من أول من دون الحديث
الحديث
يعدّ الحديث بأنّه الركن الثاني في التشريع والأحكام الإسلامية بعد القرآن الكريم. نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن تدوين الحديث في عهده كي لا يختلط بالقرآن الكريم ومع قلة المواد التي يكتب عليها والأدوات الكتابية، وكذلك في عهد الصحابة كان الاعتناء بكتابة القرآن وجمعه في عهد أبي بكر الصديق إلى عهد عثمان لمّا أمر بنسخ المصحف، وظلّ وضع الحديث هكذا إلى أن جاء عهد عمر بن عبد العزيز حيث أرسل إلى أبي بكر بن حزم قاضيه على المدينة قائلاً: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دوس العلم وذهاب العلماء.. وعمّم هذا الأمر إلى جميع الأمصار.
ومن الأسباب الأخرى التي دعتهم إلى تدوين الحديث موت الصحابة والعلماء، وكثرة الوضع في الحديث.
وتبع عمر بن عبد العزيز ابن شهاب الزهري لأنّه أعلم رجل بالسنّة في ذلك الوقت، فدوّن كل ما سمعه من الصحابة، ولكن يشكل غير مبوب ومفصل، ثمّ جاء التصنيف والتبويب للأحاديث حسب المواضيع، ثم تبعه بعد ذلك تلاميذه مالك بن أنس عالم أهل المدينة.
منهج العلماء في جمع الحديث وتدوينه
- بعد أن كان حفظ الحديت في الصدور أصبح هناك من يضع في الحديث، لذلك بدأ التابعون بجمع الحديث وتحرّي الصحيح ووضع شروط لقبول الحديث.
- دوّن الحديث في أوّل الأمر من غير ترتيب مختلط مع أقوال الصحابة والتابعين والأئمة، ظهر في هذا الوقت موطأ مالك (176) هجري الذي صنَّفه على مسائل الفقه، جامعاً بين المرفوعات والموقوفات والمقاطيع ورأي علماء المدينة ورأيهم.
- بدأ أفراد السنة بالتدوين، وكان ذلك مع نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث الهجري، حين أخذ العلماء في جمع الحديث مجرداً في مصنفات مستقلة.
- تنوّعت مناهج المصنفين في هذه الفترة؛ منهم من جمع الحديث الصحيح وقسمه إلى أبواب فقهية مثل (الإمام البخاري) ومنهم من ألف المسانيد مثل (مسند الإمام أحمد) تقسيم على اسم الراوي: وظهرت كتب السنن مثل (سنن أبي داود).
- جاء دور التهذيب بعد أن فرغ العلماء من تبيان الحديث الصحيح من الحديث السقيم، بعد القرن الرابع جاء التأليف، فاستوجب ذلك العناية بالحديث من كل الجوانب؛ حيث ظهرت كتب الأطراف، وكتب الزوائد، وكتب الجوامع التي حاولت استقصاء السنة، وكتب الشروح للمتون، وكتب غريب الحديث، وكتب المصطلح، والكتب التي تجمع نوعاً معيناً من الحديث، والكتب المتواترة.