حق المعلم على الطالب
المعلم
قُمْ للمعلّمِ وَفِّهِ التبجيلا
كادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولاً
أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي
يبني وينشئُ أنفساً وعقولاً؟
هذين البيتيْن لأمير الشعراء أحمد شوقي، أصبحا مقولة شهيرة نرددّها دائماً على ألسنتنا تقديراً منّا للمُعلمين الذين يفنون حياتهم وأنفسهم في تربية وتعليم جيل صاعد، آملين منهم أن يكون هذا الجيل هو مُخلّص الأمّة من الأزمات التي نمرّ بها الآن. فاحترام المعلم وتقديره واتباع نصائحه، هو حقّ من حقوقه لا يُقدره إلّا أصحاب العقول الواعية الراقية.
حق المعلم على الطالب
وُجد ت وظيفة وفكرة نقل العلم والأدب معاً منذ بداية الزمن، بغض النظر عن اللّقب الذي كان يُطلق على هذا الشخص الجليل الذي كان يُعتبر مُقدساً بالماضي، فهو المؤدّب، والمعلّم، والعالم، والمرشد الذي يُفني عمره وهو يُنشئ جيلاً مُغذىً بالعلم والمعرفة والقيم، فيحل الخير العميم على الأمة بسبب اتباع نصائح هذا الرجل الأمين.
احترام المعلم هو حقّ من حقوقه الأخلاقية التي يتوجّب على الطالب أن يتعلّمها منذ صغره من خلال أهله؛ وإلاّ ستتخلخل وتهتزّ صورة المعلم في نظر طالبه، فينشأ ويتربّى على عدم تقدير الأشخاص بشكل عام، وهذا يؤثر عليه فيما بعد في كيفيّة تواصله وتحاوره مع الناس، فالمعلم هو أوّل الأشخاص الذي يلتقي بهم الطالب في حياته ومحيطه الخارجي ويتناقش ويتحاور معه، فكيف لطالب يستطيع أن ينهل من علم ومعرفة معلمه إذا كان لا يحترمه ويُقدر مكانته. هناك عدة أمور يجب أن يُراعيها كل طالب مع معلمه:
- الاستماع إلى المعلم، وعدم مقاطعته حتى لا يقطع أفكار المعلم ويشوّش على باقي الطلاب.
- التحاور والمناقشة معه بأسلوب راقٍ، وبصوت منخفض، وعدم مجادلته، وأن ينظُر إليه بوجهه، بعيداً عن الفكاهة التي يتصنّعها الطالب لينال إعجاب أصدقائه.
- اتباع ما يُمليه الطالب على المعلم من نصائح وإرشادات حول موضوع معيّن.
- على الأهل احترام وتقدير المعلم أمام أولادهم؛ لأنّ الطلاب يقلّدون أهلهم في العادة، وإذا حصل موقف ما، تتمّ معالجته بطريقة ذكية ليس بالضروري أمام الطالب، وأن يُعذر المعلم ويبرر خطؤه إذا أمكن، فلا يجوز أن تهزّ صورة كيان المعلم أمام الطالب.
- عدم تذمّر الأهل وكثرة الشكوى من جانب الأهل على المعلم أمام الطالب، أو نعته بألقاب تخُلّ بالأدب.
- على الأهل أن يوازنوا بين نفسية إبنهم إذا شعر بالملل، وبين متطلبات المعلم.
- عدم مناداة المعلم باسمه دون ذكر لقب أو تناديه بكاف المخاطبة، مثلاً يا …، إنما تناديه بلقب، يا أستاذ، وحتى في غيبته تتحدث عنه مع مراعاة ذكر اللقب بإجلال وهيبة.
- على الطالب أن يُكرم المعلم، ويعرف فضله، ويُقدره، فهو يفني كلّ طاقاته لأجل الطلاب.
- على الطالب أن لا يُجادل معلمه، ويتعمد إحراجه في أسئلة قد تكون خارج تخصُّصه.
- إكرام المعلم، وتهيئة وتوفير الراحة له قدر الإمكان.
- عدم التدخّل في حياة المعلم الخاصّة. (1)
حق الطالب على المعلم
بما أنّ المعلم يحتلّ مكانةً في قلب الطالب قد تصل بمكانة الأبوة، وهو رمز للعطاء في مرحلة من مراحل حياته، فيترتب على هذا مسؤوليات تقع على عاتق المعلم، لا بد للمعلم التحلّي ببعض الصفات والفضائل حتى يستطيع أن ينقل رسالته في أفضل طريقة حيث يجب على المعلم:
- أن يكون حكيماً، وعادلاً، منصفاً مع جميع الطلاب.
- أن يكون هو مثال للقدوة الحسنة الذي يُحتذى به في المواقف.
- تشجيع الطلاب، واكتشاف قدراتهم، ومواهبهم، ومساعدتهم على تنميتها.
- مراعاة الفروق الفرديّة بين الطلاب، وبالتالي مراعاة قدراتهم.
- مراعاة الظروف النفسيّة التي يمرّ بها الطالب.
- الاهتمام بمصلحة الطالب، ويعتبره أحد أبنائه.
- معاملة طلابه برحمة، وشفقة، والصبر عليهم إذا أخطؤوا.
- أن يسعى في تجميع وتوحيد قلوب الطلاب من خلال المساواة بينهم، وجعلهم يعيشون كالأخوة.
- مراقبة أحوال الطالب باستمرار، وفي حال ملاحظة أي خلل يجب تقويمه وتسديده باللين والرأفة.
- أن لا يبخل بعلمه ولا بالمراجع والبحوث أبداً على الطالب.
- تطوير نفسه، وقدراته، وعلمه، وأسلوبه باستمرار، وأن لا يقف عند علم معيّن.(2)
مثال على مكانة المعلم في العصر العباسي
ازدهر انتشار العلم في العصر العباسي، لما أولوه للمؤدّب والمعلم مكانة خاصة في قلوب أبنائهم، فهذه وصية تربوية من هارون الرشيد لأحد مؤدبي أبنائه وهو الأحمر النحوي قائلاً فيها: “يا أحمر إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه، وثمرة قلبه، فصير يدك عليه مبسوطة، وطاعتك عليه واجبة، فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين، أقرئه القران، وعرفه الآثار، وروّه الأشعار، وعلّمه السنن، وبصّره مواقع الكلام وبدئه، وامنعه الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا عليه، ورفع مجالس القوّاد إذا حضروا مجلسه، ولا تمرنّ بك ساعة إلا وأنت مغتنم فيها فائدة تفيده إياها، من غير أن تخرق به فتميت ذهنه، ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، وقومّه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإنْ أبَاهُما فعليك بالشدّة والغلظة، وبالله توفيقكما).(3)
أحاديث عن مكانة المعلم في الإسلام
- قال الرسول عليه السلام: (ليس من أمَّتي مَن لم يُجِلَّ كبيرَنا ويرحَمْ صغيرَنا ويعرِفْ لعالِمِنا حقَّه) المحدّث الهيثمي
- قال الرسول عليه السلام:(فضلُ العالمِ على العابِدِ، كفَضْلِي علَى أدناكم، إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وملائِكتَهُ، و أهلَ السمواتِ والأرضِ، حتى النملةَ في جُحْرِها، وحتى الحوتَ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ) المحّدث الألباني.
المراجع
(1) بتصرّف عن مقال التربية الاجتماعية في حق الجار والمعلم، فضيلة الدكتور راتب النابلسي، nabulsi.com
(2) بتصرّف عن مقال حقوق الطالب على معلمه، islamqa.info
(3) منقول عن الوصايا التربوية في العصرين الأموي والعباسي، alwatanvoice.com