تعريف شعر الغزل في القرن الأول للهجرة
شعر الغزل
شعر الغزل هو فن شعري يتناول موضوع التغنّي بالمرأة وصفاتها، والتعبير عن الأحاسيس، والمشاعر، والتجارب العاطفية، ويغلب عليه الخيال والمبالغة، وينقسم إلى نوعين الغزل الصريح الذي يصف المرأة وصفاً حسياً يتناول مفاتنها وهو أكثر أنواع الغزل انتشاراً عند العرب في العصر الجاهلي، أمّا النوع الآخر فهو الغزل العذري الذي يعبّر عن عاطفة صادقة ويتغنّى بالصفات المعنوية دون المادية، ولكننا في هذا المقال سنركّز على التعريف بشعر الغزل في القرن الأول للهجرة.
شعر الغزل في القرن الأول للهجرة
عندما جاء الإسلام أثّر في حياة العرب من جميع جوانبها السياسيّة، والاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والثقافيّة، و كان الشعر يُعدّ من أكبر الإنجازات الثقافيّة للعرب قبل الإسلام، حيث سجّلوا به تاريخهم وأمجادهم وفاخروا بعضهم به، فكان الشعراء يستفحتون قصائدهم بمقدمات غزليّة وطلليّة يعبّرون عن مشاعرهم تجاه المرأة بشكلٍ صريح ويصفون مفاتنها وجسدها، وهذا ما رفضه الإسلام لذلك فاقتصر الشعراء الذين اعتنقوا الإسلام على نوعٍ واحد من الغزل، رحّبَ به الإسلام وهو الغزل العذري العفيف الذي لا يمسّ كرامة المرأة وعفّتها، وخيرُ دليلٍ على ذلك قصيدة حسان بن ثابت شاعر الرسول عليه السلام، التي افتتحها بغزلٍ عذري دون أن ينهاه النبي عن ذلك بقوله:
عفت ذات الأصابع فالجواء
- إلى عذراء منزلها خلاء
فدع هذا، ولكن من لطيفٍ
- يؤرقني إذا ذهب العشاء
لشعثاء التي قد تيّمته
- فليس لقلبه منها شفاء
إنّ أكثر ما كان يظهر في غزل بعد الهجرة أنّه كان خالياً من الأحاسيس والمشاعر، مقيّداً بقيود، لا يطلق العنان أمام مشاعر الشاعر للخروج دون الالتزام بمبادئ، فكان غزلاً خالياً من الحياة والمشاعر، فهو مجرد تقليد وألفاظ جافّة، وهذا أكثر ما عابه النقاد على الشعر بعد الإسلام؛ لأنّ كثيرٌ من الشعراء اعتنقوا الإسلام، وتجنّبوا حياة اللهو والخمر، التي تعدّ البيئة الخصبة للغزل والأحاسيس، وانشغلوا بالفتوحات الإسلامية، وإذا ما نظموا شعراً فهم يتطرّقون للجوانب الأخلاقيّة لمدح المرأة بها، وليس كما كانوا سابقاً يتغنون بها وبتمنُعِها.
موقف الإسلام من الشعر
إنَّ الإسلام لم يحارب الشعر جملة واحدة، إنّما ذم نوعاً خاصّاً منه، هو ذلك الشعر الذي يباعد بين الناس ويُفرّق كلمتهم، ويُذكي روح العصبية بكلّ أنواعها، وكذلك كلّ من غلب الشعر على قلبه حتى شغله عن الدين وفروضه.
شَجَّعَ الإسلام النوعَ الآخر من الشعر ومدحه، أي الشعر الذي يخلو من الاعتداء على شرف المرأة، ويحثّ على مكارم الأخلاق، وتغلب عليه روح التديّن، فالشعر ظلّ جاهلياً في صورته ومضمونه وروحه، ‘لا أنَّه قلّ كماً، وكيفاً، وموضوعاً، فمقياس جودة الشعر في صدر الإسلام هو موافقته للحق وأخلاق الإسلام أو عدم مطابقته، ومن أهمّ المواضيع الشعرية التي حثَّ الإسلام عليها:
- الشعر الذي يفخر بالإسلام، ويدعو إلى التحلّي بالفضائل والأخلاق.
- شعر الدفاع عن النبي عليه السلام، ونصرة الدعوة الإسلامية كشعر حسان بن ثابت وعبدالله بن رواحة.
- الشعر الذي يدعو إلى وحدة الملسمين، ويُنقي قلوبهم من الأحقاد والعصبية القبليّة التي انتشرت قبل الإسلام.