ما هي الموشحات

ماهيّة الموشحات

الموشحات هي شكلٌ من أشكال الشعر ابتكره أهل الأندلس لرغبتهم في التجّديد والخروج على نظام القصيدة التقليديّة، بحيث ينسجم هذا الأدب الجديد مع طبيعة حياتهم الاجتماعية في تلك المرحلة، وتميز هذا النوع من الأدب عن غيره بعدة أمور منها: خصوصية البناء، وتميز اللغة، واختلاف الإيقاع، والارتباط الكبير بالموسيقى والغناء، والالتزام بقواعد معينة؛ كاستخدامه للغة الدارجة أو اللغة الأعجميّة، وقد لاقى هذا الأدب اهتماماً كبيراً من الملوك والأمراء؛ مما كان له الأثر الأكبر في انتشاره الواسع خصوصاً بعهد المرابطين.[١]

يصف المؤرخون الموشحات بأنّها شعبيّة؛ لأنّها لون شعريّ نشأ في الأوساط الشعبيّة من أجل إرضاء رغبة الناس، ولأنّ البعض من نصوص هذا الفن نُظمت باللغة العاميّة الشعبيّة،[٢][٣] مما جعل الشعراء الكبار في بداية نشأته يمتنعون عن التأليف على طريقته؛ لأنهم اعتبروا هذا التأليف بمنزلة عامة الناس، ولأنّ الموشح ـحسب رأيهم- أقل مستوى من الشعر التقليدي، ومع تطوّر الزمن تغيّرت هذه النظرة إلى الموشح، حيث أولوا له أهميةً كبيرةً، وبدأوا ينظمون شعرهم على منواله.[٣]

تعريف الموشحات

تُعَرّفْ الموشحات في معناها اللغويّ: “أنّها كلام منظوم على وزن مخصوص”، وقد اشتُقّ اسمها من الوشاح؛ وهو رداء يمتاز بزركشته، وتزيينه بالزخارف والجواهر، وكان المراد من هذه التسميّة التغييرات التي طرأت على القصيدة العربيّة.[٤] أمّا التعريفات العديدة التي جاء بها الأدباء والباحثون، فتتلخص بأنّ الموشحات فنٌّ من فنون الشعر العربي المستحدّثة يختلف عن القصيدة التقليدية في قوافيه المتعددة، وأوزانه المتنوعة.[٥]

نشأة الموشحات

يُعدّ الموشح ظاهرة من الظواهر الأدبية القليلة في الأدب العربي، فبعد الانتشار الواسع للشعر التقليدي في بلاد الأندلس بين القرنين العاشر والحادي عشر الميلادييّن، والذي تميز بالتقيّد بالوزن والقافيّة ظهر جيلٌ جديدٌ من الشعراء، ونشأ وترعرع في الأندلس بين الطبيعة ومجالس الغناء والطرب ومظاهر الترف؛ فأثّرت هذه الأجواء المتحرّرة في شعره وعطائه، وأصبحت القصيدة الواحدة تظهر في مجالس الطرب غير ملتزمة ببحور الشعر وأوزانه التقليديّة، حيث تنقّل الشعراء بين قوافي الشعر وبحوره وأوزانه، مما أدّى إلى تداخُل الغناء مع هذا اللون الجديد الذي تميّز باختلافه عن القصيدة التقليدية، من خلال اعتماده على أكثر من قافية ووزن وبحر عروضي.[٤]

إضافة إلى ما سبق؛ فإنّ الموشح نشأ أيضاً نتيجة وجود ظاهرة اجتماعيّة تجسّدت في الاختلاط المباشر بين العرب والإسبان، ونتج عن هذا الاحتكاك امتزاج لغويّ، تمثّل في معرفة الشعب الأندلسي للعاميّة العربيّة، واللاتينية، ونتيجة هذه الثنائيّة اللغويّة نشأت الموشحات التي كانت تُنظّم بالعربيّة الفصحى، باستثناء الفقرة الأخيرة منها، وكانت تسمى “الخرجة”، حيث كانت تنظم بالعاميّة الأندلسيّة، وهي عاميّة العربيّة التي كانت تستخدم ألفاظاً من العاميّة اللاتينية.[٦]

المراجع

  1. نميش أسماء (2015-2016)، الموشحات والأزجال وأثرها في الأدب الأوروبي القديم: شعر التروبادور أنموذجا، سيدي بلعباس- الجزائر: جامعة جيلالي ليابس، صفحة أ – ب. بتصرّف.
  2. الدكتور أحمد هيكل (1985)، الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة، القاهرة – مصر: دار المعارف، صفحة 138. بتصرّف.
  3. ^ أ ب نميش أسماء (2015-2016)، الموشحات والأزجال وأثرها في الأدب الأوروبي القديم : شعر التروبادور أنموذجا، سيدي بلعباس-الجزائر: جامعة جيلالي ليابس، صفحة 29. بتصرّف.
  4. ^ أ ب م.م فـردوس إسماعيل عـواد، تعدد الأصوات في موشحات عُقودُ اللآلِ للنواجِي (ت859 هـ)، تربية بغداد الكرخ الثانية: مدرسة اللغة العربية ثانوية النهضة للبنات/الصباحي، صفحة 334-335. بتصرّف.
  5. الدكتور محمد عباسة (2012 م)، الموشحات والأزحال الأندلسية وأثرها في شعر التروبادور (الطبعة الأولى )، 57-شارع محمد خميستي بوقيراط مستغانم (الجزائر): دار أم الكتاب للنشر والتوزيع، صفحة 50. بتصرّف.
  6. الدكتور أحمد هيكل (1985)، الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة ، القاهرة-مصر: دار المعارف، صفحة 144. بتصرّف.