تعريف بسورة الفرقان

سورة الفرقان

سورة الفرقان من السورة المكيّة، ما عدا آياتها الثامنة والستين، والتاسعة والستين، والسبعين فهي آيات مدنيّة، وهي من السور المثاني، وعدد آياتها سبع وسبعون آية، وترتيبها السورة الخامسة والعشرين من سور القرآن الكريم في الجزء التاسع عشر والحزب السادس والثلاثين والسابع والثلاثين تحديداً الربع الأوّل والثاني، وقد نزلت بعد سورة “يس”، وبدأت بالثناء على الله جلّ وعلا “تبارك”، وفيها سجدة في آياتها الستين، واسم السورة هو اسم من أسماء القرآن الكريم “الفرقان” أي الذي يفرّق بين الحقّ والباطل، والآية الأولى فيها: “تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا”.

سبب تسمية السورة وسبب نزولها

سورة الفرقان سورة من سور القرآن الكريم سميّت بهذا الاسم لأنّ الله جلّ وعلا ذكر فيها الكتاب الكريم الذي أنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد “صلّى الله عليه وسلّم”، والذي كان النعمة الكبرى التي منّ بها على العباد، والذي يفرّق بين الحقّ والباطل، والكفر والإيمان، والظلام والنور، ولذلك سميّ الفرقان.

أمّا فيما يتعلق بسبب نزول بعض آيات هذه السورة، فقد قال البعض: “أنّ أُبيّ بن خلف وعقبة بن أبي معيط كانا متحالفين، وكان عقبة لا يقدم من سفر إلا صنع طعاماً، فدعا اليه أشراف قومه وكان يكثر مجالسه النبي، فقدم من سفره ذات يوم فصنع طعاماً فدعا الناس ودعا رسول الله إلى طعامه، فلمّا قرب الطعام قال رسول الله: “ما أنا بآكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله”، فقال عقبة: “أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله؛ فأكل رسول الله من طعامه، وكان أبيّ بن خلف غائباً فلما أُخْبِرَ بقصته قال: صبأت يا عقبة، فقال: والله ما صبأت، ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له فاستحيت أن يخرج من بيتي ولم يطعم فشهدت فطعم، فقال اُبيّ: ما أنا بالذي رضي منك أبداً إلا أن تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ عنقه؛ ففعل ذلك عقبة فأخذ رحم دابة فألقاها بين كتفيه فقال رسول الله: لا ألقاك خارجاً من مكة إلا علوت رأسك بالسيف؛ فقتل عقبة يوم بدر صبراً، وأما أبيّ بن خلف فقتله النبي يوم أحد في المبارزة، فأنزل الله تعالى فيهما هذه الآية وقال الضحاك: لما بزق عقبة في وجه رسول الله عاد بزاقه في وجه فتشعب شعبتين فأحرق خديه وكان أثر ذلك فيه حتى الموت”.

محور السورة

هذه السورة تدور محاورها الرئيسة حول إثبات صدق رسالة محمّد صلوات الله عليه وسلامه، وأنّ القرآن مبعوث ومنزّل من الله تعالى، كما وتدور حول عقيدة الإيمان بالجزاء والبعث، كما ووردت فيها بعض القصص للموعظة والعبرة.

كما أنّ في تفسير السيد قطب لهذه السورة يرى أنّ السورة قامت بالتركيز على أربعة محاور رئيسة؛ أوّلها التسبيح لله وحده، وحمده على نعمة القرآن الكريم، ثانيها: توضيح تطاول الكافرين والمنافقين على الله تعالى، وثالثها ذكر لبعض المشاهد الكونيّة التي تعتبر دليلاً قاطعاً على إبداعه في الخلق سبحانه، كذكر الليل والنهار، وذكر الظل، وذكر الرياح، وغيرها من مظاهر الحياة، ورابعها وصف لعباد الله الذين يسبّحونه ويعبدونه حقّ عبادته.

فهذه السورة تمّ تقسيمها إلى عدّة مواضيع؛ يبدأ فيه الله جلّ وعلا آياتها بالحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلّم وبعثته إلى بني البشر وجعل القرآن الكريم معجزته الذي ينذر فيها البشر إلى يوم الدين، ثمّ يعرض لموقف الكافرين من هذا القرآن وكيف الردّ عليهم في ذلك، سواء بعرض موقفهم من الرسول صلى الله عليه وسلّم نفسه، ثمّ تقرير توحيد الله وبيان مهمّة الرسول وهي هدي البشرية إلى عبادة الله دون الإشراك به، ثمّ يبين نفور المشركين من هذا الدين، كما ويختمها بسمات وصفات عباد الرحمن الذي يتبعون هدي الله في رسالته السماويّة.