فليقل خيراً أو ليصمت

رُويَ عن الإمام و مُسلِم – رحمة الله عليهم أجمعين – عن طريق أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه، قال :

روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  أنه قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان بالله واليوم الآخر فليكرم جاره )

يحث هذا الجديث على وصل الأعمال بالإيمان بالله حيث لا يجوز ولا يُقبل أي عمل للإنسان بدونه، وهو أهم شرط لقبول الأعمال ،فلا يقبل من الكفار أي عمل يقوم به ،ولابد أن يكون مؤمن لكي يُقبل منه، في قوله تعالى ( وما منعهم أن تُقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا) سورة التوبة (54).

شرح الحديث:

تفسير الحديث ( من كان يؤمن بالله واليوم الىخر فليقل خيراً او ليصمت) قيل بعض الأقاويل والتفاسير في المقصود بهذا الحديث هل المقصود أنه لا يقول خيراً او يقول كل ما سمِع من كلام الشر ؟

وهل المطلوب منه أنه لا يؤمن بالله واليوم الآخر ؟ و بكل تأكيد أنه ليس هذا المطلوب من الحديث، المقصود بهذا الحديث الإيمان الكامل ،فلا يخرج الإنسان عن إيمانه أو ننعته بالكافر إذا تلفظ بالشر، وهذا ما أجمع عليه الفقهاء والعلماء وهو المراد به هو الإيمان الكامل بعيداً عن الزلأَّت الخفيفة التي يقع بها الإنسان.

(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً ) فهنا المعنى المراد من هذه الفقرة من الحديث هو كل ما يخرج من اللسان سواء كان هذا بالقول أو الفعل من خلال تقديم الخير والنفع للآخرين أو لنفسه، والأمور التي من خلالها توجيه الناس وان ننصحهم، وأمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وقيامنا بتوجيههم ودعوتهم وبيان لهم طريق الهدى ( من دل على هدى فله مثل أجر فاعله).

والأمور التي تقال باللسان أن تعود منافعها على الشخص نفسه مثل قراءة القرآن وذكر الله دائماً وأبداً،ويوجد لدينا معناه مشابه للمعنى الموجود في الحديث الموجود لدينا وهو :

(من رأي منكم منكراً فليغيره بيده) فيمكن عند رؤية شئ مخالف للشريعة الإسلامية أو من الكبائر فإن استطعنا ان نقوم بتغيره بيدنا فلنفعل، ( فإن لم يستطع فبلسانه ) ويعتبر هذا هو الشاهد أنه يدخل في قول الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بأن يقوم بإرشادهم للمعروف وأداء الواجبات عند إرتكابهم للمحرمات والكبائر.

ومفهوم السكوت يأتي من خلال قولنا ( أو ليصمت ) فيجب على الشخص أن يتأمل الذي يريد ان يتكلمه إذا كان خيراً يقوله ويتلفظ به، ويجب ان يكتشف ما سيحصل عليه او ما الذي سيستفيده عند الكلام، والكلام في الخير أفضل من السكوت، وأهم عامل هو ان يكون الكلام هو خالص لوجه الله تعالى لا بقصد الإستعلاء أو التباهي، والشخص الذي لا يستطيع التلفظ إلا بالشر والكلام السئ فليسكت أفضل، ولكن الذي يكون دائما ساكت ولا يتكلم يكون أخرس، والذي يكون يتكلم في الوقت المناسب فقط هو شخص حكيم.