صناعة الشمع

الشمع

شاع استخدام الشمع اليوم كعُنصر للديكور، وزينة في المنزل، مُتَّخِذاً أشكالاً، وأحجاماً، وألواناً مختلفة، كما أنّه يُستخدَم في العديد من المُناسبات، والاحتفالات؛ وقد يُستخدَم بهدف توفير إضاءة غير كهربائيّة لأغراض مختلفة؛ فالشموع تمتلك نظامَاً ذاتيّاً للإضاءة؛ حيث تتكوَّن من جُزأين رئيسيَّين هما المسؤولان عن عمليّة الإضاءة؛ أحد هذين الجُزأين هو الوقود المصنوع من مادّة شمعيّة تُدعَى (البرافين)؛ وهي عبارة عن هيدروكربون ثقيل يُستخرَج من النفط الخام، أمَّا الجزء الآخر فهو الفتيل المصنوع من نوعٍ من الخيوط الماصَّة، ومن الجدير بالذكر أنَّ مبدأ عمل الشمعة بسيط، فعندَ إشعال الفتيل تُساهم الحرارة الناتجة عن احتراقه في انصهار مادّة البرافين، فيمتصُّ الفتيل الشمع السائل، ويسحبه إلى الأعلى، ومع حرارة اللَّهب فإنَّ مادّة البرافين تتبخَّر؛ فيحترق هذا البُخار بفعل اللَّهب مُعطياً الضوء، وعندما تنطفئ الشمعة يستطيع المرء رُؤية بخار البرافين المُتكثِّف ذي اللون الأبيض مُنطلقاً من الفتيل، وتجدُر الإشارة إلى أنَّ السرَّ في عدم احتراق الفتيل عندَ إشعاله لفترة طويلة هو أنَّ الشمع المُتبخِّر يُساعد على تبريد الفتيل المكشوف، ويحميه من الاحتراق الكامل.[١]

خُطوات صناعة الشمع

تتمّ صناعة الشمع في المصانع المُخصَّصة بذلك؛ باستخدام موادّ خام أساسيّة، وضمنَ خُطوات مُحدَّدة، وفيما يلي ذِكرٌ مُختصَر لعمليّة صناعة الشمع:

الموادّ المُستخدَمة

تُستخدَم في تصنيع الشموع مجموعة من المُكوّنات الأساسيّة، والموادّ المُضافة التي قد تختلف من مصنع إلى آخر، أو حسب نوع الشمع المُصنَّع، عِلماً بأنَّه يُستخدَم في تصنيع الشموع التجاريّة نسبة 60% من البرافين، و35% من حَمض الستياريك، و5% من شمع العسل، وقد تُضاف إلى بعض الشموع مادّة مُستخرَجة من نخيل الكارنوبا تُدعى الشمعدان، أو شمع الخارنوبا، وتُساعد هذه المادّة على تنظيم درجة التليُّن، أو الانصهار للشمع، وهناك نوع آخر من الشموع يُطلق عليه اسم شمع النحل؛ وهو مُصنَّع من شمع الحشرات، ومن البرافين، مع إضافة كمّية صغيرة من الشمع المُقوَّى، وهناكَ ما يُطلَق عليه اسم شمع بايبيري، والذي يمتلك رائحة مُميَّزة؛ وذلك لكونه مصنوعاً من ثمر العلّيق البريّ، وهو يُستخدَم لأغراض مُعيّنة خاصَّة في عيد الميلاد المسيحيّ، أمّا مادّة الفتيل فهي مصنوعة من مادّة القُطن، أو الكتّان؛ حيث تتمّ حياكة القُطن، أو الكتّان باتّجاهٍ واحدٍ للأعلى، وبطريقة مُلتفَّة.[٢]

صناعة الشمع

تتضمَّن عمليّة تصنيع الشمع ثلاث مراحل رئيسيّة؛ للحصول على شكله النهائيّ، وهي كالآتي:[٢]
  • صُنع الفتيل: لصُنع الفتيل يتمّ تجهيز القُطن، أو الكتّان؛ وذلك بحياكتهما بشكلٍ مُلتفّ، ثمّ يخضع الفتيل لعمليّة مُعالجة بوضعه في موادّ كيميائيّة، أو محلول ملح غير عُضويّ؛ فتتسبَّب هذه العمليّة في انحنائه بمقدار 90 درجة عندما يتمّ حرقه؛ وذلك حتى يبقى جزء من الفتيل للخارج، ويحترق بسرعة مُعتدلة، وتكمن أهمّية هذه العمليّة بكونها تمنعُ احتراق الفتيل بشكلٍ سريع، ممَّا قد يُؤدّي إلى انطفاء الشُّعلة، كما أنَّها تمنعُ احتراقه بشكلٍ بطيء، ممَّا قد يُؤدّي إلى انصهار الشمع بشكلٍ أسرعَ من احتراق الفتيل، وبالتالي يجعل الشُّعلة خَطرة.
  • صُنع المادّة الرئيسيّة للشمع: تُوضَع الموادّ المُكوِّنة للشمع في غلّايات معدنيّة ضخمة، وتُعرَّض للحرارة حتى تَصِل لمرحلة الانصهار، بعدَ ذلك تتمّ إزالة الشوائب عن طريق تصفية الشمع المُنصهر، وتُضاف إلى الشمع العُطور، والأصباغ المختلفة.
  • صبُّ الشمع: كانت الشموع قديماً تُصبُّ في آلاتٍ يدويّة حتى تتشكَّل، أمَّا الآن فتُستخدَم آلات قادرة على إنتاج كمّيات كبيرة من الشمع في فترة زمنيّة قصيرة، وتتكوَّن هذه الآلات من قوالب مصنوعة من القصدير، وذات أسطح مصقولة، ومُدبَّبة قليلاً؛ لتسهيل إخراج قالب الشمع، ولهذه القوالب ثقوب من كلا الطرفَين يتمّ سحب الفتيل من خلالها، وبعد ذلك يُترَك الشمع قليلاً؛ حتى يبرد، ثمّ يُصبُّ في القوالب، حيث تكون هذه القوالب ساخنة؛ فيتوزَّع فيها الشمع بالتساوي، وبعد ذلك تُبرَّد القوالب؛ لتسريع عمليَّة تصلُّب الشمع.
  • بثق الشمع، وتجهيزه: يتمّ سحب الشمع من القوالب عن طريق تعريضه للضغط في آلات البثق؛ والتي تتمثَّل وظيفتها في بثق الشمع بصورة مُتتابعة؛ ليتمّ تقطيعه بأحجام مختلفة أثناء عمليّة البثق، ثمّ يتمّ تشكيل الشمع عن طريق قواطع الدوران، ويُعبَّأ في آلات تعمل بشكلٍ تلقائيّ.

نبذة تاريخيّة عن الشمع

تُعتبَر الشموع أحد أقدم الاختراعات في التاريخ؛ إذ يعتقد المُؤرِّخون أنَّ أوَّل شمعة تمّت صناعتها على يَد رَجُل بدائيّ كانت من الأغصان الجافّة المُغطّاة بالدُّهون الحيوانيّة التي تُعطي إضاءة خافتة، أمَّا تاريخ بداية استخدام الشمع بصورة مُؤكّدة فيعود إلى 3000 سنة ق.م في مصر، وفي جزيرة كريت؛ إذ كانوا يعتمدون في تشكيلها على موادّ ليفيّة مُختلطة مع الشمع، أو الشحم الأبيض الحيوانيّ، وقد كانَ استخدام الشموع قديماً غير محصور في الإنارة، والديكور؛ حيث استُخدِمت كوسيلة لتحديد فترة زمنيّة مُعيّنة في المزادات؛ وذلك بإدخال دبّوس في الشمعة، وتُترَك الشمعة حتى تنصهر، فينخفض ​​الدبّوس؛ ليدُلّ بذلك على انقضاء وقت مُعيَّن، وتجدر الإشارة إلى انتشار الشموع بشكل كبير في أوروبا في العُصور الوُسطى؛ إذ وَصل عدد صانعي الشمع في تلك الفترة إلى 71 خبيراً، وقد تغيَّرت الموادّ المُستخدَمة في صناعة الشموع عبر التاريخ؛ إذ كانت فتائل الشموع تُصنَع من القصب، ثمّ أصحبت تُصنَع من الألياف الطبيعيّة، أمَّا الفتيل الذي يُستخدَم اليوم في صناعة الشموع فيعود تاريخه إلى عام 1824م؛ إذ صنع الفرنسيّ (جان جاك) الفتيل من قُطن مُلتوٍ، ممَّا يسمح باحتراقه بشكلٍ مُتساوٍ، أمَّا المادّة التي تُصنَع منها الشموع فقد بدأت من الدُّهون الحيوانيّة، أو النباتيّة، ثمّ استُخدِم شمع العسل في تصنيعها حتى القرن 19م، والذي حوَّل فيه الفرنسيّ (ميشيل أوجين) الأحماض الدُّهنيّة من الجلسرين إلى حمض ستياريك، وأُضيفَ إلى الحمض لاحقاً شمع مأخوذ من تجويف رأس حوت العنبر، إلّا أنَّ هذا الشمع كانَ ذا رائحة غير طيّبة، وقد استُبدِل خلال ستينيّات القرن 19م بشمع البرافين المُصنَّع من النفط.[٢][٣]

المراجع

  1. “How does a candle work?”, home.howstuffworks.com,1-4-2000، Retrieved 24-10-2018. Edited.
  2. ^ أ ب ت Jim Acton, “How candle is made”، www.madehow.com, Retrieved 24-10-2018. Edited.
  3. Thinley Kalsang Bhutia (9-2-2018), “Candle”، www.britannica.com, Retrieved 24-10-2018. Edited.