هبل الواشي بها أنى أفك – الشاعر البحتري
هُبِلَ الوَاشِي بهَا، أنّى أفَكْ،
لَجّ في قَوْمٍ عَلَيْها، وَمَحَكْ
وَقَدِيماً لَمْ أزَلْ في حُبّهَا
شارِدَ السّمعِ عنِ القوْلِ الأرَكّ
كُلُّ عَانٍ يَتَرَجّى فَكَّهُ،
وَلِذاتِ الخَالِ عَانٍ ما يُفَكّ
وَجَدَتْ غِرّةَ قَلْبٍ شَفَّهُ،
سَقَمُ الحُبّ، وَجسْمٍ قد نُهِكْ
حَسْبُ لَيلى أنّني لمْ أنْفَكِكْ
من أسًى يُشجي، إذا الخالِي ضَحكْ
خَيّمَتْ في نَهْرِ عيسَى فغَدَا
نَهرُ عيسَى، وَبهِ القلبُ سَدِكْ
يا أخا الشّامِ امضِ مَكلُوءاً، فَما
جانبي منكَ، وَلا ضِلعي مَعَكْ
شَغَلَتْ بَغدادُ شَوْقي عَن قُرًى
عندَ مَيْشَاء، وَعَرْضٍ وَأُرُكْ
مَنْزِلٌ لي بالعِرَاقِ اخْتَرْتُهُ،
لمْ يَشُبْ حُرَّ يَقيني فيهِ شَكّ
وَإذا دِجلَةُ مَدّتْ شَأوَها،
وَجَرتْ جَرْيَ اللّجَينِ المُنسَبِكْ
عارَضَتْ رَبْعي بفَيْضٍ مُزْبِدٍ،
بَينَ أموَاجٍ تَسامَى، وَحُبُكْ
يَتَكَفّا النّخْلُ، في حافاتِها،
بالقَمارِيّ تُغَنّي، أوْ تَبِكْ
حُنِيَتْ تلكَ العَرَاجينُ عَلى
لؤلؤٍ غضٍّ وَخُوصٍ كالشّرَكْ
وَلِيَتْني مِنْ سُلَيْمانٍ بِهِ
نِعْمَةٌ مِثْلُ السّحابِ المُدّرِكْ
وَأبُو العَبّاسِ لي جارٌ، فَقُلْ
في جِوَارِ البَحرِ وَفْقاً، وَالمَلِكْ
وَإلى عَبْدِ العَزِيزِ اتّجَهَتْ
رَغْبَتي تَسْلُكُ نَهْجاً مُشترِكْ
يَصْبِحَ الدّهْرَ عَلى جِيرَانِهِ،
ناصِلَ الأظفارِ مَضْمونَ الدّرَكْ
سَيّدٌ نَجْرُ المَعَالي نَجْرُهُ،
يَمْلِكُ الجُودُ عَلَيهِ ما مَلَكْ
وَيَمَانٍ، إنْ يُسَلْ لا يَعْتَلِلْ،
كاليَماني العَضْبِ إن هُزّ بتَكْ
لا يُعَنّي نَفْسَهُ مِنْ أسَفٍ،
إثْرَ حَظٍّ فاتَ، أوْ وَفْرٍ هَلَكْ
بَرَزَتْ أَنْعُمُهُ في عَدَدٍ
دُفَعَ اٌلبَحِْرِ وأَدوَارَ اٌلفَلك
يَرْقُبُ اٌلأَعْدَاءَ مِنْ رَوْعاتِها
بَغَتَاتُ اٌلخيْلِ يَحمْلْنَ الشَّكَكْ
حَطَّ في طَلْحَةَ أَو في مصعَبٍ
لاَ يُبَالي أَيَّ أُسْلبٍ سَلَكْ
خَيْرُهُم جَدًّا وَعَمًّا وأَباً
مُحْتِدٌ زَاكٍ وَغَيْضٌ مُشْتَبِكْ
يا أبَا العَبّاسِ لَنْ يَقْطَعَ بي
أمَلي فيكَ، وَلا ظَنّيَ بِكْ
حاجَةٌ ما عَرَضَتْ عائِرَةٌ،
أخَذَ التّخفيفُ منها، أوْ تَرَكْ