يمكرون والله خير الماكرين

يمكرون والله خير الماكرين

يقول الله عز وجل في سورة الأنفال : ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) .

هذه الآية في سياق ما ذكر الله سبحانه وتعالى من مكيدة المشركين ومكرهم برسول الله – صلى الله عليه وسلم – حينما تآمروا على قتله وترصدوا له ينتظرون خروجه – عليه الصلاة والسلام – فأخرجه الله من بينهم ولم يشعروا به , وذهب هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه واختبيا في الغار ( غار ثور) قبيل الهجرة الى المدينة ثم ان الله سبحانه وتعالى صرف أنظارهم حينما وصلوا الى الغار , والنبي – صلى الله عليه وسلم – مختبئ فيه هو وصاحبه , و وقفوا عليه ولم يروه .

حتى ان أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله لو نظر أحدهم الى موضع قدمه لأبصرنا, فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم :- ( يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ) .

فأنزل الله جل وعلا : ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذا أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ) سورة التوبه
هذا هو المكر الذي مكره الله جل وعلا لرسوله – صلى الله عليه وسلم – بأن أخرجه من بين أعدائه ولم يشعروا به مع حرصهم على قتله وإبادته ثم إنهم خرجوا في طلبه , و وقفوا على المكان الذي هو فيه , ولم يروه لأن الله صرفهم عنه كما قال تعالى : ( وإذا يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) سورة الانفال .

وهذا المكر المضاف الى الله جل وعلا والمسند إليه ليس كمكر المخلوقين, لأن مكر المخلوقين , مذموم وأما المكر المضاف إلى الله سبحانه وتعالى فإنه محمود , لآن مكر المخلوقين معناه الخداع والتضليل , وإيصال الأذى إلى من لا يستحقه , أما المكر من الله جل وعلا فإنه محمود : لأنه إيصال للعقوبة لمن يستحقها فهو عدل ورحمة .