كيف يتكون الثلج والجليد
المنخفضات الجويّة
يأتي فصل الشتاء محمّلاً بالمنخفضات الجويّة متفاوتة الحدّة، ويكون مدى تأثير هذه المنخفضات الجوية على المناطق وفقاً لطبيعتها الجغرافية، فتكون المناطق الجبليّة سريعة التأثر أكثر من السهول والأودية، فتكون المرتفعات عادة ذات حظ أوفر بالثلوج وتراكماتها فور تأثّر المنطقة بالمنخفض المحمّل بالثلوج أو في حال وجود فرصة لذلك، سنتطرق في هذا المقال إلى تعريف كلٍّ من الثلج والجليد وكيفيّة تكوّنهما.
الثلج
يستمدّ الثلج (Snow ) سهولة تشكّله من طبيعته الهشّة، وهو عبارة عن بلورات مائيّة متجمّدة، ويندرج ضمن أنواع الهطول الذي يأتي به فصل الشتاء، وليس شرطاً أن يهطل الثلج على جميع أنحاء العالم، فللموقع الجغرافيّ والطبيعة والتضاريس دور في ذلك، ومن الجدير بالذكر أنّ أكثر مناطق الكرة الأرضيّة معروفة بهطول الثلوج بغزارة وكثافة بالغة هي مناطق القطب الجنوبيّ والشماليّ، فكلما ابتعدت عنها قلّت فرصة الهطول الثلجيّ تدريجياً.
كيفيّة تشكّل الثلج
تبدأ بلوّرات الثلج بالتكوّن بعد أن توجد نويات التكاثف التي يبدأ الثلج بالتشكّل حولها، وذلك عند التقاء تياريّن هوائيّين، تيار رطب ودافئ مع تيار بارد، ويجب أن تكون درجة الحرارة عند نقطة الالتقاء نحو اثنتي عشرة ونصف الدرجة تحت الصفر، فتبدأ جسيمات صلبة ذات حجم صغير جداً بالتكوّن، فتعلق في طبقات الجوّ العلوي، وفي حال توافر فرص مهيّأة لتتحوّل هذه الجسيمات إلى الحالات الثلاث الماء، والتي تُمكّن بخار الماء من التحوّل إلى حالة غازيّة، ومن ثم الحالة الصلبة، وحينها يكون قد وصل إلى مرحلة الثلج، وذلك بعد أن تكون جزئيات الماء قد تكاثفت على أيّ نواة موجودة في الجو كذرّات الغبار أو الرماد، فتتكاثر شيئاً فشيئاً فوق بعضها حتى تنمو وتبدأ هذه الصفيحة البلوريّة، التي تكوّنت كنتيجة للتكاثف بالتفرّع إلى ستة أفرع ضمن درجات حراريّة أكبر من المرّة الأولى، تسمح خلالها بذوبان حواف البلّورة الثلجية، وذلك حتى تتيح المجال أمام البلورات الأخرى للالتصاق مع بعضها، وبالتالي تكوّن الصفيحة الثلجيّة، ويشار إلى أنّ ظاهرة الاحتباس الحراريّ قد أثّرت بشكل عام في كميّة الثلوج المتساقطة سنويّاً، وبشكل خاصّ على الدول العربيّة، حيث لوحظ بالآونة الأخيرة أنّ كميّات الثلوج تشهد انحساراً قويّاً.
الجليد
يتّصف الجليد بحالته الصلبة، ويصبح الماء بعد تحوله إلى الحالة الجليديّة عبارة عن مادة غير فلزيّة لمادة إحدى حالاتها سائلة أو غازيّة، ضمن درجة حرارة معتدلة، وتشير كلمة جليد غالباً إلى جليد الماء فقط، وليس لتجمّد أي مادة سائلة، ولكن من الممكن أيضاً أن نُدرج جليد الأمونيا ضمن أنواع الجليد.
كيف يتكوّن الجليد
يبدأ الماء بالتجلّد عند تعرّضه لجو بارد، وتكون عملية التحول بغاية البساطة، ومن المعلوم أنّ الجليد يكون على سطح الماء أو الطبقة الخارجيّة فقط، أمّا من الداخل فيكون بحالته الطبيعيّة السائلة، وكما أنّ الجليد يغزو بعض الأنهار فتصبح جليديّة، أو قد تصبح الأرض متجمّدة في حال وجود كميّات من المياه مع جو بارد فيحدث ذلك، وكما أنّه عند بدء ذوبان الثلوج في المناطق التي يغزوها شتاءً فإنّ الجليد يبدأ بالتشكّل، وكما تتجمّد البحيرات والشلالات ،إلّا أنّه لا يمكن للبحيرة أن تتجمّد كاملةً.
تشكّلات الجليد
- الأنهار الجليديّة: تتشكّل هذه الأنهار بعد أن يحلّ فصل الشتاء محملّاً بكميّات ضخمة من الثلوج، فتهطل وتتراكم على هذه الأنهار فيتشكّل الثلج، ومن ثم يتحوّل إلى جليد إثر تعرّضه لدرجات حرارة منخفضة جداً، وتكون هذه الأنهار عبارة عن مياه متجلّدة على شكل كتل تتّصف حركتها بالبطء الشديد، تنحدر من الجبال الشاهقة الارتفاع أو في المناطق القطبيّة (الشمالي والجنوبي)، فيأتي الصيف وبالرغم من درجات حرارته إلا أنه لا يمكن له أن يذيب هذه الأنهار الجليديّة، ويعيدها إلى وضعها الطبيعيّ، ومرة تلو الأخرى يتراكم الثلج فوق الأنهار على شكل طبقات، وتهبط كميّات الجليد والبلّورات الثلجية إلى الطبقات السفلى، لتندمج جميعها مع بعضها، فتتشكّل الكتل الجليدية السميكة، فتبدأ الكتل الجليدية بالضغط على بعضها بفعل الوزن فتتحرّك بطء شديد.
- البَرَد: تبدأ حُبيبة البرد أولى مراحل حياتها على شكل قطرة ماء في السحب المطريّة، ومن ثمّ تبدأ بالانتقال إلى مرحلة التجمّد لتصبح “جنين البرد”، وتُقلّ الرياح جنين البرد المتكوّن بين السحب، ما يساعده على النموّ والازدياد، فيندمج مع قطرات المطر غير المتجمدة فور ملامستها، شرط أن تكون درجة حرارتها تحت الصفر، وتحافظ حبيبات البرد على بقائها بالسحب طوال فترة تأثير التيار الهواء الصاعد للأعلى بالاستمرار بالتزامن مع خفّة وزنها، الأمر الذي يسهّل على التيار الهوائيّ حملها، وأكبر حجم قد تصل إليه حبيبات البرد هو حجم حبة البازلاء أو البرتقالة، ومن الجدير بالذكر أنّ للبرد والجليد بشكل عام أضراراً يُلحقها بالمزروعات وغيرها لحظة سقوطه.
- الجبال الجليديّة: تبدأ دورة حياة الجبال الجليديّة منذ لحظة انفصال الكتل الجليدية الكبيرة الحجم عند مصب النهر مع البحر، فتبدأ الكتل الجليديّة بالعوم والانجراف داخل البحر حتى تذوب بعد مرور وقت من الزمن، ويكون الجزء العلويّ من الكتل الجليديّة معرّضاً للذوبان بشكل أسرع؛ إثر سقوط الأشعة الشمسيّة عليه فوراً، أمّا الجزء السفلي منها فتكون مدة حياته أطول من الجزء العلويّ، وللأجزاء السفليّة أضرار جسيمة في حركة الملاحة البحريّة؛ إذ تهدد السفن وذلك لاختفائها تحت الماء، الأمر الذي يحول دون إمكانيّة رؤيته، فتصطدم السفن به ويؤدّي إلى غرقها على الفور.
- الجليد في النظام الشمسيّ: لا يقتصر تشكّل الجليد على الكرة الأرضيّة فقط، بل إنّه ينتشر بشكل كبير في مجموعة النظام الشمسي، وتمكّن العلماء خلال السنوات القليلة الماضية من التوصّل إلى وجود كتل جليديّة على سطح القمر، وكما أنّ فوهات موجودة على سطح القمر ذات عمق كبير يوجد فيها الجليد بشكل كبير؛ نظراً لعدم قدرة أشعة الشمس على الوصول إلى هذه الأعماق، ويحافظ الجليد على بقائه بفعل درجات الحرارة المنخفضة في تلك الفوّهات، وكما أنّه تم اكتشاف وجود للجليد على سطح عطارد؛ بالرغم من كونه من أقرب كواكب النظام الشمسي إلى الشمس، وأمّا كوكب المريخ فيشبه كوكب الأرض من ناحية أقطابه، فله قطبان متجمّدان ويعدّ أكثر كوكب يحمل على متنه كميّات ضخمة من الجليد بعد الأرض، وأيضاً سطح المشتري فقد بلغ سُمك الجليد على سطحه نحو كيلومتر كأقل سُمك هناك، وأضف إلى معلوماتك أنّ النظام الشمسي الخارجي يتّصف ويمتاز بشدّة انخفاض درجة حرارته، وخاصّة على الكواكب والأجسام الموجودة على أطرافه، الأمر الذي يساعد على إمكانيّة حفاظ الجليد على حالته الصلبة، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الغالبية العظمى من الأجرام السماويّة أصلها جليديّ، ولكن فور تعرّضها للأشعة الشمسيّة واقترابها من كوكب الشمس تبدأ بالانصهار والتبخر فوراً.
الفرق بين الجليد والثلج
يكمن الفرق بين الجليد والثلج من ناحية التكوين، فالثلج يتّصف بهشاشة بلّوراته المتجمّدة ما يجعل تشكّله أمراً في غاية السهولة، كما أنّ الكرة الثلجيّة عبارة عن مجموعة بلّورات متجمّدة صغيرة، قد اجتمعت واندمجت مع بضعها، أمّا الجليد فإنّه بلورة واحدة ذات صلابة وتماسك قويّ، كما أنّه لا يمكن تشكيله أبداً نظراً لقساوته وصلابته، والفرق بينهما أيضاً في التشكّل يعتمد على الظروف المناخيّة بالدرجة الأولى، وكما أنّ هناك فرق بين الجليد والثلج هو أنّه من الممكن صنع الجليد بالتدخّل البشريّ، أما الثلج فمن المستحيل أن يتم ذلك إلا من خلال السحب والهطول الثلجي الطبيعي.