طريقة ختم القرآن في أسبوع
التحذير من هجر القرآن الكريم
وردت في القرآن الكريم آية تُحذّر المسلمين من هَجر القرآن الكريم؛ وهي التي شكا فيها الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى ربّه هَجر القرآن الكريم؛ قال -تعالى-: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)،[١] والهجر هنا بمعنى: التَّرْك، والإعراض،[٢] وقد جعل الله -تعالى- لهاجر القرآن عقوبة في الدُّنيا، وهي العيشة الصعبة الشاقّة؛ قال -عزّ وجلّ-: (وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا)،[٣][٤] وهَجر كتاب الله -تعالى- هو نتاج الجهل بما له من فضل وعَظَمة؛ فقراءة القرآن الكريم لها ثواب، ومنزلة رفيعة في الدُّنيا والآخرة، والمسلم إذا أدرك ذلك، جعله رفيقه وأنيسَه في جميع وقته؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ).[٥][٦]
طريقة خَتم القرآن في أسبوع
كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يُدوامون على خَتم القرآن الكريم في كلّ أسبوع مرّة، وطريقتهم في ذلك هي تحزيب القرآن الكريم؛ إذ يقرؤون السُّور الثلاث الأولى منه، وهي: البقرة، وآل عمران، والنساء، وذلك في اليوم الأوّل، أمّا في اليوم الثاني، فيقرؤون السُّوَر الخمس التي تليها، والتي تبدأ بسورة المائدة وتنتهي بسورة براءة، وفي الثالث السُّوَر السَّبع التي تليها، والتي تبدأ بسورة يونس وتنتهي بسورة النحل، وفي الرابع السُّور التِّسع التي تليها، والتي تبدأ بسورة الإسراء وتنتهي بسورة الفرقان، ثمّ السُّور الإحدى عشر في اليوم الخامس، والتي تبدأ بسورة الشعراء وتنتهي بسورة يس، وفي السادس السُّور الثلاث عشر التي تليها، والتي تبدأ بسورة الصافات وتنتهي بسورة الحجرات، أمّا في السابع، فكانوا يقرؤون المُفصَّل من السُّور، والتي تبدأ من سورة ق وتنتهي بسورة الناس،[٧] وتجدر الإشارة إلى أنّه يمكن خَتم القرآن الكريم في ثمانية أيّام؛ وذلك بقراءة أربعة أجزاء منه في كلّ يوم.[٨]
حُكم خَتم القرآن في أسبوع
يُسَنّ عند المالكيّة والحنابلة خَتم القرآن مرّة في الأسبوع؛ واستدلّوا على ذلك بقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لعبدالله بن عمرو -رضي الله عنه-: (اقْرَأِ القُرْآنَ في كُلِّ شَهْرٍ قالَ قُلتُ: إنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قالَ: فَاقْرَأْهُ في عِشْرِينَ لَيْلَةً قالَ قُلتُ: إنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قالَ: فَاقْرَأْهُ في سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ علَى ذلكَ)،[٩] إلّا أنّ المالكية نصّوا على أنّ التدبُّر والفَهم في القَدْر القليل أفضل من الإكثار؛ لقوله -تعالى-: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ)،[١٠] وقد بيّن الحنابلة كراهة تأخير خَتمه إلى أكثر من أربعين يوماً، وذهب الحنفيّة إلى استحباب محافظة حافظ القرآن على خَتم القرآن كلّ أربعين يوماً؛ لأنّ القَصْد من حِفظه وتلاوته هو فَهمه، وتدبُّره، والعمل بما جاء فيه، وعدم الاقتصار على قراءته فقط.[١١]
وقد صرّح النووي من الشافعيّة بأنّ خَتم القرآن يكون حسب الشخص، ومَقصده من الخَتم؛ فإن كان من أصحاب العلم الشرعيّ وهو يقرؤه ليُبيّن العلوم التي فيه، فإنّه يقرأ حسب ما يتحصّل له ذلك، وإن كان غير ذلك، فالأفضل له أن يُكثِر من تلاوته إلى الحَدّ الذي لا يملّ منه،[١١] وقد بيّن الإمام ابن قدامة أنّ قراءة القرآن كلّ سبعة أيّام مُستحَبّة -كما تقدَّم القول-؛ فتكون للمسلم ختمة كلّ أسبوع، وقد كان الإمام أحمد بن حنبل يفعل ذلك؛ فيختم القرآن قراءة نَظَر بين كلّ جمعة وجمعة.[٧]
المراجع
- ↑ سورة الفرقان، آية: 30.
- ↑ محمد إسماعيل المقدم، سلسلة علو الهمة، صفحة 8، جزء 18. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية: 124.
- ↑ محمود الملّاح (2010)، فتح الرحمن في بيان هجر القرآن، الرياض: دار خزيمة للنشر التوزيع، صفحة 26، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2910، صحيح.
- ↑ محمود الملاح (2010)، فتح الرحمن في بيان هجر القرآن (الطبعة الأولى)، الرياض: دار ابن خزيمة للنشر والتوزيع، صفحة 41، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب “كيف يقسّم القرآن ليختمه في كل أسبوع ؟”، islamqa.info، 9-7-2017، اطّلع عليه بتاريخ 1-6-2020. بتصرّف.
- ↑ “كم مرة تريد أن تختم في رمضان”، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-6-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1159، صحيح.
- ↑ سورة النساء، آية: 82.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة ، صفحة 58-59، جزء 33. بتصرّف.