وجارينا البرودةَ في مشاعرنا
وأبرمنا عقودَ الهجرِ حتّى تنتهي الدّنيا
ويلفظنا الأنامْ
واشتبكنا
لا نرى فَجر خلاصٍ
فهوينا للأعالي
كقتيلينِ على الأفق ننامْ
قصيدة الفراق
إبراهيم ناجي
نحاولُ أن ننسى
ماذا نُحاول أن ننسى؟
الخنجرُ المسموم أنجز مهمته بضراوة
والمرأة التي عرضت ساعة الفراق بفوديها
كنهرين صغيرين، اختفت في الظّلمة
حيث كان كلبٌ يعوي
حيث قطارٌ يلتهم الرّيح
ولم أعد أرى في معترك أيامي
عدا شبحَ قُرصانٍ يفترس أضلاعه
في كوخ.
قصيدة مباهج الفراق
غادة السّمان
ما أجمل الفراق
ستبقى وسيماً وشاباً إلى الأبد في خاطري، ستظلّ تحبّني
وتكتب لي أعذب قصائد الحبّ، وسأظلّ حين أسمع اسمك أو
أرى صورتك أرى النّجوم تركض قرب وجهي نهراً متدفّقاً من
الضّوء إلى اللاّنهايات
سأظل أحبّك، سعيدة بالتّواطؤ مع خديعتك لي، أحبّك دون
أن أسألك من أنت وما أنت، حبّاً بلا شروط،
حبّاً له بهاء خراب الفصول
حبّاً أعلن استقلاله عنك
سيصير حبّك لقاء في المسافة بين الكبرياء والكتمان
والمستحيل
كوكباً مُضيئاً راكضاً في مداراته النّائية المعتمة
قمرأ جديداً غامضاً يُضاف إلى مجرّتنا
يرصده الفلكيّون بدهشة متسائلين: من أين جاء؟
قصيدة أقول لهم وقد جدّ الفراق
معروف الرّصافي
أقول لهم وقد جدّ الفراق
رويدَكم فقد ضاق الخِناقُ
رحلتم بالبدور وما رحِمتم
مَشُوقاً لا يبوخ له اشتياق
فقلبي فوق رؤوسكم مطار
ودمعي تحت أرجلكم مراق
أقال الله من قود لحاظاً
دماء العاشقين بها تراق
وأبقى أعيُناً للغيد سوداً
ولو نُسيتْ بها البيض الرّقاق
متى يصحو الفؤاد وقد أديرت
عليه من الهوى كأس دهاق
وليس النّاس إلّا من تصابي
لهوج الرّامسات بها اختراق
كأن لم تُصبني فيها كعابٌ
ولم يُضرب بساحتها رواق
فعُجتُ على الطّلول بها مُكِبّاً
أسيرٌ عَضَّ ساعده الوَثاق
حديد بارد في اللّوم قلبي
فليس له إذا طرق انطرق.
قصيدة مواسم لا علاقة لها بالفصول
أحلام مستغانمي
هُنالك مواسم للبكاء الذي لا دموع له
هُنالك مواسم للكلام الذي لا صوت له
هُنالك مواسم للحزن الذي لا مبرّر له
هُناك مواسم للمفكرات الفارغة
والأيام المتشابهة البيضاء
هُنالك أسابيع للتّرقب وليالٍ للأرق
وساعات طويلة للضّجر
هُنالك مواسم للحماقات، وأخرى للنّدم
ومواسم للعشق، وأخرى للألم
هُنالك مواسم لاعلاقة لها بالفصول
هُنالك مواسم للرّسائل التي لن تُكتب
للهاتف الذي لا يدقّ
للاعترافات التي لن تقال
للعمر الذي لا بد أن ننفقه في لحظة رهان
هُنالك رهان نلعب فيه قلبنا على طاولة القمار
هُنالك لاعبون رائعون يمارسون الخسارة بتفوّق
هُنالك بدايات السّنة أشبه بالنّهايات
هُنالك نهايات أسبوع أطول من كلّ الأسابيع
هُنالك صباحات رماديّة لأيام لا علاقة لها بالخريف
هُنالك عواصف عشقيّة لا تترك لنا من جوار
وذاكرة مفروشة لا تصلح للإيجار
هُنالك قطارات ستسافر من دوننا
وطائرات لن تأخذنا أبعد من أنفسنا
هُنالك في أعماقنا ركن لا يتوقّف فيه المطر
هُنالك أمطار لا تسقي سوى الدّفاتر
هُنالك قصائد لن يوقّعها الشّعراء
هُنالك ملهمون يوقّعون حياة شاعر
هُنالك كتابات أروع من كاتبها
هُنالك قصص حبّ أجمل من أصحابها
هُنالك عشّاق أخطأوا طريقهم للحبّ
هُنالك حبّ أخطأ في اختيار عُشّاقه
هُنالك زمن لم يُخلق للعشق
هُنالك عُشّاق لم يُخلقوا لهذا الزّمن
هُنالك حُبّ خُلق للبقاء
هُنالك حُبّ لا يُبقي على شيء
هُنالك حُبّ في شراسة الكراهيّة
هُنالك كراهيّة لا يضاهيها حبّ
هُنالك نسيان أكثر حضوراً من الذّاكرة
هُنالك كذب أصدق من الصّدق
هُنالك أنا
هُنالك أنت
هُنالك مواعيد وهميّة أكثر متعة من كلّ المواعيد
هُنالك مشاريع حبّ أجمل من قصّة حبّ
هُنالك فراق أشهى من ألف لقاء
هُنالك خلافات أجمل من أي صلح
هُنالك لحظات تَمرُّ عُمراً
هُنالك عمر يحتضر في لحظة
هُنالك أنا، وهنالك أنت
هُنالك دائماً مستحيلٌ ما يُولد مع كلّ حبّ.
قصيدة لِمَنْ طَللٌ بوَادِي الرَّمْلِ
عنترة بن شدّاد
لِمَنْ طَللٌ بوَادِي الرَّمْلِ بالي
مَحتْ آثارَهُ ريحُ الشّمالِ
وقفتُ به ودمعي من جفوني
يَفيضُ على مَغانيهِ الخَوالي
أُسائِلُ عَنْ فَتاة ِ بني قُرادٍ
وعنْ أترابها ذاتِ الجمال
وكيفَ يجيبنى رسمُ محيلُ
بعيدُ لا يعنُّ على سؤالِ
اذا صاح الغرابُ به شجاني
وأجرى أدْمُعي مِثلَ اللآلي
وأخبرني بأَصْنافِ الرَّزايا
وبالهجرانِ منْ بعد الوصال
غُرابَ البيْنِ ما لكَ كلَّ يوْمٍ
تُعاندُني وقد أشغلْتَ بالي
كأَنِّي قد ذَبحتُ بحدِّ سيْفي
فراخَكَ أوْ قَنَصْتُكَ بالحبال
بحقِّ أبيكَ داوي جُرْحَ قلْبي
ورَوِّحْ نارَ سِرِّي بالمقال
وخبّرْ عنْ عُبيْلة َ أَيْنَ حلّت
وما فعلتْ بها أيدِي اللَّيالي
فقلبي هائمٌ في كلَّ أرض
يقبلُ إثر أخفافِ الجمال
وجسمي في جبال الرّمل ملقى
خيالٌ يرتجي طيف الخيال
وفي الوادي على الأَغظان طيْرٌ
ينوحُ ونوحهُ في الجوَّ عال
فقلْتُ له وقد أبدى نحيبا:
دعِ الشَّكْوى فحالُكَ غيرُ حالي
أنا دمعي يفيض وأنت باكٍ
بلاَ دَمْعٍ فذَاكَ بُكاءُ سالِ
لَحى الله الفِراقَ ولاَ رَعاهُ
فَكَمْ قدْ شَكَّ قلبي بالنّبال
أقاتلُ كلَّ جبارٍ عنيدٍ
ويقتلني الفراقُ بلا قتال