أهل الحديث

الاهتمام بالقرآن الكريم

اعتنى المُسلمون مُنذ بداية فجر الإسلام الأوّل بحِفظ ما يسمعونه من رسولِ الله – صلى الله عليهِ وسلّم -، خُصوصاً ما كانَ يُوحى إليهِ عليهِ الصلاةُ والسلام من كِتاب الله تعالى وهوَ القُرآن الكريم، فقد كانَ من الصحابة – رِضوانُ الله تعالى عنهُم – كتبةٌ للوحي وحفظةٌ له.

لما خُشِيَ على حفظةِ كتاب الله تعالى في زمن حُروب الرِدّة، بعدَ وفاةِ النبي – عليهِ الصلاةُ والسلام – جمعوا القُرآن الكريم من صُدور الرّجال ليكونَ مكتوباً ومدوناً في صحيفة، وهذا من باب حفظ الله تعالى لكتابه العزيز، الذي تكفّل به، وهيأ لهُ أسباباً على أيدي البشر.

الاهتمام بالسنة الشريفة

الأمر الآخر الذي اهتمّ به الصحابة هوَ سُنّة النبي – عليهِ الصلاةُ والسلام – والتي حُفظت من خِلال الرّواية المُتواترة عنهُ – عليهِ الصلاةُ والسلام -، فقد كان الصحابة – رضوان الله تعالى عنهُم – ينقلون كُلّ ما يسمعونُه من حديث رسولِ الله – عليهِ الصلاةُ والسلام -.

الحديث هوَ كُلّ ما ورَد عن النبي – عليِه الصلاةُ والسلام – من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ، أو صفةٍ خَلقية أو خُلُقية، وفي هذا المقال سنتطرق للحديث عن بعض الأمور المُتعلقة بسُنّة النبي – عليهِ الصلاةُ والسلام – وهيَ اتبّاع سُنّته، واقتفاء أثره، وهذا ما يكون بفعل أهل الحديث الذين هُم محور هذا المقال.

أهل الحديث

لمُصطلح أهل الحديث معانٍ كثيرة، ولعلّ المعنى الأوّل يُطلق على الذينَ اشتغلوا بحديث رسولِ الله – صلى الله عليهِ وسلّم -، أمّا الصِنفُ الآخر فهُم من سارَوا على منهجِ النبي – عليهِ الصلاةُ والسلام – من غير ابتداعٍ في الدين أو زيادةٍ عليه، وهؤلاء هُم أهلٌ للسنّة والحديث، سواء كانوا ممّن عُرفوا بتدوين الحديث من خاصّة أهل العِلم، أو من عامّة المُسلمين الذين ينتهجون أثرَ النبي -عليهِ الصلاةُ والسلام-.

نقولُ بأنَّ عامّة المُسلمين ممن هُم على هديِ النبي – عليهِ الصلاةُ والسلام – هُم أهلٌ للحديث، أي إنّ هذا تخصيصٌ يُراد به التزامهُم بالآثار النبوية، واقتفاءهم لنهج النبيّ الكريم – عليهِ الصلاةُ والسلام- .

كذلك يَقع على من هم على هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وَصف أهل الحديث دونَ غيره من الأوصاف؛ لأنَّه في زماننا هذا وفيما سبقهُ ظهرتْ جماعاتٌ تُؤمن فقط بما جاءَ بالقُرآن الكريم ويُنكرونَ السُنّةَ النبوية جُملةً وتفصيلاً، وهذا ليسَ من الدينِ في شيء؛ فالإسلام جِسمٌ واحد لا ينفكُ عن بعضه ولا ينفصل، فما جاءَ بهِ النبي – عليهِ الصلاةُ والسلام – هوَ حقّ؛ فهوَ صادقٌ ومُسددٌ بالوحي الأمين، وبالتالي فإنَّ السُنّة النبوية هيَ مصدرٌ رئيسٌ من مصادر التشريع الإسلامي، وعليهِ فإنَّ أهلَ الحديث هُم من يؤمنون بما جاءَ بهِ الدين كاملاً مُكتملاً.