ومهتزة الأعطاف نازحة العطف – الشاعر البحتري
وَمُهْتَزّةِ الأعْطافِ نازِحَةِ العَطْفِ
مُنَعَّمَةِ الأطرَافِ، فاترَةِ الطَّرْفِ
تَثَنّى على قَدٍّ غَرِيبٍ قَوَامُهُ،
وَتَضْحَكُ عَن مُستَعذَبٍ أفلجِ الرَّصْفِ
إذا بَعُدَتْ أبْلَتْ وَإنْ قرُبتْ شَفَتْ،
فَهِجْرَانُهَا يُبْلي، وَلُقيانُهَا يَشفي
بَذَلْتُ لهَا الوُصْلَّ الذي بَخُلَتْ بِهِ،
وَأصْفَيْتُها الوِدّ الذي لم تكُنْ تُصْفي
وَأبْدَيْتُ وِجْداني بهَا وَصَبَابتي،
وَإنّ الذي أُبْدي لَدونَ الذي أُخفي
دُنُوّاً فقد تَيّمتِ بالبُعدِ والنّوَى،
وَوَصْلاً فقَد عَنّيتِ بالصّدّوَ الصَّدفِ
أما يَظْفرُ المَحرُومُ عندَكِ بالجَدا،
وَلا يَطمَعُ المظلومُ عندَكِ في النَّصْفِ
لَعَمْرُ أميرِ المُؤمنينَ لَقَدْ كفَى
نَوَائِبَ دَهْرٍ، مِثْلُهُ مِثلَها يكفي
غَدا وَهوَ كَهْفُ المُسلمينَ وَرِدْؤهم،
فأكرِمْ بهِ من رِدْءِ قَوْمٍ وَمن كَهْفِ
كَرِيمِ السّجايا وَافرِ الجُودِ وَالنّدَى،
فلا ناقصُ النُّعمى وَلا جامدُ الكفّ
يَحِنُّ إلى المَعْرُوفِ، حتى يُنيلَهُ،
كَما حَنّ إلْفٌ مُستَهامٌ إلى إلْفِ
وَيَقْلَقُ حتى يُنجِزَ الوَعدَ مثلَ مَا
يُجافي الذي يَمِشِي على رَمَضِ الرَّضْفِ
مَتى مَا أَصِفْ أَخلاَقكَ الغُرَّ تعترِضْ
غراَائبُ أَفعالٍ تَزيدُ على الوَصْفِ
وَإمّا أَعِدْ نَفسِي علَيكَ، رَغيبَةً
من النَّيلِ، أصْبحْ في أمان من الخُلفِ
وَما ألْفُ ألفٍ من جداكَ كَثيرَةٌ،
وَكَيفَ أخافُ الفَوْتَ عندكَ في ألفِ