الدورة الدموية: هكذا تعمل بالتفصيل

 يسافر الدم قاصدًا كافة أعضاء الجسم وخلاياه محملًا بالغذاء والأكسجين تارة، أو عائدًا منها محملًا بالسموم والفضلات التي يجب التخلص منها تارة أخرى، فما هي الدورة الدموية؟ تعرف على أجزائها المختلفة وطريقة عملها في هذا المقال.

عندما ينبض القلب فإنه يضخ الدم عبر الأوعية الدموية المنتشرة في كل الجسم التي تشكل سوية مع القلب ما يسمى بالدورة الدموية، أو جهاز الدوران، والأوعية الدموية هي عبارة عن أنابيب مرنة يسير عبرها الدم ليصل إلى وجهته ذهابًا وإيابًا.

عمل الدم لا يقتصر على حمل الأكسجين من الرئتين والغذاء من مصادره إلى الجسم، بل يحمل معه كذلك في رحلة العودة الفضلات والسموم التي يجب التخلص منها مثل ثاني أكسيد الكربون، وما يحدث هنا هو أمر في غاية الأهمية للمحافظة على حيوية واستمرارية عمل كافة أجزاء الجسم، ليبقى الجسم صحيًا وقويًا وسليمًا.

تحتوي الدورة الدموية في الجسم على ثلاثة أنواع من الأوعية الدموية، ألا وهي:

1. الشرايين (Arteries)

أهمها الشريان الأورطي الذي يبدو مغادرًا القلب في أي رسمة تشريحية سوف تراها للقلب، وتحمل الشرايين عامة الدم المحمل بالأكسجين بعيدًا عن القلب لتوصله إلى كافة أنسجة الجسم، وتتفرع الشرايين في طريقها مرارًا لتصبح أصغر فأصغر مع ابتعادها عن القلب.

2. الشعيرات الدموية (Capillaries)

هي الأوعية الدموية الصغيرة والدقيقة التي تربط الشرايين بالأوردة الدموية، وجدران هذه الأوعية الرفيعة تسمح بعمليات تبادل ومرور المواد الغذائية والأكسجين وثاني أكسيد الكربون وغيره من الفضلات عبرها من وإلى خلايا الأعضاء المختلفة.

3. الأوردة (Veins)

تقوم هذه الأوعية بإعادة الدم إلى القلب من جديد في الدورة الدموية للجسم، ويتسم هذا الدم بأنه يفتقر الأكسجين وأنه غني بالفضلات التي يجب تنقية الدم لتغادر الجسم، ويزداد حجم الأوردة كلما اقتربنا من القلب أكثر فأكثر، وهناك نوعان هامان من الأوردة:

• الوريد الأجوف العلوي (The superior vena cava): الذي يقوم بنقل الدم المحمل بالفضلات من الرأس والذراعين إلى القلب.
• الوريد الأجوف السفلي (The inferior vena cava): وهو المسؤول عن نقل الدم المحمل بالفضلات من القدمين ومنطقة البطن والجوف (Abdomen) إلى القلب.

يتواجد القلب في منطقة الصدر يحميه القفص الصدري، ويقع تحديدًا إلى يسار الصدر بين الرئتين، وإذا أمعنت النظر في تركيبة القلب التشريحية من الخارج، ستلاحظ أنه يتكون من كتلة من العضلات، وتنقبض الجدران العضلية القوية للقلب ضاخة الدم فيما يسمى بالدورة الدموية لجسم الإنسان.

1. الأوعية الدموية في القلب

الأوعية الدموية الرئيسة المتصلة بالقلب هي:

• الأورطي (Aorta).
• الوريد الأجوف العلوي والوريد الأجوف السفلي.
• الشريان الرئوي (The pulmonary artery)، المسؤول عن حمل الدم العائد إلى القلب فقيرًا بالأكسجين إلى الرئتين، حيث يتم إعادة إشباعه بالأكسجين.
• الأوردة الرئوية (The pulmonary veins)، التي تعيد الدم المشبع بالأكسجين من الرئتين إلى القلب.
• الشرايين التاجية (The coronary arteries)، التي تزود عضلة القلب بالدم اللازم لجعلها تستمر بالعمل انقباضًا وانبساطًا.

2. غرف القلب وصماماته

يتكون القلب من الداخل من 4 أقسام أو غرف مفرغة، ويفصل بين الجهة اليمنى والجهة اليسرى منه جدار حاجز (The septum)، وتقسم كل من الجهة اليمنى واليسرى من القلب إلى قسمين علوي وسفلي:

• الأذين (Atria): وهي الغرفة العليا التي تستقبل الدم القادم من الأوردة.
• البطين (Ventricles): وهي الغرفة السفلى التي تضخ الدم إلى الشرايين.

يعمل الأذينان والبطينان بحركات انقباض وانبساط لا تتوقف لاستمرار الدورة الدموية، وعندما يغادر الدم أيًا من هذه الغرف فإنه يمر أولًا عبر إحدى صمامات القلب، وللقلب 4 صمامات، وهي:

• الصمام التاجي (Mitral valve).
• الصمام ثلاثي الشرفات (Tricuspid valve).
• الصمام الأبهري (Aortic valve).
• الصمام الرئوي ثلاثي الشرفات (Pulmonic valve).

يقع الصمام التاجي والصمام ثلاثي الشرفات بين الأذينين والبطينين، بينما يصل الصمامان الأبهري والرئوي ثلاثي الشرفات بين البطينين والأوعية الدموية الرئيسة الخارجة من القلب، ووظيفة هذه الصمامات لا تختلف عن وظيفة أي صمام في بيتك، فهي باختصار تمنع عودة الدم وسريانه في الاتجاه الخاطئ.

يعمل جانبي القلب الأيمن والأيسر سوية في عمليات تتكرر يوميًا مرة تلو أخرى دون توقف ليستمر ضخ الدم من وإلى القلب والرئتين وباقي أجزاء الجسم:

• عمليات الجانب الأيمن

هذا ما يحصل بالتفصيل:

1. يدخل الدم إلى القلب عبر وريدين كبيرين، هما الوريدان الأجوفان العلوي والسفلي، ويتم إفراغ ما يحملانه من دم يفتقر الأكسجين في الأذين الأيمن.
2. ينقبض الأذين الأيمن عندها سيندفع الدم إلى البطين الأيمن عبر الصمام ثلاثي الشرفات المفتوح.
3. يمتلئ البطين الأيمن بالدم، فعندها سينغلق الصمام الثلاثي الشرفات مانعًا الدم من العودة إلى الأذين الأيمن إثر انقباض البطين الأيمن.
4. ينقبض البطين الأيمن، بعدها سيخرج الدم منه مغادرًا القلب عبر الصمام الرئوي ثلاثي الشرفات مارًا في الشريان الرئوي الذي يصب في الرئتين حيث يتم تحميل الدم بالأكسجين.

• عمليات الجانب الأيسر

هذا ما يحصل بالتفصيل:

1. يعود الدم المحمل بالأكسجين عبر الأوردة الرئوية ليصب في الأذين الأيسر.
2. ينقبض الأذين الأيسر بعدها سيعبر الدم إلى البطين الأيسر عبر الصمام التاجي.
3. يمتلئ البطين الأيسر بالدم عندها ينغلق الصمام التاجي مانعًا إياه من العودة إلى الأذين الأيسر نتيجة انقباض البطين الأيسر.
4. ينقبض البطين الأيسر ثم يخرج الدم منه مغادرًا القلب عبر الصمام الأبهري إلى الشريان الأورطي ومنه إلى باقي الجسم.

مثله مثل باقي أعضاء الجسم، يتكون القلب من أنسجة بحاجة دائمة للأكسجين والتغذية، وعلى الرغم من أن غرف القلب ملأى بالدم، إلا أن القلب لا يحصل على تغذيته بتاتًا من هذا الدم، بل يتم تزويد القلب بالتغذية عبر شبكة خاصة من الشرايين تسمى الشرايين التاجية.

يتفرع شريانين رئيسين من الشرايين التاجية من الأورطي، تحديدًا بالقرب من نقطة التقاء الأورطي بالبطين الأيسر، وهذان هما:

• الشريان التاجي الأيمن: يزود هذا الشريان البطين الأيمن والأذين الأيمن بالدم.
• الشريان التاجي الأيسر الرئيس: يزود هذا الشريان بقية أجزاء القلب بالدم.

هذان الشريانان وتفرعاتهما مسؤولان عن تزويد عضلة القلب بالدم اللازم لتغذيته، وعند إصابة الشرايين بتضيق يمنع تزويد عضلة القلب بالدم، فقد يلجأ الجسم لفتح شبكة خاصة من الأوعية الدموية تكون بالعادة مغلقة، جاعلًا الدم يتدفق عبرها بطريق التفافية حول الشرايين التاجية المغلقة، وهكذا يتمكن الدم من الوصول إلى عضلة القلب لمنع إصابتها بأي أذى أو ضرر.

يعمل الأذينان والبطينان على الانقباض والانبساط باستمرار وبشكل تبادلي لجعل القلب ينبض ضاخًا الدم إلى كافة أنحاء الجسم، والذي يجعل هذا ممكنًا ويضمن استمراريته هو كهربية القلب، ويتم تحفيز القلب لينبض عبر مجموعة من النبضات الكهربائية التي تصل القلب عبر مسار معين، وفي حالة الراحة يكون نبض القلب الطبيعي بمعدل 50-99 مرة في الدقيقة.

هناك بعض العوامل التي قد تسبب تسريع إيقاع نبض القلب، مثل:

• التمارين الرياضية.
• المشاعر.
• الحمى.
• بعض الأدوية.

قد يتجاوز نبض القلب في حال التعرض لأي من هذه العوامل 100 نبضة في الدقيقة.

هذا ما يحدث بالتفصيل خلال الدورة الدموية الرئوية:

1. يخرج الدم من الصمام الرئوي ثلاثي الشرفات عبر الشريان الرئوي، ويرحل قاصدًا الرئتين كوجهته القادمة، وهذا ما يسمى بالدورة الدموية الرئوية.
2. يوزع الشريان الرئوي الدم في شعيرات دموية صغيرة في الرئتين.
3. يمر الهواء من الحويصلات الهوائية في الرئتين عبر جدران الشعيرات الدموية ليستقر في الدم المتواجد في هذه الشعيرات.
4. ينتقل ثاني أكسيد الكربون وهو إحدى الفضلات الناتجة من عمليات الأيض في الجسم من الدم إلى الحويصلات الهوائية في الرئتين.
5. يخرج ثاني أكسيد الكربون من الرئتين عن طريق الزفير.
6. يصبح الدم نقيًا وحاملًا للأكسجين اللازم، ويعود عبر الأوردة الرئوية إلى الأذين الأيسر.