التهديد أكثر من مجرد إساءة معاملة الأطفال
دراسة حديثة تبين بانه قد يكون لحالات التنمر(التهديد أو الترهيب) تأثير بعيد المدى أكبر من إساءة معاملة الأطفال!
ذكرت ديلي ميل في تقرير صحفي لها أن “أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر هم عرضة لخطر القلق أكثر من الأطفال الذين يتعرضون لإساءة المعاملة بخمس مرات”. فقد اكتشفت دراسة تبحث في أطفال كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وجود ارتباط بين ترهيب الأطفال والقلق، والاكتئاب، وإيذاء الذات في مرحلة البلوغ.
حيث تم اكتشاف أن الأشخاص الذين تعرضوا للتنمر من أقرانهم في مرحلة الطفولة هم أكثر عرضة لمشاكل الصحة العقلية في مرحلة الشباب من أولئك الذين تعرضوا لسوء المعاملة من قبل الكبار، بما في ذلك والديهم.
ولكن العناوين الرئيسية مضللة – حيث لا يعكس هذا الرقم إلا نتائج دراسة الولايات المتحدة فقط. في حين أن نتائج المملكة المتحدة التي هي جزء من هذه الدراسة، حيث تشمل ما يزيد عن مثل عدد الأطفال التي أجريت عليهم الدراسة في الولايات المتحدة بثلاث مرات، لم تكن مفاجئة تقريبا.
وهناك أيضا بعض المشاكل التي تتعلق بالطريقة التي صممت بها هذه الدراسة. حيث إنها تعتمد على الأطفال وآبائهم الذين يقررون تجاربهم الذاتية، والذي من شأنه أن يقلل من موثوقية النتائج. حيث إنه لأسباب واضحة، قد يقلل الآباء من أهمية معاملتهم السيئة لأطفالهم.
وعلى الرغم من ذلك فقد استنتج المحرر أنه ينبغي على المدرسة وخدمات الصحة والوكالات الأخرى أن تنسق استجابتها لإرهاب الأطفال الذي يبدو مقترحا متاحا.
فإذا كنت قلقا حيال تعرض طفلك للإرهاب، فمن الضروري أن تتحدث أنت أو طفلك أو كلاكما معا إلى المدرسة. وعليك أن تسألهم عن سياستهم المضادة لإرهاب الأطفال، والتي يجب على كل مدرسة تطبيقها بموجب القانون. ويمكنك هذا من الإطلاع على كيفية تخطيط المدرسة لمنع وتناول حالة تنمر الأطفال.
من أين نشأت القصة؟
وقد أجرى هذه الدراسة باحثين من جامعة وارويك ومركز ديوك الطبي، وكلاهما في المملكة المتحدة.
وقد قام بتمويل الدراسة ويلكوم ترست، ومجلس الأبحاث الطبية، ومجلس البحوث الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المتحدة، والمعهد الوطني للصحة العقلية والمعهد الوطني لتعاطي المخدرات، ونارساد (المنحة المهنية المبكرة)، ومؤسسة ويليام تي جرانت في الولايات المتحدة.
وقد تم نشره في المجلة الطبية لاستعراض الأقران، ومجلة لانسيت للطب النفسي على أساس الوصول المفتوح، لذلك فإن الوصول إليها وقراءتها مجانيان على الإنترنت فضلا عن التحميل كملف بي دي إف.
وقد تمت تغطية الدراسة على نطاق واسع من قبل وسائل الإعلام. وعلى الرغم من ذلك، فإن تأكيد ميل على أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر هم أكثر عرضة لخطر القلق من الذين يتعرضون لإساءة المعاملة من الكبار بخمس مرات، مضلل.
وقد ذكر هذا الرقم في مصادر إخبارية أخرى فضلا عن البيانات الصحفية المصاحبة، ولكنه لا يعكس إلا نتائج الدراسة في الولايات المتحدة فقط، ولم تكن أرقام نتائج الدراسة في المملكة المتحدة، التي تشمل ما يزيد عن عدد أطفال الولايات المتحدة بثلاث مرات، مفاجئة.
ما هو نوع هذا البحث؟
هذا البحث عبارة عن دراسة جماعية تستكشف آثار الصحة العقلية طويلة المدى للتنمر في مرحلة الطفولة مقارنة بالأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة من الكبار.
ويقول الباحثون إن سوء المعاملة من قبل الكبار في مرحلة الطفولة، مثل الإهمال والقسوة والاستغلال الجنسي، هو مدعاة للقلق العام الشديد. وقد تبين أنها تزيد من خطر اعتلال الصحة النفسية، وتعاطي المخدرات ومحاولات الانتحار.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الاعتداء اللفظي والجسدي (التنمر) من قبل الأطفال الآخرين هو أيضا قضية عالمية، مع واحد من كل ثلاثة أطفال في جميع أنحاء 38 دولة تم الإبلاغ عن التعرض للتنمر فيها. وقد يكون لها أيضا آثارا سلبية مماثلة في مرحلة البلوغ.
ويهدف الباحثون إلى معرفة ما إذا كان اعتلال الصحة النفسية هو نتيجة لكل من سوء المعاملة وتنمر الأطفال، أو أن لتنمر الأطفال تأثير مستقل.
ما الذي يتضمنه البحث؟
لقد استند البحث إلى اثنين من الدراسات الجماعية المستمرة الضخمة على الأسر. وتشتمل إحدى هاتي الدراستين على عدد 4026 طفل من المملكة المتحدة، في حين تشتمل الأخرى على عدد 1420 طفل من الولايات المتحدة.
وتهدف الدراسة في المملكة المتحدة إلى النظر في صحة الأطفال ونموهم خلال مرحلة الطفولة وما بعدها. وكان المشاركون من النساء الحوامل الذين يقع تاريخ الولادة المتوقع لهن بين أبريل 1991 وديسمبر 1992.
من المدة الأولى للحمل، ينهي الآباء والأمهات دراسة الاستبيانات البريدية عن صحة أنفسهم وصحة الطفل ونموه.
قدمت الأم معلومات عن سوء المعاملة لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 أسابيع و 8.6 سنوات، وتقارير حالات التنمر التى يتعرض لها أطفالهم عندما كانت تتراوح أعمارهم بين 8 و 10 و 13. وقد تم تقييم مصطلح “سوء المعاملة” على أنه يعبر عن الاعتداءات الجسدية أو العاطفية أو الاعتداء الجنسي، أو “سوء التكيف الخطير مع الآباء”.
حضر الأطفال عيادات التقييم السنوية، بما في ذلك المقابلات التي تدور وجها لوجه والاختبارات النفسية والجسدية، من سن السابعة وما فوق.
وتستند الدراسة في الولايات المتحدة على عينة من ثلاث مجموعات من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و 11 و 13 عاما والذين تم تعيينهم للدراسة عام 1993. كما أجريت مقابلات مع الآباء والأمهات والأطفال بشكل متكرر وسئلوا عن التنمر وسوء المعاملة.
وقد شمل ذلك أي اعتداء جسدي أو اعتداء جنسي، أو تأديب قاسي من الوالدين. وقد تم فحص الأطفال فيما يتعلق بمشاكل السلوكية والاضطرابات النفسية حتى مرحلة الشباب.
وقد تحكم الباحثون في النتائج بالنسبة للعوامل التي يعتقد أنها تزيد من خطر إساءة معاملة الأطفال والتنمر، بما في ذلك الإساءة للأطفال التي تتعلق بجنس الطفل وتعسر حالة الأسرة والصحة النفسية للأم. وقد قام الباحثون بتقييم تلك العوامل خلال فترة الحمل بالنسبة لدراسة التعرض للمملكة المتحدة، وإستنادا إلى المقابلات السنوية مع الآباء والأمهات والأطفال بالنسبة لدراسة التعرض للولايات المتحدة.
ما هي الأسس التي قامت عليها هذه النتائج؟
اكتشف الباحثون أن:
- تشير النتائج التي أجريت على دراسة التعرض الأمريكية ، على أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر والإرهاب هم أكثر عرضة للمعاناة من القلق بمعدل خمس مرات عن الأطفال الذين تعرضوا لإساءة المعاملة (معدل الأرجحية لدراسة التعرض الأمريكية [أو] 4.9؛ 95% من مدى الثقة 2 – 12).
- و في مجموعة المملكة المتحدة، مقارنة بالأطفال الذين أسيئت معاملتهم، فإن الأطفال الذين كانوا يتعرضون للتنمر أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب (أو 1.7، 1.1 – 2.7) والإيذاء النفسي (أو 1.7، 1.1 – 2.6).
- و في دراسة التعرض الأمريكية، كان الأطفال الذين أسيئت معاملتهم ولكن لم يتعرضوا للتنمر أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في مرحلة الشباب بمعدل أربع مرات مقارنة بالأطفال الذين لم يتعرضوا لإساءة المعاملة أو التنمر (أو 4.1، 95% من مدى الثقة 1.5 – 11.7).
- و في دراسة تعرض المملكة المتحدة، لم يتعرض الأطفال الذين تعرضوا لسوء المعاملة و ليس التنمر لخطر متزايد للتعرض لأي مشكلة من مشاكل الصحة النفسية مقارنة بالأطفال الذين لم يتعرضوا لسوء المعاملة أو التنمر.
- و في كل من دراسات التعرض، كان الأطفال الذين تعرضوا لكل من سوء المعاملة والتخويف/البلطجة في خطر متزايد للتعرض لمشاكل الصحة النفسية العامة، والقلق والاكتئاب مقارنة بالأطفال الذين لم يتعرضوا لسوء المعاملة أو التخويف/البلطجة. و في دراسات التعرض للمملكة المتحدة، كانوا أيضا في خطر الإيذاء النفسي.
- و في كل من دراسات التعرض، فإن الأطفال الذين كانوا يتعرضون للتخويف من قبل أقرانهم ولم يتعرضوا لسوء المعاملة من الكبار هم أكثر عرضة لمشاكل الصحة النفسية من الأطفال الذين أسيئت معاملتهم ولكن لم يتعرضوا للتخويف (دراسات التعرض للمملكة المتحدة 1.6، 95٪من مدى الثقة 1.1 – 2.2؛ دراسات التعرض للولايات المتحدة 3.8، 95% من مدى الثقة 1.8 – 7.9).
كيف نعالج ضحايا الاعتداء الجنسي؟
كيف يفسر الباحثون النتائج؟
ويقول الباحثون أن التعرض للتنمر من قبل الأقران في مرحلة الطفولة له آثار عكسية طويلة المدى عموما أسوأ على الصحة النفسية للشباب عن الذين يتعرضون لسوء المعاملة من الكبار.
ومما تجدر الإشارة إليه أن لهذه النتائج آثار مهمة لتخطيط الصحة العامة وتطوير الخدمات للتعامل مع تنمر الأقران، التي تمت مناقشتها.
الخاتمة
تجعل مجموعتا النتائج المستخلصتين من دراسات تعرضية مختلفة للمجموعات هذه الدراسة مربكة للغاية. فعلى سبيل المثال، تسلط الفكرة العامة والبيان الصحفي الضوء على الزيادة بنسبة 4.9٪ في القلق المترتب عندما يتعرض الأطفال للتنمر فقط، مقارنة بالأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة من الكبار. ولكن هذا الرقم لا يأتي إلا من قبل الدراسات التعرضية للولايات المتحدة فقط.
وجدير بالذكر أن مدى الثقة لهذا الرقم واسع جدا، مما يشير إلى أنه قد لا تكون موثوقية. و في الدراسات التعرضية للمملكة المتحدة، كان الخطر المتزايد للقلق بين أولئك الذين كانوا يتعرضون للتنمر صغير، ولكن هذا لم يتم إدراج في الفكرة العامة أو البيان الصحفي.
وقد اعتمدت الدراسة على الإبلاغ الذاتي لكل من الكبار والأطفال عن التنمر أو سوء المعاملة التي تعرضوا لها من الكبار، والذي من شأنه أن يقوض من موثوقية الدراسة. وقد يكون الكبار خاصة أقل ميلا لتقرير سوء المعاملة التي قاموا بها بأنفسهم أو من قبل شريك لهم، على الرغم من أن المؤلف حاول تصميم الدراسة بطريقة تحول دون هذا. أيضًا، كما أشار المؤلفون، فإن الدراسة لا تميز بين سوء المعاملة من الكبار وقساوة الآباء والأمهات.
الإهمال العاطفي والعنف ضد الاطفال!
و في الدراسات التعرضية للمملكة المتحدة، لم يكمل جميع الأطفال تقييم الصحة النفسية في سن 18عاما. حيث إن الذين كانوا يتعرضون للكثير من المشاكل الأسرية أكثر عرضة للتخلف، مما يقلل من موثوقية النتائج بدوره. فضلا عن أنه من الممكن أن يكون هناك بعض التحيز في الاختيار من بين هؤلاء الناس الذين وافقوا على المشاركة في الدراسة في المقام الأول.
فضلا عن أن الدراسة فشلت أيضا في أن تأخذ بعين الاعتبار التسلط عبر الإنترنت، على الرغم من أن المؤلف يقول وقد أظهرت الدراسات السابقة وجود تداخل بين الأشكال “التقليدية” للبلطجة والتسلط عبر الإنترنت.
وعبر كل من الدراسات التعرضية، فإن حوالي 40٪ من الأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة يتعرضون للتنمر أيضا. وكما يشير المؤلفون، فمن الممكن أن يؤدي التعرض لسوء المعاملة إلى جعل الأطفال أكثر عرضة للتعرض للتنمر، أو أن كلا النوعين من الإساءة لديهما عوامل خطر مشتركة.
المرجع : webteb.com