هل تناول الوجبات الصغيرة والمتعددة الحل لإنقاص الوزن؟

هل تؤيد تناول الوجبات الصغيرة والمتعددة لإنقاص الوزن بدلاً من الوجبات الكبيرة؟ إذا إليك ما اكتشفته هذه الدراسة فيما يخص إنقاص الوزن وتقسيم الوجبات.

هل تناول الوجبات الصغيرة والمتعددة الحل لإنقاص الوزن؟

ذكرت صحيفة الميرور Mirror ” إن تناولَ وجبات صغيرة ومتعددة–تماماً مثل الممثلة جنيفر أنيستون-مفيدٌ لمتبعي الحميات الغذائية في تحقيق خسارة الوزن الصحيّة”، بينما قالت صحيفة ميل أونلاين Mail Online : ” انسَ الوجبات الدسمة الثلاث اليومية-فتناول سِتّ وجباتٍ أصغرَ حجماً أفضلُ للحصول على مُحيطِ خَصْرٍ صِحيّ”.

لكن لا داعي للإسراع لتغيير عدد مرات تناول الطعام في اليوم، لأن هذه الادعاءات بنيت على دراسة صغيرة أساء الإعلام تفسيرها وهَوَّلَها. فقد فقدت النساء في الواقع وزناً متشابهاً بغض النظر عن عدد مرات الوجبات التي تناولنها في اليوم.

تناولت 11 امرأة بدينة في الدراسة نفس المقدار المنخفض من السعرات موزعة إما على وجبتين أو على 6 وجبات في اليوم، وقد خسرت النساء نفس المقدار من الوزن تقريباً في كلا الحميتين.

حافظت النساء اللواتي تناولن 6 وجبات باليوم على الكتلة غير الشحمية (وزن الجسم من العضلات، والأعضاء، والعظام) بشكل أفضل، ولكن حذّرَ المؤلفون من صياغة نتيجة حتمية بناءً على هذه الدراسة.

في المقابل يبدو أن نموذج الحمية ذو الوجبتين قد حَّسن مستويات الكوليسترول “الجيد” أكثر من نموذج الست وجبات. ومع ذلك؛ لم تُقَيَّم الفوائد الصحيّة التي يمكن أن تؤدي إليها هذه الاختلافات.

في المجمل، هذه الدراسة صغيرةٌ جداً على أن تُثبت فيما إن كان نظام الوجبتين يومياً أفضل للأشخاص الخاضعين للحمية أم نظام السِّتِ وجبات. الأمر المهم في الموضوع، هو أن يختار الفرد الطريقة التي تناسبه ويستطيع الالتزام بها من أجل خسارة الوزن أو الحفاظ على الوزن الصحي. 

من أين أتت هذه القصة ؟!

أجرى هذه الدراسة باحثون من جامعة ولاية كاليفورنيا ومراكز بحثية أخرى في الولايات المتحدة، بتمويل من جامعة نيومكسيكو.

تبرعت شركة نوتريسستم(Nutrisystem Inc) بكل المنتجات الغذائية المستخدمة في هذه الدراسة، وهي شركة تجارية لإنقاص الوزن تُعد حصصاً غذائيةً مضبوطة السعرات الحرارية لإنقاص الوزن وتوصلها إلى المنازل.

نُشرت هذه الدراسة في المجلة الطبية المُحَكَّمة: نوترشن ريسيرش Nutrition Research.

لدى صحيفتي الميرور و ميل أونلاين تَغْطِية مُتشابهة جداً، مما يُوحِي بأن هذه القصص مرتكزة على نفس البيان الصحفي، فكِلْتَيهما تقولان بأنّ: ” الأشخاص الذين أكلوا سِتَّ وجباتٍ في اليوم كانت مستويات السكر والأنسولين والكوليسترول لديهم صِحيَّة أكثر”. لكن الأمر غير صحيح.

كانت مستويات الكوليسترول “الجيّد” أفضلَ لدى النساء عندما تَنَاوَلَنْ وَجْبَتَين في اليوم مقارنة بمستوياته عندما تناولن سِتَّ وجبات في اليوم، بينما كانت مستويات الشحوم الأخرى والسُّكر والأنسولين متشابهة جداً بين المجموعتين عموماً، ولم تكن هناك أيّ اختلافات كبيرة لدرجة نَفْي كونها حدثت بالصُّدفةً.

ما نوع هذا البحث؟

كان هذا البحث تجربة تَعَابُريّة مُعشَّاة مُنضَبِطَة (crossover randomised controlled trial) لتقييم فيما إذا كان تقسيم السعرات الحرارية على وجبتين أو سِتِّ وجبات له تأثيرات مختلفة على تركيب الجسم والواسمات الدموية لصحة الجسم.  

تتلقى نفس المجموعة من الناس في التجارب التعابرية (crossover trials) كلا المُدَاخَلَتَين المُقارن بينهما وبترتيب عشوائي.

 هذه المنهجية ملائمة إذا كانت آثار المُدَاخَلات لا تَمْتَدُ لفترة طويلة، لذا فإنها تبدو طريقة أفضل في البحث عن التأثيرات قصيرة الأمد على الواسمات الدموية لكن ليس البَحثُ عن التأثيرات طويلة الأمد على خسارة الوزن.

ماذا تضمن هذا البحث؟

ضًّمَ الباحثون 15 امرأة بالغة بَدِينَة غَيَرَ مصاباتٍ بالداء السُّكَريّ، وكَلَّفُوهنّ عَشْوائياً بتناول حِمْيَة مُنخَفِضَة السُّعْرَات الحرارية بإحدى طريقتين؛ إما على وَجْبَتَين أو على سِتِّ وجباتٍ في اليوم ولمدة أسبوعين، ثم اسْتَرَحْنَ بعدها أُسبوعين قَبْلَ أن يُبدِلن نموذج الحمية إلى النموذج الآخر.

قاس الباحثون خلال مراحل البحث المختلفة تركيب أجسام النساء والواسمات الدموية المختلفة. 

وُزِّعَت نَفْسُ المُنْتَجات الغذائية على المشاركين بشكل حِصَصَ مُعَبَّأة مُسْبَقاً، وذلك في كل مراحل الدراسة. تُقدم هذه الوجبات الغذائية 1,200 سعرة حرارية في اليوم.

أَكلَت المشاركات خلال فترة الاستراحة بين النموذجين أربع مرات في اليوم (3 وجبات أساسية ووجبة خفيفة)، ولَم تُضْبَط بِدِقَّة كمية السوائل المُسْتَهْلَكَة خلال هذه التجربة.

ماذا كانت النتائج الأساسية؟

أَكمَلَت الدراسة 11 امرأة (73%)، وانسَحَبت أربعة مِنْهُن لِأنَّهُن لم يَخْضَعْن للحمية، أو بسبب عوائق زمنية، أو بسبب مواجهة قضايا عائليّة.

فقدت النساء عموماً وزناً خلال الدراسة وانخفض مؤشر كتلة جسمهمن (BMI)، وكذلك محيط الخصر والكتلة الشحمية والنسبة المئوية لدهون الجسم. انخفض مدخول النساء من السعرات الحرارية من 2,207 سعرة حرارية وسطياً إلى 1,200 سعرة في اليوم.

 خَسِرَت النساء مِقداراً متشابهاً من الوزن بعد مُدَّةِ الوجبتين يومياً (2.7%خسارة) ومدة السِّتِ وجبات يومياً (2.0% خسارة)، وخَسِرْنَ كُتْلَةً غَير شَحمِّية أكثر عندما تناولن وجبتين في اليوم (3.3% خسارة) مِمَّا خَسِرْنَهُ عندما تناولن سِتَّ وجباتٍ في اليوم (1.2% زيادة).

لَمْ يَجِد الباحثون أيَّةَ فروقٍ في خَسَارة الكتلة الشحمية أو مُعَدَّل الاستقلاب في حالة الراحة أو مستويات الأنسولين أو السُّكر أو معظم شحوم الدم، عند اختلاف عدد الوجبات في اليوم.

ازدادت مستويات الكوليسترول “الجيد” (HDL، أو البروتين الشحمي عالي الكثافة) عندما تناولت النسوة وجبتين في اليوم (1.3% زيادة) أكثر منه عندما تناولن ست وجبات في اليوم (0.12% زيادة).

كيف فَسَّرَ الباحثون النتائج؟

استنتج الباحثون أنّ الحَدَّ مِن السعرات الحرارية كان وسيلة فعَّالَة لِخَسَارة الوزن.

ترافق استهلاك هذه الكمِّية من السُّعْرات على وَجْبَتَين في اليوم مع تَحَسُّن في مستويات الكوليسترول “الجيد”.

وبالعكس؛ فإنّ استهلاك السعرات الحرارية على سِتِّ وجبات في اليوم حافظ على الكتلة غير الشحمية للجسم خلال إنقاص الوزن، ومِنْ غَيِر الواضح فيما إن كان لأيٍّ من هذه التغَيُّرات تأثيرات مفيدة على الصحة.

الاستنتاج:

وَجَدَت هذه الدارسة التَّعابُريَّة الصغيرة فَرقاً ضئيلاً بين تناول نَفْسِ الكميّة المنخفضة من السعرات الحرارية موزعة على سِتِّ وَجَبَاتٍ في اليوم أوعلى وَجْبَتين فقط.

أَفْضَى كِلا النَّموذجين من الحميَّة إلى خَسارة متشابهة في الوزن، لكن المجموعة التي تناولت سِتَّ وجباتٍ في اليوم خَسِرَت وزناً غيرَ شَحْمِّياً من أجسامها بمقدارٍ أقلَّ، ويشير هذا الأمر بأنهم رُبَّما على سبيل المثال قد فقدوا مقدراً أقلَّ من كتلتهم العضلية.

على أيَّةِ حال، فإنَّ المُؤَلِّفُين أَنْفُسَهم أشاروا إلى ضَرورة الحَذَرِ في تَفْسير نتائجهم عن تركيب الجسم. فَهُم لَمْ يَفْرِضوا قَواعِد صارِمَة على موضوع معاوضة السوائل، وربما تأثرت طُرُقَهم التي استخدموها لقياس تركيب الجسم بِحالة الإماهة لَدى النساء خلال التجربة.

كانت هذه الدراسة صغيرة جداً (15 امرأة بدينة)، وانْسَحَب منها رُبْعُ المشاركات تقريباً قبل انتهاء الدراسة، ورُبَّما حدَّ حَجْمُ الدراسة من قُدْرَتِها على التَّعَرُّفِ على أَهْمِ الفُروقِ بين المجموعتين.

كانت مُدَّةُ الدراسة أيضاً قصيرة جداً، مع أسبوعين لكل تَواتُرِ وَجَباتٍ مَفْحُوصٍ. ربما تكون النتائجُ غَيرَ مُمَثِّلَةٍ لِما قَد تكون عليهِ في مجموعاتٍ أخرى من الناس أكثرَ تَنُّوعاً، أو خلال فترة زمنية أطول، أو ما الذي قد يَتَغَيَّر لو كان على الناسِ أنْ يُحَضِّروا طعامهم بأنفسهم.

في حين أن الأخبار أَوْحَت للناس بأنَّ نتائج الدراسة تُثبِت أنَّ تناول سِتِّ وجباتٍ في اليوم أفضل، ليس من الممكن القول أنَّ هذه هي نتائج الدراسة، إذ ليس من الواضح فيما إذا كانت هذه الفروقات المُلاحَظَة في تركيب الجسم يُعَوَّلُ عليها أو أنه سيكون لها أيَّ تأثيرٍ على الصحة.

الفرق الآخر الوحيد هو أنَّ النساء كان لديهن ارتفاع في مستويات الكوليسترول “الجيد” خلال فترة تناول الوجبتين يومياً، وبالرغم من أنّ هذا يُؤَيِّد نموذج الوجبتين، إلّا أنَّ دوام هذا الفرق أو تقديمه لتأثيرات مفيدة على الصحة-أمرٌ غيرُ واضح.

عموماً؛ يمكن استنتاج القليل جداً من هذه الدراسة، والذي يمكن أن نقوله هو أنّ النساء البدينات يستطعن خسارة وزن إذا تناولن حمية مضبوطة السعرات الحرارية، ولا يبدو أن كيفية تقسيمهن لهذه السعرات ذو تأثير كبير على خسارة وَزْنِهِنْ على المدى القصير.

سَجَلتْ بعض المُشاركات في التجربة شُعورهن بالارتياح لنموذج الوجبتين يومياً، بينما سجلت الأخريات عكس ذلك. يؤدي الوصول إلى الوزن الصحي والحفاظ عليه لجلب فوائد للصحة، وعلى الناس أن يستخدموا أيَّ تواترٍ للوجبات يساعدهم على تحقيق هذا الهدف.

 


من قبل
ويب طب –
الأحد 2 آب 2015


آخر تعديل –
الأحد 10 كانون الثاني 2021


المرجع : webteb.com