هل يخفف حبس النَفَس أثناء الحقن من الألم؟
العديد من الأشخاص يخافون الحقن، والتي في كثير من الاحيان لا مناص من أخذها، فهل من سبل للتخلص من ألم الحقن؟ وهل حبس النفس قد يكون كفيلاً بذلك؟
هل تكره الحُقن؟ استناداً إلى تقارير Mail Online: “يزيد حبس النَفَس من تحمل الأَلَم الناتج عن الحقن”. حيث قام فريقٌ من البَاحِثين الإسبان بتطبيق ضغطٍ ميكانيكيٍ على أصابع 38 متطوعاً لتوليد شعورٍ بالأَلَم.
بالنسبةِ للمرحلةِ الأولى من التجربة، طُلب من المجموعة حبس أنفاسهم قبل وخلالَ الأَلَم العاصر المطبق. في المرحلة الثانية طلبَ منهُم الشهيق ببطء ٍخلال تطبيق الأَلَم. سجل المتطوعون الذين حبسوا أنفاسهم شعوراً أقل بالأَلَم عموماً مقارنةً مع أولئك الذين قاموا بالشهيق ببطء.
تقول الفرضية التي تستند على هذه التقنية أنَّ حبس النَفَس يزيد من ضغط الدم، ما يؤدي لإنقاص حساسية الجهاز العصبي، ما يعني إنقاص إدراك أيّ إشارات للأَلَمِ. إلا أنّه قبل تجريب ذلك، من المهم القول بأن الاختلاف في إدراك الأَلَم كان صغيراً جداً –فوصل في حده الأقصى لـ 0.5 درجة اختلاف على معيار من 0 إلى 10. كما أنّه لم تُقارن نتائج أنماط التنَفَس الاختبارية مع التنَفَس الطبيعي، لذلك لا نعلمُ حقيقة فيما إذا كان ذلك ذو فائدةٍ عامةٍ في إنقاص إدراك الأَلَم، إلا بمقارنة كل نمط بالآخر.
فلا ننصح بتغيير عادات التنَفَس لتفادي الشعور بالأَلَم بالاعتماد على نتائج هذه الدِراسَة.
من أين جاءت الفكرة؟
نُفِذت الدِراسَة من قبل بَاحِثين من جامعة جين في إسبانيا، وموّلت من قبل وزارة العلوم والإبداع الإسبانية. ونشرت في مجلّة مراجعة الزملاء: طب الألم.
عموماً، سجلت الـ Mail Online القصّة بدقةٍ. فشرح مديرو الدِراسَة في مقالهم أنّ حبس النَفَس لن يؤثر على الشعور بالألم في الإصابات غير المتوقعة، كالخطو على دبوسٍ أو صدم إصبع القدم. غير أنّه يمكن أن يفيد في حال البدءِ بحبسِ النَفَس قبل هجوم الألم – كما في توقع وخزة الإبرة.
ووازن Mail Online النتائج من خلال الإشارةِ لآراء العلماءِ الآخرين الذين انتقدوا النتائج. حيث قالوا بأن الانخفاض بشعور الأَلَمِ كان صغيراً، وأشاروا أن حبس النَفَس يمكن أن يجعل العضلات أكثر توتراً، مما يزيد من الأَلَم في بعض الظروف، كما في حالة الولادة.
ما نوع هذا البحث؟
اهتمت هذه الدِراسَة التجريبية على البشر فيما إذا كان حبس النَفَس سيؤثر على إدراك الأَلَم.
وَضّح البَاحِثون أن حبس النَفَس فوراً بعد استنشاقٍ عميقٍ ينقص من معدل ضربات القلب ويزيد من ضغط الدم. مما يحفز المستقبلات الحساسة للضغط المسماة baroreceptors فترسل إشاراتٍ إلى الدماغ لتخفيض ضغط الدم.
يحدث هذا عبر النشاط المخفض للجهاز العصبي الودي، والذي يشترك في استجابة “المحاربة” أو “الفرار” تجاه الخطر. عندما يعمل هذا المنعكس كما ينبغي، فإنّه يضمن عدم رفع ضغطِ الدم بشكل مفرط.
يقول البَاحِثون بأنَّ تثبيط هذا الجزءِ من النظام العصبيّ يمكن أن ينقص أيضاً الحساسية للألَم. أراد البَاحِثون في هذه الدِراسَة اختبار نظريتهم بأن رفع ضغط الدم الناتج عن حبس النَفَس يمكن أن ينقص من إدراك الأَلَم.
على ماذا شَمل البَحث؟
استخدم البَاحِثون آلة للضغط على أصابع 38 متطوعٍ بالغ بتطبيق ضغوطٍ مختلفةٍ لتحفيز الشعور بالأَلَم. وطلب من المتطوعين إمّا الاستنشاق ببطء أو حبس أنَفَاسهم بعد شهيق عميق قبل تطبيق الضغط.
حلل البَاحِثون تصنيف الأَلَم في نمطي الأَلَم لرؤية فيما إذا كان هناك اختلاف. فاختُبر المتطوعون بدايةً لإيجاد مقدار الضغط الذي يرونه مؤلماً وتحديد ثلاث عتباتٍ شخصية للألم.
اختبر نموذجي التنَفَس وقورنا عند كل متطوع. تمثّل الأول بالشهيق ببطء لمدة سبع ثواني على الأقل خلال تطبيق الأَلَم. في حين تضمن الآخر على أخذ نفسٍ عميقٍ ثم حبس النَفَس خلال تطبيق الأَلَم وبعدها الزفير لسبع ثواني بدون الإجبار الذاتي على الزفر.
مارست كلا المجموعتين نموذجيّ التنَفَس قبل بدءِ التجربةِ حتى أصبحوا متأكدين من أنّهم يمكن أن يقوموا بذلك بشكلٍ مناسب. حالما استقر المتطوعين على نمط التنفس، عصر إصبع واحد لكل متطوّع ميكانيكياً لمدةِ 5 ثواني. وكان بمقدور المتطوعين التنَفَس بشكل طبيعي بعد العصر.
طلب من المتطوعين تقييم الأَلَم على مقياس Likert من 0 (غير مؤلمٍ إطلاقاً) إلى 10 (ألم شديد جداً). أعيدت التجربةُ على نَفَس الأشخاص باستخدام 3 عتباتٍ للألم لكل حالةٍ من حالتي التنَفَس.
عرف المتطوعون أنّ التجربة كانت حول التنَفَس والأَلَم، لكن لم يتم إخبارهم عن أي نموذج من التنَفَس يتوقع فريق البحث أنه سينجح.
ما هي النتائج الأساسية؟
كان معدل الأَلَم أعلى في المجموعة التي تنفست ببطء مقارنةً مع المجموعة التي حبست نَفَسها. وطبق ذلك في كل عتبات الأَلَم التي اختبرت.
أبطأ كلا نموذجيّ التنَفَس ضربات القلب، إلا أنّه كان أسرع قليلاً في حالة حبس النَفَس كما كان الاختلاف أكبر.
كيف فسّر البَاحِثون النتائج؟
استنتج البَاحِثون أنّه “خلال حبس التنَفَس، كان إدراك الأَلَم أقل مقارنةً بحالة الشهيق البطيء؛ وكان هذا التأثير مستقلاً عن تحفيز ضغط الأَلَم”.
وحول مقتضيات نتائجهم قالوا: “قد تكون هذه المناورة التنَفَسية البسيطة وسهلة الإجراء مفيدة كطريقةٍ بسيطةٍ لإنقاص الأَلَمِ في الحالات التي يكون فيها الأَلَمِ قصير المدة وحاداً أو متوقّعاً (على سبيل المثال: التدخل الطبي المتضمن الحقن والمعالجة العظمية وفحص الإصابات… وهلم جر).
الخلاصة
استخدمت هذه الدِراسَة الصغيرة البشرية آلة عصر الأظافر لتسبب الألم لدى 38 متطوعاً. ووجدت أنَّ أولئك الذين حبسوا أنفاسهم قبل تحفيز الأَلَم صنّفوا شعورهم بالألم دائماً بدرجة أقل مقارنةً مع أولئك الذين تنَفَسوا ببطءٍ.
كان الاختلاف بين مجموعتي التنَفَس صغيراً جداً، لكنّه مهمٌ إحصائياً. فأكبر اختلافٍ في الأَلَم بدا أنّه أقل من 0.5 نقطة على مقياس من 10. وأهميةُ ذلك بالنسبةِ للطبيبِ والمريض يعتبر موضعاً للجدل.
وبشكل مشابه، قارنت هذه الدِراسَة بين حالتي تنَفَس مصطنعتين. لم تجرى المقارنة مقابل مقاييس ألم عند الناس في حالة التنَفَس الطبيعي. يمكن أن يكون ذلك مفيداً، حيث أنّه يعطينا فكرةً عمّا إذا كان أحد نوعي التنَفَس أو كلاهما أفضل من التنَفَس الطبيعي.
استناداً إلى هذه النقطة، أبلغ Mail Online أنّه: “هبط الأَلَم الذي شعر به المتطوعون على مقياس من 1 إلى 10 بمقدار نصف درجة من 5.5 إلى 5 عند حبسهم لأنفاسِهم”. “ولم يكن ذلك واضحاً تماماً فيما إذا كان الكلامُ عن الاختلاف بين المجموعتين أو عن نقص الأَلَم المطلق المجرب المتعلّق بالتنَفَس الطبيعي.
لم يكن هذا الرقم واضحاً في البحث المنشور، فقد يكون أتى من إحدى المقابلاتِ. وفي حال كان ذلك صحيحاً، فإن ذلك يبرز صغر الانخفاض الحاصل بالشعور بالأَلَم.
كما عَرَف المتطوعون أنّهم ضمن تجربةٍ تدرس ارتباط الأَلَم بالتنَفَس. توقعات المشاركين العامّة حول التأثير المحتمل لنوعيّ التنَفَس يمكن أن يُحيّز النتائج. لذلك فإنّ القيام بدراساتٍ أكبر قائمةٌ على التعمية والعشوائية يمكن أن يُنقصَ فرصة هذا التحيز أو أي تحيز آخر.
عموماً، أظهرت هذه الدِراسَة أن تغير نموذج التنَفَس يمكن أن يقلل من إدراك الأَلَم – لكنّ قد لا يكون مثل هذا الانخفاض الصغير مفيداً بأي وسيلةٍ عملية.
يمكن أن توجد بعض المخاطر من حبس النَفَس للتحكم بالأَلَم. على سبيل المثال، يمكن الشعور بخفةٍ عابرة في الرأس أو فقد للوعي، أو حصول شدٍ عضلي، والذي يمكن أن يعيق سهولة الحقن.
في حال القلق حول الحقن، يمكن إخبار الخبير الصحي الذي يقوم بالحقن بذلك. حيث أنّه يمكن أن يقوم ببعض الإجراءات لجعل الحقن أقل تسبباً للتوتر.
المرجع : webteb.com