موضوع عن يوم الكرامة

يوم الكرامة

يوم الكرامة أو معركة الكرامة هي واحدة من المعارك التي اشتبك بها الجيش الأردنيّ مع الجيش الإسرائيليّ بعد محاولة الأخير احتلال نهر الأردن لأسبابٍ استراتيجيّة من وجهة نظر الكيان الصهيونيّ. وقعت معركة الكرامة في يوم الحادي والعشرين من آذار عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانية وستين، وقد عبرت القوّات الإسرائيليّة النهر بالفعل من عددٍ من المحاور، تحت غطاءٍ جويّ كثيف وتصاحبها عمليّات تجسير.

تصدّى الجيش الأردنيّ بقوّةٍ لهذه القوات المعتدية على طول جبهة المواجهة التي امتدّت من أقصى الشمال، وحتى جنوب البحر الميّت، وكانت الواقعة التي تواجه بها الجيشان، كان الجيش الأردنيّ يرافقه عددٌ من الفدائيين ضدّ القوّات الإسرائيليّة المعتدية، حيث وقعت مواجهة شرسة بين الطرفين استمرّت نحو خمسين دقيقة، أمّا المعركة بين الطرفين استمرّت أكثر من ستَ عشرة ساعة متتالية، الأمر الذي اضطرّ القوّات الإسرائيليّة إلى الانسحاب بشكلٍ كاملٍ من ساحة المعركة، وكانت المرّة الأولى التي ينسحب فيها الجيش الإسرائيليّ من معركةٍ دون أن يتمكّن من جمع خسائره وقتلاه، وبهذا تمكّن الجيش الأردنيّ من قهر الجيش الذي لا يُقهر وهزيمته وطرده من أرض المعركة دون أن تحقّق تلك القوّات المنهزمة أيّ غايةٍ من غايات هذا العدوان.

موقع معركة الكرامة

وقعت معركة الكرامة في غور الأردنّ، تحديداً على ضفّة النهر المقدّس الشرقيّة، سُمّيت معركة الكرامة بهذا الاسم نسبةً لقرية الكرامة التي شهدت أهمّ الأحداث في تلك المواجهة. قرية الكرامة هي أرضٌ زراعيّة منخفضة، تشتهر بخضرتها الدائمة وبساتينها الكبيرة، تقع القرية في الجزء الشرقيّ من غور الأردنّ، وكان يطلق عليها قديماً اسم (منطقة الآبار) لكثرة ما تحويه من آبارٍ ارتوازيّة، وكان يُطلق عليها أيضاً اسم (غور الكبد) لاحتوائها على حقولٍ زراعيّةٍ ممتدّة وواسعة، حيث تُعتبر سلّة الغذاء في المملكة، يمتهن أكثر من خمسةٍ وتسعين بالمئة من سكّانها الزراعة.

موقع القرية موغلٌ في القدم، حيث عبرت تلك الأرض العديد من الحضارات والممالك على مرّ التاريخ، كالمؤابيّة، والآدوميّة، والآراميّة، والعمونيّة، والأشوريّة، ومملكة الأنباط، والمملكة الرومانيّة، واليونانيّة، والبيزنطيّة، حتى الفتح الإسلاميّ الذي تدلّ عليه الأضرحة والمقامات العديدة للصحابة هناك كشرحبيل ابن حسنة، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، وضرار بن الأزور، ومعاذ بن جبل وغيرهم.

بداية صعود حدّة التوتّر

بعد حرب حزيران عام ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعة وستين، والتي مكّنت اليهود من فرض سيطرتها على باقي الأراضي الفلسطينيّة (الضفة الغربيّة وقطاع غزّة)، نشطت العديد من المجموعات الفدائيّة الفلسطينيّة في الضفة الشرقيّة لنهر الأردنّ، حيث كانت تلك المجموعات تقوم بالعديد من الهجمات دون أيِّ تنسيقٍ مسبق مع الجيش الأردنيّ.

صدرت العديد من التصريحات الرسميّةِ الإسرائيليّة في مطلع عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانية وستّين، تعلن فيها أنّه إذا ما استمرّت تلك الهجمات والنشاطات الفدائيّة عبر النهر، فإنها ستقوم بعملٍ مناسب مضادّ لتلك الهجمات، وبناءً على تلك التصريحات كثّفت إسرائيل دوريّاتها في المنطقة الواقعة بين جسري الملك حسين وداميا، في الفترة الواقعة من الخامس عشر وحتى الثامن عشر من شهر آذار عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانية وستّين، وقد عملت تلك القوّات على تكثيف طلعاتها الجويّة في سماء وادي الأردنّ.

الافتراضات الإسرائيليّة قُبيل البدء بالهجوم

قامت القوّات الإسرائيليّة بمجموعةٍ من الهجمات على طول الجبهةِ الأردنيّة لعدّة أسابيع قبل المواجهة الدامية التي انتهت في معركة الكرامة، وقد ركّزت استخدامها في تلك المناورات على القصف الجويّ؛ تمهيداً للهجوم الواسع على المنطقة. بدأت معركة الكرامة في الساعة الخامسة وخمسٍ وعشرين دقيقة فجر يوم الأحد الموافق الحادي والعشرين من آذار من عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانية وستين، وقد بنى الجيش الإسرائيليّ العديد من التوقعات على هذا العدوان على أساس عددٍ من النقاط، هي:

  • القضاء بشكلٍ نهائيّ على كافّة التشكيلات الفدائيّة الفلسطينيّة في المنطقة (حركة فتح العاصفة بقيادة ياسر عرفات أبو عمّار، والجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين وقائدها جورج حبش).
  • شعور الجيش الإسرائيليّ بأنّه جيشٌ لا يُهزم، والذي شعروا به بعد هزيمتهم للعديد من الجيوش في الفترة التي سبقت عدوانهم على الأراضي الأردنيّة.
  • اعتقاد الجيش الإسرائيليّ بأنّ الجيش الأردنيّ أصبح هشّاً، وأنه لم يتسنّ له الوقت لتعويض خسائره التي مُني بها في مواجهته الماضية معه، ولم يتمكّن من تسليح قوّاته من جديد.
  • حرمان الأردنيين من الحصول على غطاءٍ جوّي لعدم تمكّنهم من تعويض طائرات سلاح الجو التي خسروها.
  • كانت دولة الكيان تفترض بأنّ الخلافات السياسيّة بين الحكومة الأردنيّة وفصائل المقاومة ستقف حائلاً بين تَعاونهم في مواجهة العدوان.

الأهداف الصهيونيّة من العدوان

  • القضاء على حلم العودة لدى الفلسطينيين المشرّدين عن أرضهم، عن طريق تدمير قوّة المقاومة والقضاء على الفصائل الفلسطينيّة.
  • محاولة احتلال مُرتفعات السلط لتحويلها إلى حزامٍ أمنيّ إسرائيليّ – كما فعلت في الجولان ولبنان فيما بعد – في سبيل الحصول على موطئ قدمٍ لها شرقيّ نهر الأردنّ، وكانت تهدف من هذا الأمر إلى المساومة عليها لتحقيق أهدافها التاريخيّة في توسيع حدودها.
  • ضمان الهدوء والأمن على ما يُسمّى خط وقف إطلاق النار.
  • زعزعة الصمود والروح المعنويّة عند المدنيين، وإرغامهم على ترك أراضيهم والنزوح منها، في سبيل تشكيل عبء جديد، الأمر الذي سيحرم المقاومة الفلسطينيّة من تشكيل قواعد لها بين السكّان المدنيين، وفي الجهة المقابلة الحفاظ على الروح المعنويّة العالية لجيش الكيان الصهيونيّ بعد انتصاراتهم والمكاسب التي حقّقوها على الجبهات العربيّة في حرب حزيران عام ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعة وستّين.