لم يبق في تلك الرسوم بمنعج – الشاعر البحتري
لمْ يَبقَ، في تلكَ الرّسُومِ بمَنْعِجِ،
إمّا سَألْتَ، مُعَرَّجٌ لِمُعَرِّجِ
آثَارُ نُؤيٍ، بالفِنَاءِ، مُثَلَّمٍ،
وَرِمَامُ أشعَثَ بالعَرَاءِ مُشَجَّجِ
دِمَنٌ، كمِثلِ طَرَائقِ الوَشيِ انجَلَتْ
لمَعَاتُهُنّ مِنَ الرّداءِ المُنْهَجِ
يَضْعُفْنَ عَنْ إذكارِنا عَهدَ الصّبَا
أوْ أنْ يَهِجْنَ صَبَابَةً لَمْ تَهْتَجِ
وَلَرُبّ عَيشٍ قَدْ تَبَسّمَ ضَاحِكاً
عَنْ طُرّتَيْ زَمَنٍ، بِهِنّ مُدَبَّجِ
مِنْ قَبْلِ داعِيَةِ الفِرَاقِ، وَرِحلةٍ
مَنَعَتْ مُغَازَلَةَ الغَزَالِ الأدْعَجِ
رَفَعُوا الهَوَادِجَ مُعْتِمِينَ، فما ترَى
إلاّ تلالؤ كَوْكَبٍ في هَوْدَجِ
أمْثَالُ بَيْضَاتِ النّعَامِ، يَهُزُّها
للبُعْدِ أمْثَالُ النّعَامِ الهُدّجِ
لأُكَلّفَنّ العِيسَ أبْعَدَ غَايَةٍ،
يَجرِي إلَيْهَا خائِفٌ، أوْ مُرْتَجِ
وَإلى سَرَاةِ بَني حُمَيْدٍ، إنّهمْ
أمسَوْا كَواكبَ مَذحِجِ ابنةِ مَذحِجِ
آسَادُ حَرْبٍ، فالعَدُوُّ بِهِمْ رَدٍ،
وَبُنَاةُ مَجدٍ، فالحَسودُ بهمْ شَجي
لا يَحْسَبُونَ قُبورَهمْ في غُرْبَةٍ،
وَلَوَ انّهَا مَضْرُوحَةٌ بالزّأبَجِ
ضَرَبُوا بقَارِعَةِ الثّنَاءِ قِبَابَهُمْ،
فغَدَتْ علَيهِمْ وَهيَ أسْبَلُ مَنهَجِ
سَادوا، وَسَادَهُمُ الأغَرُّ مُحَمّدٌ،
بِخلالِ أبْلَخَ في الهَزَاهِزِ، أبْلَجِ
بَكَرُوا وَأدْلَجَ طالبي مَجْدٍ، وَهلْ
يَتَعَلّقُ الغَادي بشَأوِ المُدْلِجِ
فَسَمَا لأعْلَى رُتْبَةٍ، فاحْتَلّهَا
سَبْقاً، وَبُرْجُ الشّمسِ أعلى الأبرُجِ
جِئْنَاهُ، إذْ لا التُّرْبُ في أفْنَائِهِ
يَبْسٌ، وَلا بابُ العَطَاءِ بمُرْتَجِ
وَالبَيْتُ، لَوْلا أنّ فيهِ فَضِيلَةً،
يَعْلُو البُيُوتَ بفَضْلِها، لم يُحجَجِ
بَطَلٌ يَخوضُ الخَيلَ وَهيَ سَوَائل
خَلفَ الأسِنّةِ، وَهوَ غَيرُ مُدَجَّجِ
وَإذا احتُبي في أسْوَدانَ لسُؤدَدٍ،
أعْطَاكَ حَبْوَةَ حاتِمٍ في الحَشرَجِ
مُتَخَلّقٌ مِنْ حُسْنِ كُلّ خَليقَةٍ،
كَعُطَارِدٍ في طَبْعِهِ المُتَمَزِّجِ
تالله أيّتمَا يَدٌ لَكَ مَنْ يَرُمْ
ضَحضَاحَ نائلِها الجَزِيلِ يُلَجلِجِ
أزِفَ الفِرَاقُ فنَحنُ سَفْرٌ في غَدٍ،
بالهَجرِ من دعوَى التّرَحّلِ نَنْتَجي
وَهْوَ المَسيرُ إلى الخليج لينة
لَوْلا ابنُ يوسُفَ لمْ نَشُطَّ فنَخلَجِ
مُتَكَلّفاً أجْيَالَ صَاغِرَةٍ بِنَا،
عَجِلاً، يُكَلّفُنا طِعانَ الأعْلُجِ
فأعِنْ عَلى غَزْوِ العَدُوّ بِمُنْطَوٍ
أحْشاؤهُ، طَيَّ للكِتابِ المُدْرَجِ
إمّا بأشْقَرَ ساطِعٍ، أغشَى الوَغَى
مِنْهُ بمِثْلِ الكَوْكَبِ المُتَأجِّجِ
مُتَسَرْبِلٍ شِيَةً طَلَتْ أعْطافَهُ
بدَمٍ فَما تَلْقَاهُ غَيرَ مُضَرَّجِ
أوْ أدْهَمٍ صَافي السّوَادِ، كَأنّهُ
تَحتَ الكَميّ مُظَهَّرٌ بِيَرَنْدَجِ
ضَرَمٌ، يَهيجُ السّوْطُ، من شُؤبُوبِه،
هَيجَ الجَنائبِ من حَرِيقِ العَرْفَجِ
خَفّتْ مَوَاقِعُ وَطْئِهِ، فَلَوَ انّهُ
يَجْرُي برَمْلَةِ عَالِجٍ لمْ يُرْهِجِ
أوْ أشْهَبٍ يَقَقٍ، يُضِيءُ وَرَاءَهُ
مَتْنٌ كمَتْنِ اللّجّةِ المُتَرَجْرِجِ
تَخفى الحُجولُ، وَلوْ بَلَغنَ لَبانَهُ،
في أبْيَضٍ مُتَألّقٍ كالدُّمْلُجِ
أوْفَى بعُرْفٍ أسْوَدٍ، مُتَغَرْبِبٍ،
فيما يَليهِ، وَحَافِرٍ فَيْرُوزَجي
أوْ أبْلَقٍ يَلْقَى العُيُونَ، إذا بَدا،
مِنْ كلّ لَوْنٍ مُعجِبٍ بِنمُوذَجِ
جَذْلانُ، تحسُدُه الجيادُ إذا مَشَى
عَنقاً بأحْسَنِ حُلّةٍ لَمْ تُنْسَجِ
أرْمي بهِ شَوْكَ القَنَا، وَأرُدُّهُ
كالسّمعِ أثّرَ فيهِ شَوْكُ العَوْسَجِ
وَأقَبُّ، نَهْدٌ، للصّوَاهِلِ شَطْرُهُ،
يَوْمَ الفَخارِ، وَشَطْرُهُ للشُّحَجِ
خِرْقٌ، يَتيهُ عَلى أبيهِ، وَيَدّعي
عَصَبِيّةً لبَني الضَّبيبِ، وَأعْوَجِ
مِثْلُ المُذَرَّعِ جَاءَ بَينَ عُمُومَةٍ
في غافِقٍ، وَخؤُولَةٍ في الخَزْرَجِ
لا دَيْزَجٌ يَصِفُ الرّمادَ، ولَمْ أجِدْ
حَالاً تُحَسِّنُ مِنْ رُوَاءِ الدّيزَجِ
وَعَرِيضِ أعْلَى المَتْنِ لَوْ عَلّيْتَه
بالزّئْبَقِ المُنْهَالِ لَمْ يَتَرَجْرَجِ
خَاضَتْ قَوَائِمُهُ، الوَثيقُ بِناؤها،
أمْوَاجَ تَحْنيبٍ بهِنّ مُدَرَّجِ
وَلأنْتَ أبْعَدُ في السماحة، هِمّةً،
مِنْ أنْ تَضَنّ بمُوكَفٍ أوْ مُسرَجِ
لا أنْسَيَنْ زَمَناً لَدَيْكَ مُهُدَّباً،
وَظِلالَ عَيشٍ كان عندكَ سَجسَجِ
في نِعْمَةٍ أُوطِنْتُهَا وَأقَمتُ في
أفْيَائِهَا، فكأنّني في مَنْبِجِ