موضوع تعبير عن شخصية أعجبتني

محمود درويش هو أحد أهمّ شعراء فلسطين والعرب، ولد في قرية البروة الواقعة في الجليل الفلسطيني في الثالث عشر من آذار عام ألفٍ وتسعمئةٍ وواحدٍ وأربعين. درويش هو أحد أبرز الشعراء الذين قاموا بإدخال الرمزيّة إلى الشعر العربي الحديث وتطويره؛ حيث إنّه مزج حب الوطن بالحبيبة في شعره، وارتبط اسم درويش بشعر الوطن والثورة.

كتب درويش وثيقة (إعلان الاستقلال الفلسطيني) التي أعلن عنها في قاعة قصر الصنوبر في مدينة الجزائر العاصمة في الخامس عشر من تشرين الثاني عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانية وثمانين. كان درويش عضو المجلس الوطني الفلسطيني إضافةً لكونه شاعراً، له عددٌ من الدواوين الشعريّة المزدحمة بمضامين حداثيّة.

كانت أسرته تملك أرضاً في قرية البروة الواقعة في الجليل إلى القرب من سواحل عكا؛ حيث أبصر النور لأوّل مرة في شهر آذار في بداية العقد الرابع من القرن المنصرم، وفي عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانية وأربعين خرجت أسرته من القرية متجهةً إلى لبنان بعد الاحتلال الإسرائيلي لها، لكنّ درويش عاد متسلّلاً إلى أرضه بعد توقيع اتفاقيّات الهدنة عام ألفٍ وتسعمئةٍ وتسعٍ وأربعين، وكان يبلغ من العمر ثمانية أعوام، وقد وجد أنّ قريته قد هدمت وأقيمت على أنقاضها قريةٌ زراعيّة إسرائيليّة، وعاد ليعيش مع عائلته في قرية الجديدة الواقعة إلى الشرق من عكا.

أنهى درويش دراسته الثانويّة في مدرسة (يني) الثانويّة الواقعة في كفر ياسيف، انتسب بعدها إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وبدأ بالكتابة في صحافة الحزب مثل صحيفة الاتحاد وصحيفة الجديد التي أصبح لاحقاً مشرفاً على تحريرها، إضافةً لاشتراكه في تحرير صحيفة الفجر.

تمّ اعتقال درويش من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي لعددٍ من المرات، كان الاعتقال الأوّل له عام ألفٍ وستمئةٍ وواحدٍ وستين بسبب نشاطاته السياسيّة وتصريحاته، وتكرر اعتقاله حتى عام ألفٍ وتسعمئةٍ واثنين وسبعين، توجه بعدها إلى الاتحاد السوفييتي السابق لإتمام دراسته، وفي العام نفسه عاد إلى القاهرة كلاجئ، وفي تلك الفترة انضمّ إلى منظمة التحرير الفلسطينيّة.

توجه درويش بعدها إلى لبنان، وعمل في مؤسسات الدراسات والنشر التابعة لمنظمة التحرير فيها، واستقال لاحقاً من اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، كنوع من الاحتجاج على اتفاقيّة أوسلو التي وقعت بين منظمة التحرير وإسرائيل في مدينة واشنطن في الثالث عشر من أيلول عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثلاثٍ وتسعين. تقلّد درويش العديد من المناصب المهمة خلال فترة حياته، فقد تقلّد منصب رئيس رابطة الصحفيين والكتّاب الفلسطينيين، وقام بتحرير مجلّة الكرمل.

أقام درويش في مدينة باريس قبل عودته إلى فلسطين التي دخلها بتصريح خاص لزيارة والدته، وخلال فترة تواجده هناك قام بعض أعضاء الكنيست الاسرائيلي يهوداً وعرباً بتقديم اقتراح للسماح له بالبقاء في وطنه، تمّت الموافقة عليه. عاش درويش من عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثلاثٍ وسبعين وحتى عام ألفٍ وتسعمئةٍ واثنين وثمانين في مدينة بيروت، وتسلم رئاسة تحرير مجلّة شؤونٍ فلسطينيّة قبل تأسيسه لمجلّة الكرمل عام ألفٍ وتسعمئةٍ وواحدٍ وثمانين.

في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعٍ وسبعين تمّ بيع أكثر من مليون نسخة من دواوينه العربيّة، وترك بيروت عام ألفٍ وتسعمئةٍ واثنين وثمانين بسبب اشتعال الحروب الأهليّة فيها، وغزوها من قبل الجيش الإسرائيلي بقيادة أرئيل شارون، وحصاره للعاصمة بيروت لشهرين متتاليين، طرد خلالهما منظمة التحرير الفلسطينيّة منها. شعر درويش بعد هذا الأمر بأنه منفيٌ تائه، بحيث كان يمضي متنقلاً من سوريا إلى قبرص ومن ثمّ القاهرة يليها تونس، إلى أن حط رحاله في باريس.

كان للفيلسوف والشاعر اللبناني روبير غانم دورٌ كبير في اكتشاف درويش وإطلاقه، وذلك عن طريق نشر قصائده في جريدة الأنوار التي كان يترأس تحريرها في ذلك الوقت، عبر صفحات الملحق الثقافي للجريدة، كانت تربط درويش علاقات صداقة بعددٍ من الشعراء من كافة أرجاء الوطن العربي منهم نزار قباني ومحمد الفيتوري وفالح الحجية ورعد بندر، إضافةً لنشاطه الأدبي الكبير في الأردن، فقد كان درويش أحد أعضاء الشرف في نادي(أسرة القلم) الثقافي.

نظم درويش أولى قصائده عندما كان في المرحلة الابتدائيّة، وله العديد من الدواوين الشعريّة والنثريّة التي انتشرت في شتّى أرجاء العالم، بحيث ردد الصغار قبل الكبار قصائده التي تحكي حال كل فردٍ منهم في حربه وسلامه، وهدوئه وثورته، وحبه، وكرهه، وحله، وترحاله، فكان هو الأب والمعلّم والحبيب والوطن في قصائده والكلمات.

ألّف درويش العديد من الدواوين عبر سنوات حياته وهي: عاشق من فلسطين، وآخر الليل، وأحبك أو لا أحبك، وحبيبتي تنهض من نومها، ويوميّات الحزن العادي، ومحاولة رقم 7، ووداعاً أيتها الحرب، ووداعاً أيّها السلام، وتلك صورتها، وهذا انتحار العاشق، وأعراس ومديح الظلّ العالي، وحصار لمدائح البحر وهي أغنية، ووردٌ أقل، وفي وصف حالتنا وذاكرة للنسيان، وأرى ما أريد، وعابرون في كلامٍ عابر، وأحد عشر كوكباً، ولماذا تركت الحصان وحيداً، وسرير الغريبة، وجداريّة، وحالة حصار، ولا تعتذر عما فعلت، وكزهر اللوز أو أبعد، وفي حضرة الغياب، وأثر الفراشة، والعصافير تموت في الجليل، وأخيراً أوراق الزيتون.

توفي شاعرنا العظيم في الولايات المتحدة الأميركيّة يوم السبت في التاسع من آب عام ألفين وثمانية، بعد إجرائه لعمليّة قلبٍ مفتوح في مركز تكساس الطبي في هيوستن، دخل بعدها في غيبوبة، قرّر بعدها الأطباء نزع أجهزة الإنعاش عنه بناءً على وصية أوصى بها قبيل العمليّة، وأدى نزعها إلى وفاته.

عمّ الحزن والصدمة بوفات عاشق فلسطين، ورائد المشروع الثقافي الحديث، والقائد الوطني المعطاء أرجاء البلاد، وتم إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام في الأراضي الفلسطينيّة، ووري جثمانه الثرى بعد جنازة مهيبة شارك فيها الآلاف من أبناء أرضه وشعبه، إضافة إلى شخصيات فنية وثقافية وصلت إلى العاصمة الأردنية لوداعه في رحلته الأخيرة باتجاه أرضه لتحط الطائرة في المحطة الأخيرة له في يوم الثالث عشر من آب في قصر رام الله الثقافي، الذي أطلق عليه لاحقاً اسم قصر محمود درويش للثقافة.