رأت وخط شيب من عذاري فصدت – الشاعر البحتري
رَأتْ وَخْطَ شيْبٍ من عذاري، فصَدّت،
وَلَمْ يَنْتَظِرْ بي نَوىً قد أجَدّتِ
تَصُدُّ على أنّ الوِصَالَ هُوَ الّذي
وَدِدْتُ زَماناً أن يدومَ، وَودّتِ
هل العيش إلاّ بُلْغَةٌ مِنْ دُنُوّهَا،
أُعِيرَتْ فَزَالَ العيش، حِينَ استرَدّتِ
تجنّبْتِنَا أو تسْلُكِ العِيسُ قصْدنا،
أمِ العِيسُ عَنّا، يوْمَ عُسفانَ، ندّتِ
وفي البلد الأقْصَى، الذي تسكُنينَهُ،
سُكونٌ لأحْشاءٍ ببُعْدِكِ كُدّتِ
شَكرتُ السحابَ الوُطْفَ حتى تَصَوّبتْ
إلَيْهِ، فَأدّتْ ماءَهَا حَيْن أدّتِ
تُقارِضُنَي لَيْلى التّهاجُرَ، بعدَ ما
تَسدّيْتُ هَوْلاً في الهوَى، وَتسدّتِ
وَما كان للهِجْرَانِ بَيْني وبَيْنَها
بِدِيٌّ، سِوَى أنّي هَزَلْتُ، وَجَدّتِ
فأقْصِرْ عن الوَجد الذي عنهُ أقْصرَتْ،
وَعَدَّ عنِ الشّوْقِ الذي عنهُ عَدّتِ
ولَلمُهْتَدي بالله مَجْدٌ لَوِ ارتقتْ
إليه النجومُ، رِفعةً، ما تِهَدّتِ
مَوَارِيثُ منْ أي الكِتابِ وَقُرْبَةٌ
مِنَ المُصْطَفَى حِيزَتْ إليهِ فرُدّتِ
وَقَدْ عَلِمَ الأقْوَامُ أنّ صَريمَةً،
إذا اختلفَتْ شورَى النجِيّ استبَدّتِ
متى وُقدَتْ في مُظلِمِ الأمرِ ضَوّأتْ،
وَإنْ ضُرِبَتْ في جانبِ الخَطبِ قَدّتِ
ملي بنصر الحق والحق أوحد
إذا عصبت منا بظلم تصدت
وَتَأيِيدُهُ حُكْمَ الهُدَى بخُشونَةٍ
من الجِدّ لوْ مرّتْ على الصخْرِ خدّتِ
جَلَتْ قُبّةُ المِيدانِ أحسن حَليَةٍ
لنا، عن تَلالي غُرّةٍ قَدْ تبدّتِ
وقيدت عتاق الخيل حتى تلفّتَتْ
بأعْطافِها مخْتَالَةً، أوْ تَقَدّتِ
حَمَلْتُ عَلَيْها البالِغينَ، توَقّياً
على صِبْيَةٍ للهُلْكٍ كانت أُعدّتِ
فما استثْقَلَتْ فُرْسانَها إنْ تلاحَقَتْ،
وما اسْتَبْعَدَتْ غاياتِها حِينَ مدّتِ
وَلا عُدّ سَبْقٌ مثْلُ سبقِكَ في الذي
أتيْتَ، إذا آلاءُ غيرك عُدّتِ
وَمَا زِلْتَ بالمجْدِ الغريبِ مُظفَّراً،
إذا الأنْفُسُ المخْسوسَةُ الحظّ جَدّتِ
أسيت لأقْوَام مَلَكْتَ أمورهم،
وكانت دجت أيامهم فاسوأدت
مضوا لم يرو من حسن عدلك منظر
وَلَمْ يَلبَسوا نعماك حِينَ استجدّتِ
وَلا عَلِموا أنّ المَكارِمَ أُبْدِيَتْ
جِذاعاً، ولا أنّ المظالِمَ رُدّتِ
لئِنْ خسّ حَظُّ الغائِبينَ، لقدْ زكَتْ
حُظوظُ الشهودِ من نَداكَ وَجَدّتِ
وَإعمالَكَ الحقّ المُجَرَّدَ بيْنَنَا،
إذا عُصْبَةٌ مِنّا لِظُلْمٍ تَصَدّتِ
هنتك أمير المؤمنين بشارة
إليك على كره الأعادي تأدت
لَقَدْ بَسَطَ الآمالَ حادِثُ وَقْعَةٍ
بِدِجْلَةَ، أجْرَتْهَا دماءً، فمدّتِ
كَتائِبُ للْمُرّاقِ سَارَتْ لِمِثْلها،
وكُلٌّ كَفَتْ أقرَانَها وَأبْدّتِ
وَلَمّا تَلاقَوا قُلتُ: مَنٌّ وَنِعْمَةٌ
مِنَ الله، أيُّ العُصْبَتَينِ ترَدّتِ
فكِلتاهما، كُفراً، أضَلّتْ وَأوْبقَتْ،
وكِلتاهما، ظُلماً، بغَتْ وَتَعَدّتِ
وَلله مَا لاقَى عُبَيْدَةُ، إذْ رَأى
فِجاجَ الوَغَى ضَاقتْ بهِ فاجَرَهدّتِ
إذا بُتِكَتْ يُمْنى يد فهي التي
مَكانُ الشّمالِ حاجَزَتْ أوْ تَحَدّتِ
وَقَد سارَ موسَى في جبالٍ لَوَ أنّها
تُرَادي الجِبالَ الرّاسِياتِ لَهُدّتِ
لَهُمْ عادَةٌ من نُصرَة الله في العِدى،
أُقِيمَ بهَا دَرْءُ الثّغورِ، فَسُدّتِ
فَأنْتَ لمن ود الرشاد مرصاداً
لساعات حزم للجليل استعدت
وَعينٌ مَتى كَلّفْتَها الحِفظَ لم تَنمْ،
وَنفسٌ متى ما سِمتَها الجِدّ جدّتِ
وكنْتُ أمرَأً لا يتْبعُ النقصُ رَائدي،
ولا تتَعدّى الأكرمِينَ مَودّتي
غَنِيتُ أُرَاعي نعمة منك أُكّدَتْ
مُقَدَّمَةُ الأسْبابِ منْها فشُدّتِ
وَصالِحَ رَأيٍ مِنكَ كنتُ ذَخَرْتُهُ،
فَصَارَ عَتادي للزّمانِ، وَعُدّتي
فإن تم إذن في الوصول فإنه
تمام وجوب الشكر آخر مدتي