صناعة السفن في عمان

عُمان والبحر

تتمتعُ سلطنةُ عُمان بموقعٍ جُغرافيٍ مُتميز؛ حيث تُطلّ على خليج عُمان شمالاً، وبحر العرب جنوباً؛ وللسلطنة سواحل البحرية الطويلة؛ حيث يبلغ طولها حوالي ألفٍ وسبعمئة كيلو متر، ومُنذ قديم الزمان؛ تميّز باعتيادهم على الحياة البحرية، واستغلال ثرواتهم لصالح تطوير حياة الإنسان العُماني، وكان لهم بذلك نشاط بحري كبير، دفعهم إلى صناعة السفن، وهذا ما سوف نتحدث عنها في هذا المقال.

صناعة السفن في عُمان

إنّ صناعة السفن في عُمان ليست صناعةً حديثة؛ بل إنّها تعود إلى آلاف السنين؛ حيث كانت تتميّز مراكب عُمان، باستخدام الألياف عوضاً عن المسامير، لربط أجزاء المركب ببعضها البعض، وكان شراع المركب، يمتدُ من مقدمته إلى نهايته، على عكس الشراع العريض المُربع، كما كان طرفي المركب، يتشابهان في الشكل.

صناعة السفن قديماً

لم يكتف العمانيون بالتمتع بخيرات البحر، المحيط بهم من نواحٍ عدّة، وصناعة المراكب الصغير، بل خاضوا الرحلات البحرية البعيدة؛ التي بنوا من أجلها السفن الضخمة؛ وكانت هذه السفن تحتاجُ أصنافاً مُعيّنةً من الخشب الصُلب المتين، كخشب الساج، والفيني، والفنس؛ التي لم تكن تتوفّر في عُمان؛ لكن بحكم علاقة تُجار وبحّارة عُمان الجيّدة مع أهل الهند، تمكّنوا من الحصول على الأنواع المختلفة من الخشب اللازم لصناعة سُفنِهم الكبيرة، ونظراً لصعوبة الذهاب للهند لجلب الأخشاب، ثم البِدء بصناعة السُفن؛ كان بعضُ التجارِ يختارون الذهاب إلى حيث يكون الخشب متوفراً في الهند، ويصنعون السفن هناك، ثم يعودون إلى سواحلهم البحرية، ويبدؤون رحلاتهم البحرية في عُرض البحر.

صناعة السفن حديثاً

استمرّت صناعة السفن في سلطنة عُمان إلى وقتنا الحالي؛ وأصبحت هذه الصناعة معروفةً على مستوى الوطن العربي، لا سيما في منطقة الخليج العربي؛ وتُعدّ مناطق صور، ومطرح، وصحار، والباطنة، وظفار، ومسندم، أهمّ الأحواض المُخصّصة لبناء السفن في السلطنة.

منطقة صور شرق عُمان هي أشهر أحواض بناء السفن العُمانية، وهي تبعد عن العاصمة مسقط نحو ثلاثمئة وخمسين كيلو متراً وفيها العديد من المصانع الشهيرة لبناء السُفن، وقد ورث أبناؤها حُبّ هذه المهنة عن أجدادهم وآبائهم.

حول طريقة الصناعة فإنّ الباني للسفينة؛ لا ينفّذُ أسلوباً هندسياً جاهزاً، بل يتتبع حدسه الفني في ذلك، ومستخدماً مهاراته في التصنيع؛ وبذلك يتميّز أهل عُمان بحرفيةٍ عالية في بناء السفن، لا تشمل التصنيع فحسب؛ وإنّما إعداد التصميم الفوري للسفينة، في الوقت نفسه الذي تُبنى فيه؛ فالرسم والبناء يتمّان في وقتٍ واحد.

إنّ صانعي السُفن الصوريّة (نسبةً إلى صور) يُزيّنون مراكبهم بالأشكال المحفورة؛ من الأهِلِة والورود، إلى جانب كتابة الأقوال المأثورة والحِكم، وكانت صناعة السفن الكبيرة تحتاج عاماً بطوله، فيما تتطلّب مراكب الصيّد الصغيرة؛ نحو ثلاثةِ أشهرٍ فقط، وكان السُكان يُطلقون على تلك المراكب؛ العديد من الأسماء المُشتقة من اللهجة العُمانيّة؛ مثل القِنجة، والسنبوق، وأبو بوز، والهوري، وغيرها الكثير من الأسماء.