ذهان ما بعد الولادة: مرض نفسي خطير قد يصيب الأم
ما هو ذهان ما بعد الولادة؟ ما هي أسبابه وما هي أعراضه؟ وهل هو حالة عابرة أم خطيرة؟ أهم المعلومات والتفاصيل تجدونها في المقال الآتي.
فلنتعرف في ما يأتي على حالة ذهان ما بعد الولادة وبعض المعلومات الهامة المتعلقة به.
ما هو ذهان ما بعد الولادة؟
ذهان ما بعد الولادة (Postpartum psychosis – Postnatal psychosis)، أو ما يسمى طبيًّا بالذهان النفاسي، هو مرض نفسي على درجة عالية من الخطورة من الممكن أن يصيب الأم الجديدة بعد الإنجاب، مسببًا ظهور تغييرات مزاجية وسلوكية حادة لديها.
قد تبدأ أعراض الذهان بالظهور على المرأة المصابة بشكل مفاجئ خلال ساعات فقط بعد الولادة، أو قد تبدأ بالظهور بعد الإنجاب بفترة تتراوح ما بين 1-3 أشهر، تعني كلمة الذهان فقدان الاتصال بالواقع، لذا تتضمن الحالة ظهور أعراض مثل الهلوسة (Hallucinations) والوهام (Delusions).
يعد ذهان ما بعد الولادة طارئًا طبيًّا يجب التعامل معه دون تأخير كي لا تتفاقم الحالة وتزداد سوءًا، لذا يجب إخضاع النساء المصابات بهذا النوع من الاضطرابات النفسية لبرنامج علاجي متكامل.
في بعض الحالات الحادة من ذهان ما بعد الولادة من الممكن أن تراود المرأة المصابة رغبة بإيذاء نفسها أو بإيذاء بعض الأشخاص في محيطها، وهذه الحالات تحديدًا قد تستدعي إدخال المرأة للمشفى لإخضاعها لبرنامج علاجي خاص.
من الممكن أن يصيب هذا النوع من الأمراض النفسية النساء اللواتي لم يسبق وأصبن بأية مرض نفسي.
يجب التنويه إلى أن ذهان ما بعد الولادة يختلف عن حالة اكتئاب ما بعد الولادة (Postnatal depression)، كما أن نسبة الإصابة به أقل من نسبة الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
أسباب ذهان ما بعد الولادة وعوامل الخطر
حتى يومنا هذا لم يتمكن الخبراء من تحديد سبب واضح ودقيق لمثل هذا النوع من الأمراض النفسية، ولكن يرجح البعض أن التغييرات الهرمونية الحادة التي تمر بها المرأة قبل وبعد الإنجاب قد تلعب دورًا في تحفيز الإصابة بذهان ما بعد الولادة.
إليك قائمة بأبرز الأسباب والعوامل التي قد ترفع فرص الإصابة بذهان ما بعد الولادة:
- وجود حالات سابقة للإصابة بهذا النوع من الأمراض النفسية في تاريخ العائلة عمومًا، أو إصابة المرأة بهذه الحالة في حمل سابق.
- إصابة الأم من الأصل ببعض الأمراض والاضطرابات النفسية، مثل: الفصام (Schizophrenia)، والاضطراب ثنائي القطب (Bipolar disorder).
- إصابة المرأة بصدمة ما، أو مواجهة المرأة لصعوبات معينة خلال فترة الحمل أو أثناء الولادة.
- أن يكون المولود هو الطفل الأول للمرأة.
- توقف المرأة عن تناول أدوية مخصصة لعلاج بعض الأمراض والاضطرابات النفسية أثناء فترة الحمل.
- عدم حصول المرأة على قسط كافٍ من النوم في الأيام الأولى التي تلي ولادتها.
- عوامل أخرى، مثل: تغيرات مزاجية حادة خلال فترة الحمل، والحمل الذي حصل دون تخطيط.
أعراض ذهان ما بعد الولادة
إليك قائمة بأبرز الأعراض التي قد تظهر على المرأة المصابة بذهان ما بعد الولادة:
- تغيرات مزاجية حادة، إذ قد تشعر المرأة تارة بالحزن والرغبة في البكاء، وتارة أخرى بفرط مستويات النشاط وبرغبة في الحديث والحركة والمتواصلة.
- أفكار ارتيابية، إذ قد تبدأ المرأة المصابة بفقدان الثقة بعائلتها وبأصدقائها لتشعر وكأن الجميع يتآمر ضدها ويرغب في إلحاق الضرر بها.
- الهلوسة المرئية أو السماعية، إذ قد تبدأ المرأة برؤية أشياء من صنع خيالها أو بسماع أصوات غير موجودة وغير حقيقية، ومن الممكن كذلك أن تبدأ بشم روائح غير حقيقية.
- تبنِّي المرأة لمعتقدات غريبة وغير مألوفة قد تدفعها لإيذاء نفسها أو لإيذاء طفلها.
- مشكلات وصعوبات في التركيز، وشعور بحيرة وارتباك.
- ممارسة سلوكيات غير مألوفة اجتماعيًّا.
- شعور الأم بعدم وجود أي رابط عاطفي بينها وبين طفلها الجديد.
- أعراض أخرى، مثل: اضطرابات النوم، وعدم اعتراف المرأة بوجود مشكلة لديها، ورغبة جنسية متزايدة، وقلق، وسلوك عدواني، والتفكير بطريقة غير منطقية.
تشخيص ذهان ما بعد الولادة
يتم تشخيص ذهان ما بعد الولادة عادة من خلال زيارة المرأة المصابة للطبيب النفسي.
على الرغم من عدم وجود فحوصات خاصة لتشخيص هذه الحالة، إلا أن الطبيب قد يطلب بعض الفحوصات التي قد تساعد على استبعاد الإصابة بحالات أخرى تسبب أعراض شبيهة بأعراض الذهان، مثل الفحوصات الآتية:
- فحوصات دم لتحري الإصابة بإحدى الحالات الآتية: نقص صوديوم الدم (Hyponatremia)، ونقص سكر الدم (Hypoglycemia).
- فحوصات دم لتحري الإصابة بنقص في بعض العناصر الغذائية، مثل: نقص فيتامين ب12، ونقص الفولات، ونقص الثيامين.
- فحوصات أخرى، مثل: فحوصات الغدة الدرقية، والتصوير المقطعي المحوسب، والتصوير بالرنين المغناطيسي.
علاج ذهان ما بعد الولادة
بعد تشخيص الحالة قد يتم علاجها من خلال اتباع الإجراءات الطبية الآتية:
- إدخال المرأة المصابة إلى المشفى لمراقبة وضعها الصحي والنفسي عن كثب وخفض فرص قيامها بإيذاء نفسها أو من حولها.
- إعطاء المرأة المصابة أدوية تناسب حالتها، مثل: مضادات الاكتئاب (Antidepressants)، ومضادات الذهان (Antipsychotics).
- إخضاع المريضة لبعض أنواع العلاج النفسية والعصبية، مثل: مثل العلاج السلوكي الإدراكي (Cognitive behaviour therapy)، والعلاج بالصدمة الكهربائية (Electroconvulsive therapy).
يجب التنويه إلى أن حالة ذهان ما بعد الولادة هي مرض نفسي من الممكن علاجه ومن الممكن للمرأة المصابة به أن تتعافى بشكل تام عند الحصول على الرعاية الطبية الضرورية.
المرجع : webteb.com