تلخيص رجوع الى الطفولة
كاتبة الرواية
وُلدت ليلى أبو زيد كاتبة هذه الرواية عام 1950م في الرباط، ودرست اللغة الإنجليزية ثم هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعملت في الترجمة والتأليف، ثمّ بدأت حياتها المهنية بممارسة الصحافة في التلفزيون، لتعمل بعدها في عدة دواوين وزارية من بينها ديوان الوزير الأول، كما ألّفت العديد من الأعمال الأدبية كان منها (عام الفيل)، و(الفصل الأخير)، و(الرجوع إلى الطفولة).
في بحر الرواية
الموضوع
تُعتبر رواية رجوع إلى الطفولة محاولة لنبش الذاكرة واستخراج مكنوناتها، والرجوع إلى الوراء واستشعار الأحاسيس التي كانت تشعر بها الكاتبة حينها، وعن أثر المواقف التي مرّت بها على نفسيتها، فهذه الرواية سيرة ذاتية تحكي فيها الكاتبة عن طفولتها، وتسرد من خلالها أحداث ما عاشته في تلك الفترة، والنضال الذي بذلته من أجل الحصول على حقّها في التعليم، كما تحكي عن معاناة عائلتها، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على ما عاشته الأم للمحافظة على أطفالها في فترة الاستعمار، وصراعها بين المحافظة على عائلتها وبين الالتزام بالعادات والتقاليد مع عائلة زوجها.
العنوان والغلاف
تحمل هذه الرواية التي تضم 151 صفحة عنواناً يأتي المبتدأ فيه محذوفاً دلالة على رغبة الكاتبة في حذف هذه المرحلة السوداء من ذاكرتها، بالإضافة إلى ما تحمله كلمة الرجوع -وليس العودة – من دلالة على التنقل والحركة، وتغيير الزمان بالعودة إلى الماضي ثمّ الرجوع ثانيةً للمستقبل المحمّل بالذكريات، فيما يشير اللونان الأبيض والأسود اللذان تلونت بهما صورة الغلاف إلى البعد التاريخي الذي تعرضه هذه الرواية، بالإضافة إلى ما يرمز إليه اللون الأسود من قتامة وظلم وخوف من المجهول، وهو ما عاشته الكاتبة في الماضي، وبين ما يرمز إليه اللون الأبيض من استشراف لمستقبل مليء بالأمل والتغيير وهو ما حلمت به، فيما يرمز الحائط الموجود في الصورة إلى العقبات التي تقف في طريق الفتاتين الصغيرتين، والتي ما فتئت إحداهما تنظر خلفها وكأنها تتحقق بأنها تخلصت مما عايشته من أخطار في ذلك المكان فعلاً؛ ليساعدها ذلك على السير بأمان مصاحبة وإيّاها فتاة صغيرة أخرى ربما جاءت رمزاً لرؤاها وأحلامها الوليدة.
اللغة والأسلوب
صوّرت هذه الكاتبة الحقبتين اللتين عاشتهما بأسلوب سهل ممزوج باللهجة المغربية لتقريب الصورة إلى ذهن المتلقي، فلا يُخلط فيها بين التأريخ وسرد الوقائع، لا سيما في سرد التفاصيل التي تصوّر دقائق الحياة المغربية مثل الحوارات التي كانت تدور بين الأم والجدّة مثلاً، وبعض الأغاني المغربية وغيرهما من وقائع، فيما يُلاحظ اعتماد الكاتبة على استخدام ضمير الجماعة الذي ينخرط مع الافتتاح السردي لهذه السيرة، فتستخدم نون الجماعة بكثرة فتقول مثلاً: “توقفت الحافلة في الطريق الرابطة بين فاس ومراكش عند علامة القصيبة على حافة منعرج جانبي صاعد في الأطلس المتوسط، ونزلنا وأنزل مساعد السائق متاعنا ثم انطلقت الحافلة بسرعة، وقطعنا الطريق” وأمثلة أخرى استخدمتها للتعبيرعن واقع لم تعايشه وحدها بل كان يعايشه الجميع.
عناصر الرواية
تُعتبر عناصر الرواية جزءاً رئيسيا منها لا تقوم إلّا فيه، وقد قامت رواية الرجوع إلى الطفولة على العناصر الآتية:
- الزمان: فترة الاستعمار الفرنسي وبدايات الاستقلال.
- المكان: وردت عدّة أماكن في كل فصل من فصول الرواية كان منها: القصيبة، وصفرو، وسلا، والحمام، والبيضاء، والسجن العسكري، ومدرسة المعارف، ومراكز الشرطة، والحافلات، والقطار.
- الشخصيّات: ليلى، أحمد أبو زيد، فاطمة، الجد والجدة، ثريا السقاط وزوجها، خناتة (خالة ليلى)، حسن العريبي، كبورة، جميعة وبعض الشخصيات الثانوية الأخرى.
تلخيص الرواية
تتكون الرواية من أربعة فصول متتابعة ومتكاملة يعرض كل فصل منها جزءاً من رحلة الرجوع، حيث تحكي ليلى في أحد الفصول عن طفولتها، وعن سجن والدها في الرباط بتهمة تسريب معلومات الإدارة الفرنسية للوطنيين مستغلاً في ذلك وظيفته كمترجم في الإدارة الفرنسية، لتنتقل بعدها للحديث عن معاناة أمها فاطمة و تنقلها بين صفرو والرباط أسبوعيا لزيارة زوجها، وتعرِض الكاتبة ما تتعرض له الأم من مواقف تصوّر فيها تحكُّم العادات والتقاليد بالمرأة المغربية في ذلك الوقت بما تصوّره من مشاهد جَور تعرضت لها من عائلة زوجها، وما كانت تسمعه من كلام جارح في حقها، وسلبهم لممتلكاتها التي عادت لها أخيرا بدعوى من زوجها، وتنتقل ليلى في فصل من الفصول لتتناول مرحلة دخولها المدرسة الفرنسية فتتحدث عن صديقاتها، وألعابها، و ذكرياتها في بيت الجدة وعزوماتها، وأغانيها وحكاياها التي لا تنتهي، كما تتحدث عمّا تعرضت له من اضطهاد تمثل في منعها من الصوم على يد المشرفة وغيره من مواقف، وتحكي ليلى عن انتقالها للبيضاء وعن إطلاق سراح والدها وانضمامه للوطنيين من جديد، وعن مساعدة أمها له بنقل الأخبار والسلاح قبل أن يُزجّ به في السجن ثانية، ثمّ خروجه بعد عودة محمد الخامس واستقلال البلاد، وتعيينه باشا على مدينة بني ملال، وعن عودته لحياة السجن بعد ضبطه في أحد اجتماعات التحرير، واكتشاف زوجته و بناته خبر وجود عشيقة له في إحدى جلسات المحكمة مما دعاهنّ للتغيب عنه لبضع جلسات، ليتفاجأ بعد انقضاء فتره حكمه وخروجه من السجن بأنّ ابنته ليلى قد شغلت أحد مناصب الدولة المعاكسة في نهجها لمبادئه، مما أدّى لأن يصبح المنزل حلبة نقاشات غير منتهية بين الطرفين، فيما يموت أحمد أبو زيد دون أن يجيب عن أسئلة ليلى التشكيكية، لتجعل هذه الأحداث الحقيقية التي سردتها الكاتبة من ليلى امرأة قوية استطاعت التغلب على الماضي بالخروج من تجربتها واللجوء إلى الكتابة لتفريغ مكنوناتها الداخلية.