نفست قربها علينا كنود – الشاعر البحتري

نَفّسَتْ قُرْبَها عَلَيناَ كَنُودُ،
وَالقَرِيبُ المَمنوعُ منكَ بعَيدُ
وَأبيهَا، وإن تَفاحَشَ وَهْيٌ
في هَوَاها، وَاختَلّ منها جديدُ
ما وفَي البُعدُ بالدّنُوّ وَلا كَا
نَ قَضَاءً، من الوِصَالِ، الصّدودُ
شَأنُها أنْ تُجِدّ نُقصَانَ عَهْدي،
وَفَنَاءٌ نُقْصَانُ ما لا يَزِيدُ
وَإذا خُبّرَتْ بِظاهِرِ شكوي،
هانَ عِندَ الصّحيحِ أنِّي عَمِيدُ
أيعود الشّبابُ، أمْ مَا يتَوَلّى
مِنْهُ في الدّهْرِ، دَوْلَةً ما تَعودُ
لا أرَى العَيشَ، وَالمَفارِقُ بِيضٌ،
إسوة العَيشُ وَالمَفارِقُ سُودُ
وَأعُدُّ الشّقيّ جَدّاً، وَلَوْ أُعْـ
ـطيَ غُنْماً، حتى يُقالَ سَعيدُ
مَنْ عدَتْهُ العُيونُ وَانصَرَفتْ عنـ
ـهُ التِفاتاً إلى سِوَاهُ الخُدُودُ
وَمَعَ الغانِيَاتِ تَأوِيدُ ودٍ،
لّلذِي في قَنَاتِهِ تَأوِيدُ
طَلَبَتْ أحمَدَ بنَ عبد العَزِيزِ الـ
ـعِيسُ مَرْحُولَةً عَلَيها الوُفودُ
إنْ تَرَاقَتْ بها المَسافَةُ أدْنَا
ها وَجيفٌ إلَيهِ، أوْ تَوْخيدُ
وَاسِطٌ مِنْ رَبيعَةَ بنِ نِزارٍ،
حيثُ تَعلو البُنَى، وَيَزْكو العَديدُ
حازَ قُطَر البلادِ وَاستَغرَقَ الشّرْ
قَ، انتِظاماً، لِوَاؤهُ المَعقُودُ
همة أغربت ببشت زرند
يحسر الخيل نهجها الممدود
يَتصَلّى الهَجيرَ من قيظ كَرْمَا
نَ كَرِيمٌ تُثنَى علَيهِ البُنُودُ
أقعَصَ الفِتنَةَ المُضِلّةَ، حتى
رَحِمَ القَائِمِينَ فيها القُعُودُ
حاشِدٌ دونَ حَوْزَةِ المُلْكِ يحمي
سيفه، مِنْ وَرَائِها، ويَذُودُ
آلَ آلُ الدّجّالِ كالأمسِ لم يَأ
لُ انتِضَاءً، لكُلّ نارٍ خُمُودُ
غابَ عن تلِكُمُ الحَوَائجِ مَن عو
فيَ منها، والأخسَرُونَ شُهُودُ
فَضَّ جُمّاعَهمْ، بَروُذانَ، يوْمٌ
بادَ فيه مَنْ خِلْتُهُ لا يَبيدُ
لمْ يَقُمْ صُفرُهمْ عَشيّةَ زَارَتْـ
ـهُ بجالٌ يُضِيءُ فيها الحَديدُ
نَسَفَتْ حاضرَ الرموم فَما قَا
مَ بتِلْكَ الخِيام، بعد عَمُودُ
وَرَذايَا أخلاق مُوسَى بنِ مَهرَا
نَ على مَنظَرِ المَنايا هُمُودُ
شَرّقُوا بالحَديدِ، إمّا سُيُوفٌ
أثخَنَتْ فيهِمْ، وَإمّا قُيُودُ
يَرْقُبُ القائِمُ المُؤجَّلُ منِهُمْ،
ما ابْتَداهُ المُعَجَّلُ المَحصُودُ
وَقَديماً سَمَا برأي أبي العَـ
ـبّاسِ عَزْمٌ ماضِ، وَرَأيٌ سَديدُ
وَاقِفٌ عِندَ نهية مِنْ نَدَاهُ
يَبتَغي أنْ يزَادَ فيها مَزِيدُ
شِيَمٌ كُلّهُنّ عبْءٌ يُعَنّي
حامِليهِ، مِنْ سأمَةٍ، وَيَؤودُ
لَوْ يُكَلَّفْنَ بالخُلودِ لَقد كا
نَ قميناً ببِعْضِهنّ الخُلودُ
شَدّ ما فُرّقَتْ طَرَائِقُ هذا الـ
ـنّاسِ منها المذْمومُ، والمحمودُ
كلُّ ذَوْبٍ في فارِسٍ من عَطاءٍ،
فهْوَ في تَسْتُرٍ وَجَبْيٍ جُمودُ
أصْبَحَتْ أرّجانُ من دُونِها البُخـ
ـلُ وَمن دون لابَتَيْهَا الجُودُ
يا أبا يُوسُفٍ وَمثلُكَ، عن نَيْـ
ـلِ المَعَالي، مُؤخَّرٌ مَبْلودُ
لَوْ رَأيْنَا اليَهُودَ أدّتْ نِفِيساً،
لَعَجِبْنا إنْ خَسْسَتْكَ اليَهودُ
وَإذا ما احتَظَيْتَ غِلمانَكَ الأعْـ
ـفَارَ بَيّنْتَ فِيهِمِ مَا تُرِيدُ
مَذْهَبٌ في البَلاءِ بَرّزْتَ فِيهِ
قَدْ يُسادُ الشّرِيفُ، ثمّ يسودُ
نَقْمَةٌ أحْرَضَتْكَ نَعْتَدُّ منْها
نِعْمةً، لا يموتُ منها الحَسودُ
قُلْ لنَا، والنجومُ منكَ بِبالٍ،
لِمْ أخَلّتْ بِطالِعَيْكَ السُّعودُ
وَقَفَتْ للرّجوعِ في الثامن الزُّهْـ
ـرَةُ، فابْتَزّ سِتْرَهُ الموْلودُ
وَمَتى ما أنْشَدْتَ شِعْرَكَ لمْ يُعْـ
ـدِمْكَ قَذْفاً، لِوَالدَيكَ، النشيدُ
وَإذا قيلت القَوافي تَهَاوى
رَجَزٌ مِنْ بُيوتِها وَقَصِيدُ
طَلَبَ الذكْرَ، فائِتاً، وَتَسَمّى
بالبَرِيدِيّ، حِينَ مَاتَ البَرِيدُ
أوْقَدَ الله في ضَريحِ أبي الفتــ
ــح ضِرَاماً إذا تَقَضّى يَعُودُ
لَمْ أكنْ أمدَحُ البَخيلَ ولا أقْـ
ـبَلُ نَيْلَ المَمدوحِ، وَهْوَ زَهيدُ