تعريف الإعصار
تعريف الإعصار
يُعرّف الإعصار بأنّه إحدى الظواهر المناخية التي يتشكّل فيها نظام دائريّ من الغيوم والعواصف الرعدية ذات الدوران المُغلق والمُستوى المُنخفض، وتتشكّل الأعاصير فوق مناطق المياه المدارية أو شبه الاستوائية،[١] وتختلف التسميات التي تُطلق على الأعاصير في العديد من الدول حول العالم ولكنّها تُشير جميعها إلى نفس الظاهرة المناخية التي تحدث عبر أرجاء العالم المُختلفة؛ ففي الدول التي تقع غرب المحيط الهادئ؛ كالصين واليابان والفلبين فإنّه يُطلق على الإعصار ما يُعرف بالتيفون (بالإنجليزية: Typhoon)، كما تُسمّى هذه الظاهرة في مناطق شمال المحيط الأطلسي وشمال شرق المحيط الهادئ باسم (Hurricanes)، بينما يتمّ تسميتها في دول جنوب غرب المحيط الهادئ والمحيط الهندي باسم الأعاصير المدارية (بالإنجليزية: Tropical cyclones) أو الأعاصير (بالإنجليزية: Cyclones).[٢]
كيفية تشكّل الإعصار
يتطلّب حدوث الأعاصير توافر ظروف محددة في المياه والغلاف الجوي، فهي تتشكّل عندما تكون مياه المحيط دافئةً، وبشكل عام عندما تكون درجة حرارة المُحيط السطحية لا تقل عن 27 درجة مئوية؛ ويعود السبب في ذلك إلى أنّ الحرارة الدافئة لمياه المحيطات بالإضافة إلى كميات التبخّر فوق سطحها تؤدّي إلى تزويد الإعصار بالطاقة اللازمة لاستمراره وبقائه، ولا يتطلّب تحرّك الأعاصير بعد نشوئها وجود المياه الدافئة، حيث يستطيع الإعصار التحرّك عبر المياه الباردة، كما أنّ حركة الأعاصير فوق المياه الدافئة يؤدّي إلى تبريدها نتيجة امتصاص الحرارة منها.[٣]
يتطلّب تكوّن الأعاصير وجود ظروف مُعينة في الغلاف الجوي تتمثّل في أن تكون الرياح ذات خصائص قادرة على تقوية الإعصار، وتتمثّل هذه الخصائص في كون سرعة الرياح السائدة عبر الجو مُتماثلة ومُتساوية على جميع الارتفاعات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى اتجاهها، بالإضافة إلى كونها دافئة قرب سطح مياه المحيطات وباردة في المستويات الأعلى ارتفاعاً، وقد يتعرّض الإعصار لما يُطلق عليه خبراء الأرصاد الجوية بقطع الرأس (بالإنجليزية: Head cut off) وذلك في حال افتقار الرياح السائدة عبر الغلاف الجوي لخاصية السرعة والاتجاه المُتماثل والمُوحد للرياح السطحية والرياح الموجودة على ارتفاعات عالية.[٣]
يتطلّب حدوث الإعصار نشوء بعض الاضطرابات الجويّة التي تسبقه، وتُعرف هذه الاضطرابات بالاضطرابات الأولية (بالإنجليزية: Initial disturbance) وهي حالة كثيفة من الضغط الجوي المُنخفض والمُنبثقة عن مراكز الضغط المُنخفض السائدة عبر الجو،[٣] كما تُسبَق الأعاصير بحدوث مجموعة من العواصف الرعدية فوق المحيطات تنشأ من خلال العديد من الطرق المناخية، ومنها التقاء ما يُعرف بالرياح التجارية الأفقية (بالإنجليزية: Horizontal trade winds) القادمة من نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي ضمن ما يُعرف بمنطقة التقاء المناطق المدارية (ITCZ)، وينتج عن هذا الالتقاء إجبار الهواء على الارتفاع لطبقات أعلى من الجو ما ينتج عنه حدوث تجمّعات للعواصف الرعدية، وقد تتشكّل العواصف الرعدية السابقة لنشوء الأعاصير من خلال ما يُعرف بالأمواج الشرقية (بالإنجليزية: easterly waves) التي تتحرّك عبر ارتفاع لا يتجاوز ثلاثة كيلو مترات فوق مستوى سطح البحر.[٤]
أجزاء الإعصار
عين الإعصار
تُعرّف عين الإعصار (بالإنجليزية: The Eye) بأنّها منطقة مركز الإعصار، وتمتاز هذه المنطقة بهدوئها النسبيّ وصفائها وخلوّها من الغيوم، فعند قدوم عين الإعصار على منطقة ما تتوقّف الأمطار وتُصبح السماء صافيةً، لكنّ هذا الهدوء سرعان ما يزول وينقلب ليبدأ هطول الأمطار وهبوب الرياح مرّةً أخرى ولكن من الاتجاه المُغاير للإعصار هذه المرّة، ويتراوح قطر منطقة عين الإعصار ما بين 32 إلى 64 كيلو متراً.[٥]
جدار العين
يُحيط جدار العين (بالإنجليزية: The Eyewall) للإعصار بمنطقة عين الإعصار، ويُعدّ هذا الجُزء أقوى وأشد الأجزاء التي يتكوّن منها الإعصار، ووفقاً لاسمه فإنّ جدار العين يتكوّن من جدار كثيف من العواصف الرعدية والرياح الشديدة التي تكون أقوى ما يُمكن داخله، ويرتبط جدار عين الإعصار بعين الأعصار، حيث إنّ انكماش أو حتّى نمو عين الإعصار يُمكن أن يؤدّي إلى تشكيل جدار مُزدوج من جدار العين، ويؤثّر هذان الجزءان معاً على سرعة الرياح عبر الإعصار، وهي السرعة التي يُمكن من خلالها قياس شدته.[٥]
الدوّامات الماطرة
تُعرف الدوّامات الماطرة (بالإنجليزية: The Spiral Rainbands) بأنّها موجات من العواصف الرعدية المُمطرة والمُصاحبة غالباً للرياح العاصفة، وتمتد هذه الموجات من خارج جدار العين، حيث يصل امتدادها إلى بضعة كيلومترات بعيداً عن عين الإعصار؛ وقد يصل عرض تلك الدوّامات إلى عشرات الكيلومترات بينما قد يتراوح طولها ما بين 80 إلى 483 كيلو متراً من عين الإعصار، ومن الأمثلة على ذلك تلك الدوّامات المطريّة التي حدثت في إعصار أندرو (Andrew) عام 1992م، حيث امتدت تلك الدوامات إلى ما يُقارب 160 كيلو متراً من عين الإعصار، وقد استطاعت تلك الدوامات الوصول إلى أبعد من ذلك في إعصار جيلبرت (Gilbert) الذي حدث عام 1988م، حيث تمكّنت الدوّامات المطريّة المُصاحبة لهذا الإعصار الامتداد إلى مسافة 804 كيلومتر خارج عين الإعصار، وتدور الدوامات المطريّة بشكل بطيء وباتجاه مُعاكس لاتجاه حركة عقارب الساعة، وقد يتعذّر على مُتنبّئي الأرصاد الجوية استخدام صور الأقمار الصناعية لمراقبة حالة الإعصار وتطوّره، وذلك في حال كانت أجزء الأعصار مُغطاةً بغيوم على ارتفاع عالٍ.[٥]
مخاطر الأعاصير
تُشكّل الأعاصير خطراً داهماً على المناطق التي تحدث فيها، حيث إنّها تُلحق الضرر بالمُمتلكات وتُدمّر البيئة الطبيعية خاصةً في المُدن والقرى الساحلية، كما تتسبّب الأعاصير بما يُقارب عشرة آلاف حالة وفاة كلّ عام نتيجة كلّ من الأعاصير والعواصف الاستوائية المصاحبة لها، وتتسبّب حركة العواصف المُرافقة للأعاصير باتجاه السواحل في ارتفاع مستويات مياه المحيط إلى ارتفاعات عالية قد تصل إلى ستة أو تسعة أمتار، وقد ينتج هذا الارتفاع في منسوب المياه بسبب الضغط المُنخفض الذي تتسبّب به العاصفة، وتندفع تلك المياه إلى اليابسة بفعل الرياح القويّة حيث قد تتسبّب بغمر المناطق المُنخفضة التي تقع على طول الساحل، وقد يؤدّي هذا الأمر إلى إلحاق الضرر بالبنية التحتية؛ كالطرق، والأرصفة، فضلاً عن خطر هدم المنازل.[٦]
تتسبّب الأمطار الغزيرة المُصاحبة لحدوث الأعاصير بفيضان الأنهار وحدوث الانهيارات الطينية، وعلى الرغم من أنّ الفيضانات التي تنتج عن الأعاصير قد لا تستمر لفترة طويلة إلّا أنّها قد تتسبّب بقدر كبير من الدمار، ويعتمد ذلك على قوة العاصفة وطبيعة المناطق التي تضربها، وقد يمتد تأثير الأعاصير إلى ما بعد المناطق الساحلية، ولكن هذا الامتداد عادةً ما يكون تأثيره خفيفاً ولا يُلحق الضرر الجسيم، ولا تقتصر أضرار الأعاصير على الأضرار الماديّة التي قد تلحق بالممتلكات والبنى التحتية، حيث تؤثّر الأعاصير على البيئة الطبيعية الموجودة في السواحل، حيث يُمكن أن تتسبّب في تآكل الشواطىء وذلك من خلال نقل كميات كبيرة من الرمال الشاطئية إلى مكان آخر.[٦]
تصنيف الأعاصير
يتمّ قياس شدة الأعاصير من خلال ما يُعرف بمقياس سفير-سمبسون (Saffir-Simpson) وهو مقياس لتقدير حجم الضرر الناتج عن كلّ نوع من أنواع الأعاصير وذلك في حال وصولها إلى اليابسة، ويُصنّف خبراء الأرصاد الجوية الأعاصير حسب شدّة الرياح المُصاحبة لها إلى خمس فئات؛ تترتب من الفئة الأولى التي هي أقل الأعاصير تأثيراً إلى الفئة الخامسة التي هي أشدّ أنواع الأعاصير، ويوضّح الجدول الآتي فئات الأعاصير، وقوّة كلٍّ منها، ومقدار الضرر الذي قد يُلحقه هذا النوع، مع بعض الأمثلة على بعض الأعاصير التي تُمثّل كلّ فئة:[٧]
فئة الإعصار | سرعة الرياح (كم / ساعة) | الأضرار التي قد يتسبّب بها الإعصار | أمثلة على فئة الإعصار |
---|---|---|---|
(1) | 119-153 | تدمير الأشجار وانهيار الأسوار والأسيجة | إعصار جاستون (Gaston) الذي ضرب جنوب ولاية كاليفورنيا عام 2004م |
(2) | 154-177 | سقوط الأشجار، ووقوع لوحات الطرق، وسقوط الإشارات الضوئية، وكسر النوافذ والمداخن | إعصار فرانسيس (Frances) الذي ضرب ولاية فلوريدا عام 2004م |
(3) | 179-209 | وقوع الأشجار كبيرة الحجم، وتدمير الطائرات الصغيرة والمنازل المُتنقلة | إعصار إيفان (Ivan) الذي ضرب ألاباما عام 2004م |
(4) | 211-249 | سقوط الأسقُف الضعيفة، وتخريب الأرصفة والأسوار البحرية | إعصار شارلي (Charley) الذي ضرب فلوريدا في العام 2004م، وإعصار هارفي (Harvey) الذي ضرب تكساس في العام 2017م |
(5) | ما يزيد عن 251 كم/ساعة | تدمير أو سقوط جميع الأشجار تقريباً، وتدمير كلّي للمباني والمنازل | إعصار أندرو (Andrew) الذي ضرب ولاية فلوريدا عام 1992م، بالإضافة إلى إعصار يولاندا (Yolanda) الذي ضرب الفلبين في العام 2013م |
مناطق حدوث الأعاصير
تتوزّع الأعاصير عبر العديد من مناطق العالم المُختلفة، ويُبيّن الجدول الآتي مناطق وأوقات حدوثها عبر العالم، بالإضافة إلى معدّل حدوثها خلال العام الواحد:[٧]
المنطقة | موسم حدوث الأعاصير | معدّل حدوث الأعاصير خلال العام الواحد |
---|---|---|
خليج المكسيك، وشمال المحيط الأطلسي، والبحر الكاريبي | من بدايات شهر حزيران إلى أواخر شهر تشرين ثاني، ويبلغ الإعصار ذروته خلال مُنتصف شهر أيلول | 6.4 إعصار خلال العام |
أجزاء من المكسيك وشمال شرق المحيط الهادئ | أواخر شهر أيار إلى بدايات شهر تشرين ثاني، ويبلغ الإعصار ذروته في نهايات شهر آب وأوائل شهر أيلول | 8.9 إعصار خلال العام |
شمال غرب المحيط الهادئ، وأجزاء من آسيا بدايةً من ما يُعرف بخط التاريخ الدولي (بالإنجليزية: Date Line) ولغاية بحر الصين الجنوبي | تستمر على مدار العام، وتتركّز في الفترة ما بين شهريّ تموز وتشرين ثاني، وتبلغ أوجها خلال أواخر شهر آب وبدايات شهر أيلول | 16.5 إعصار خلال العام |
منطقة شمال المحيط الهندي بما فيها خليج البنغال وبحر العرب | تمتد فترة حدوث الأعاصير من شهر نيسان إلى شهر كانون أول، وتبلغ هذه الأعاصير أوجها خلال شهر أيار بالإضافة إلى فترة ذروة أخرى خلال شهر تشرين ثاني | 1.5 إعصار خلال العام |
منطقة جنوب غرب المحيط الهندي من أفريقيا إلى حوالي مئة درجة شرقاً | تمتد فترة حدوث الأعاصير من أواخر شهر تشرين أول إلى شهر أيار، وتبلغ هذه الأعاصير أوجها خلال منتصف شهر كانون ثاني بالإضافة إلى فترة ذروة أخرى خلال منتصف شهر شباط حتّى بدايات شهر آذار | 5 أعاصير خلال العام |
منطقة جنوب شرق المحيط الهندي بما فيها الساحل الشمالي لأستراليا، والمنطقة التي تقع ضمن 100 إلى 142 درجةً شرقاً | تمتد فترة حدوث الأعاصير من أواخر شهر تشرين أول إلى شهر أيار، وتبلغ هذه الأعاصير أوجها خلال منتصف شهر كانون ثاني بالإضافة إلى فترة ذروة أخرى خلال منتصف شهر شباط حتّى بدايات شهر آذار | 3.6 إعصار خلال العام |
منطقة جنوب المحيط الهادئ، بما فيها منطقة الساحل الشرقي لأستراليا، ومنطقة 142 درجةً شرقاً إلى 120 درجةً غرباً | أواخر شهر تشرين أول إلى بدايات شهر أيار، وتبلغ الأعاصير ذروتها خلال الفترة ما بين نهاية شهر شباط إلى بدايات شهر آذار | 5.2 إعصار خلال العام |
المراجع
- ↑ 7-1-2020 (NOAA), “What is the difference between a hurricane and a typhoon?”، oceanservice.noaa.gov, Retrieved 21-1-2020. Edited.
- ↑ Joseph A. Zehnder (8-11-2019), “Tropical cyclone”، www.britannica.com, Retrieved 21-1-2020. Edited.
- ^ أ ب ت “Tropical Cyclones”, laulima.hawaii.edu, Retrieved 21-1-2020. Edited.
- ↑ “Hurricanes, Typhoons, & Tropical Cyclones”, www.eoas.ubc.ca,1-3-2019، Retrieved 21-1-2020. Edited.
- ^ أ ب ت “Community Hurricane Preparedness”, www.unidata.ucar.edu, Retrieved 21-1-2020. Edited.
- ^ أ ب “Hurricane Damage”, scied.ucar.edu, Retrieved 21-1-2020. Edited.
- ^ أ ب Kalila Morsink (1-4-2018), “HURRICANES, TYPHOONS, AND CYCLONES”، ocean.si.edu, Retrieved 21-1-2020. Edited.