ما أصعب الفراق

لم يخلق الله الإنسان وحده ليكون وحيداً، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، لا يستطيع تأدية كافة مهامه وواجباته وحده، بل إن حياة الإنسان تعتمد على التكامل في كافة المجالات، فالمصنوعات تمر في سلسلة مكون من عدد من العمل لصناعتها، فلا يستطيع شخص واحد فقط أن يقوم بكل شئ، لهذا توجب على الإنسان أن يكون محاطاً بعدد من الناس لتستقيم حياته على أكمل وجه وبالتالي يستطيع أن يقوم بكافة الواجبات التي انيطت به بكل أمانة وشفافية وإخلاص.

وتختلف درجة قرب هؤلاء الأشخاص من الشخص فالبعض مثلاً هو من الأشخاص الذين تربطهم بنا مصالح، متى ما انتهت هذه المصلحة يذهب كل في طريقه ليكمل بالتالي مسيرة حياته، كسائق سيارة الأجرة، وكالبائع، أو الفني الذي يصلح الأعطال في المنزل، فكل هؤلاء الأشخاص تربطنا بهم مصالح مؤقته، فبالتالي تزول علاقتنا بهم بزوال المسبب وهو العمل الذي بيينا وبينهم.

وهناك أيضاً أشخاص في مرتبة أقرب من أولئك، كزملاء العمل أو زملاء الدراسة، أو الجيران، وكل هؤلاء أشخاص قد تربطنا بهم علاقات ولكنها ليست متينة بالشكل المطلوب الذي يجعلنا نشتاق لهم إذا ما ابتعدوا عنا، ولكن وفي الوقت نفسه فهم أشخاص لهم تواجد ولهم مساحة في أيامنا، لا يمكن إنكارها، فهؤلاء الأشخاص ربطتنا بهم العشرة وجمعتنا الظروف الواحدة فنحن نحبهم ونحترمهم ونقدرهم لأنهم قد يذكروننا في الأيام الجميلة التي جمعتنا.

وهناك المرتبة الأقرب من ذلك وهم الأصدقاء، فنحن نكسب صداقاتنا من محيطنا فقد يكون أصدقاؤنا من زملائنا في الدراسة أو أنهم قد يكونون من زملائنا في العمل، أو من الجيران أو من العائلة كأبناء العم أو الخال. ونحن بطبيعتنا نحب الأصدقاء ونحب تواجدهم حولنا، فنقضي معهم أمتع الأوقات ونحن لهم ونطمئن عنهم في حال غيابهم.

وهناك أيضاً مرتبة الأقارب الذين قد يكونون مقربين جداً إلى نفوسنا، عندها نعتبرهم أقارب وأصدقاء في نفس الوقت فيكون حبنا لهم مضاعفاً وهؤلاء الأشخاص لا نستطيع الاستغناء عنهم فهم مقربون جداً لدرجة تجعل مفاص الحياة واحدة وشكل الحياة متشابه.

وأخيراً تأتي طبقة العائلة المقربة كالأم والأب والأخ والأخت والزوجة والأولاد، وهذه الطبقة تعتلي رأس الهرم وهي طبقة مقدمة على ما سواها من الطبقات، لأنه لا يمكن تصور الحياة بدونها، فيمكن الإستغناء عن أي طبقة أخرى إلا هذه الطبقة التي تشعرنا بالأمن وتوفر لنا الراحة وتعرف داخليتنا وتحس بنا إذا تألمنا وتفرح لفرحنا وتحزن لحزننا، فما أصعب فراقهم !!!