حوار عن الصدق
قد نعيش يومياً لحظات متتالية من الحديث مع النفس والذي يقوم على أساسه حوار بينك وبين نفسك من أجل مناقشة بعض الأمور التي يتعرض لها اقنسان في حياته اليومية ، وتبدأ مرحلة الصراع مع النفس بين الخير والشر .
وفيما يلي حوار يدور بين الخير والشر ، ولكن ينتصر في النهاية الخير على أغلب الأحوال .
يغلب على الإنسان الطابع الخيّر يقول محادثاً نفسه :
هل يجب أن أضطر إلى الكذب على نفسي وعلى الآخرين ؟!
فيسمع صوتاً ما بداخله يهمس في جوفه :
– لا لستَ مضطراً لذلك ، ولكن تذكر أنك في حالة الإعتراف عن ذنبك ستفقد مركزك ومنصبك الذي أنت فيه الآن ، هل تستطيع ذلك ؟!
يردُّ في حيرة !
– ولكن ماذا لو إستمريت في الكذب وإخبار الجميع أن الشركة الآن بأمان وأن جميع الحسابات التي تقوم بها الشركة الآن صحيحة ، ستقع الشركة في مأزق كبير لن تستطيع الخلاص منه .
فيسمعُ الصوتَ ثانيةً، يقولُ بخبث
– أنت تقول بلسانك .. الشركة !
أي الجميع ما عداك ، فأنت ستبقى في مركزك الموجود فيه الآن ، ولن يحدث أي مكروه وستبقى في مكانك دون أي ضرر !
يفكر للحظة … يتردد ثمَّ يقول
– أجل هذا صحيح أنا الآن بأمان ولكن عندما يتم إعادة الحسابات سيقومون بمعرفة الشخص الذي قام بتدقيق الحسابات وحينها سيكتشفون أمري ، وسيكون واضحاً للجميع أنني أنا وراء جميع الأخطاء الموجودة في الحسابات ، وسيفضح أمري حتماً .
– ممممم … هل أنتَ متأكد !؟
قد يكون ما تقوله صحيحاً .. ولكن هل سيقوم الموظفون بالبحث في مئات الأوراق من أجل معرفة مدقق الحسابات ومعاقته ، هل ستجد أحداً ليقوم بذلك أثناء الفوضى العارمة في الشركة .
أنا لا أعتقد هذا .. لأن الجميع سيكون مشغولاً ، وأنت ستظهر على شكل البطل الذي سينقذ الشركة ، وقد تحصل حينها على ترقية مدير في الشركة .
يفكر الإنسان ملياً ويتمعن ..
– ماذا سأصبح مدير …فرصة !!
ثم يوافيه صوتاً خافتاً بسرعة .. لا لا لا يجب ألا أتسرع من الممكن أن يتم اكتشاف الأمر .
– ههه … إذا كنت تشعر بالخوف فالحل بسيط بإمكانك أن تقوم بوضع توقيع آخر على الورق ، ولن يكتشف الأمر أي احد ، وستبعد التهمة عن نفسك ، وتصل إلى مبتغاك .
– نعم هذا صحيح …التزوير من أفضل الطرق ، وسوف أبلغ المدير أن زميلي في الرفة المجاورة هو من أخطأ في تدقيق الحسابات ولست أنا ، ولن يكتشف أحداً الأمر .
– هل رأيت مدى سهولة الأمر .. لن يعلم أحد بذلك .. وستحصل على مبتغاك الذي لن تحصل عليه لو صدقت … الكذب هو أفضل وسيلة من أجل الوصول إلى ما تريده .. أما إذا قلت الحقيقة سيتم معاقبتك .
– نعم قد أحصل على عقوبة وقد يبتعد عني أصدقائي .. كما قد ينفر الناس من حولي ..
-لا أحد سيفكر في أطفالك الذي ينتظرون راتبك الشهري الذي لا يكفي تلبية جميع حاجياته … والجميع سيتناسون مجهوداتك طوال سنين عملك في الشركة ..
– ربما يحدث ذلك … ولكن إن قلت الحقيقة فإن الله سيكون سعيداً مني .. وقد يكافئني بالعوض في مكان آخر ووظيفة أخرى أفضل من التي أنا بها الآن ..
– وهل وضاف العمل متوفرة بكثرة الآن .. أين ستجد أفضل من الشركة المحترمة التي تعمل بها الآن .. لا تكن ساذجاً ..
-لربما أن صدقي لن يمنع عني عقاب مدير الشركة … ولكنه سيمنع عني عقاب مدير رب الشركة .. وهو العقاب الأكبر .
-لا لن أكذب سأذهب إلى المدير غداً وأعترف له بالأمر .
– ستخسر وظيفتك يا غبي .
– ولكنني سأكسب رضا الله الذي هو أساس العمل السليم في الحياة.