لها منزل بين الدخول فتوضح – الشاعر البحتري
لهَا مَنْزِلٌ بَينَ الدَّخولِ فَتُوضَحِ،
مَتى تَرَهُ عَينُ المُتَيَّمِ تَسفَحِ
عَفَا، غَيرَ نُؤيٍ دارِسٍ، في فِنائِهِ
ثَلاثُ أثَافٍ، كالحَمائمِ، جُنّحِ
وَعَهْدي بها، وَالعَيشُ جَمٌّ سُرُورُهُ،
متى شِئْتُ لاقَاني هُناكَ بمُفْرِحِ
لَيالي لُبَيْنى بَدْرُ لَيْلي، إذا دَجَا،
وَشَمْسُ نَهارِي المُسفِرِ المُتَوَضِّحِ
وَما الوَرْدُ يَجلوهُ الضّحَى في غُصُونه،
بأحْسَنَ مِنْ خَدَّيْ لُبَينى وَأمْلَحِ
وَإنّي لَتَثْنيني الصّبَابَةُ وَالأسَى
إلى كَمَدٍ مُضْنٍ، وَشَوْقٍ مُبَرِّحِ
هَنَتْكَ، أميرَ المُؤمنينَ، بِشارةٌ
منَ الشّرْقِ جاءَتْ بالبَيانِ المُصرَّحِ
تُخَبِّرُ عَنْ نصر المَوَالي وَعزهِمْ،
وَخِذْلانِ عَبدوسٍ، وَإفلاحِ مُفلحِ
لَقَدْ زُلزِلَتْ أرْضُ الجِبالِ بوَقْعَةٍ،
أسَالَتْ دَماً في كلّ نَشزٍ وَأبْطَحِ
كأنّ النّسورَ الوَاقِعاتِ، عَشِيّةً،
على نَقَدٍ، حَوْلَ الجِمارِ، مُذَبَّحِ
وَلَوْ وَقَفَ المَغرُورُ لالتَبَسَتْ بهِ
زَنابيرُ سَرْعانِ الخَميسِ المُجَنَّحِ
إذاً لاحتَسَى كأساً دِهاقاً منَ الرّدى،
متى يَشْرَبِ البَاقي بهَا يَتَرَنّحِ
لَقَدْ شَرّدَتْهُ الخَيلُ كُلَّ مُشرَّدٍ،
وَطَرّحْنَهُ يَوْمَ الوَغَى كلَّ مَطْرَحِ
تَنَدّمَ لَمّا أخْلَفَتْهُ ظُنُونُهُ،
وَبَانَتْ خَزَايا مُفسِدٍ غيرِ مُصْلِحِ
وأدْبَرَ مَنْكُوباً برأيٍ مُضَعَّفٍ،
إلى الكَرَجِ القُصْا وَوَجهٍ مُقَبَّحِ
فِراراً، وَعِظْمُ الجيشِ لمْ يُمْسِ مِنهمُ
قريباً، وَتِلْكَ الحَرْبُ لمْ تَتَلَقَّحِ
ولم يأت موسى في الموال عليهم
سرابيل من نسج الحديد الموشح
كَأنّي بطُلاّبِ الأمَانِ قَدِ التَقَوا
بسُدّةِ مَوْصُوفِ الخِلالِ، مُمَدَّحِ
إمامُ هُدًى تأوِي بِهِ مَكْرُمَاتُهُ
إلى مَرْبَعٍ، من بَطنِ مكّةَ، أفيَحِ
لهُ شَرَفُ البَيْتِ الحَرَامِ، وَفَخرُهُ،
وَزَمزَمَ، وَالرّكْنِ العَتيقِ المُمَسَّحِ
متى توعِدوهُ الحَرْبَ يَشغبْ فيَنتَقِمْ،
وَإنْ تَسألوهُ العّفوَ يَعفُ، وَيَصْفحِ
فَعِشْ، يا أمِيرَ المُؤمِنينَ، مُمَتَّعاً
بنَصْرٍ جَدِيدٍ كُلَّ مُمْسًى وَمُصْبَحِ
أعَنْتَ عَلى عَبْدِ العَزِيزِ وَرَهْطِهِ،
وَشيعَتِهِ مِنْ أعْجَمِيٍّ، وَمُفصِحِ
رَدَدْتَ عَلَيْهِ البَغْيَ، حتى صَرعتَه
بتَدبيرِ مَنْصُورِ العَزِيمَةِ، مُنجِحِ
وَلَمّا بَغَى المَخذولُ أيقَنْتُ أنّهُ
فَرِيسَةُ مَشبُوحِ الذّرَاعَينِ، أصْبَحِ