ما حكم الحج

أركان الإسلام

إنّ لكلّ بناءٍ أركان وقواعد يقوم ويرتكز عليها، والإسلام يقوم على مجموعةٍ من القواعد والأركان والأسس، وهي عبارة عن أعمال صالحة أمر بها الله -تعالى- ليقوم بها المسلم‘ حيث إنّها تبدأ بشهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله، ثمّ بإقامة الصلاة، ثمّ بإيتاء الزكاة، ثمّ بصوم رمضان، ثمّ بحجّ البيت لمن استطاع إليه سبيلاً، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ)،[١] وكلّما كانت أركان البناء قويّة وثابتة كلّما صمد وثبت، وكذلك كلّما اجتهد المسلم في الأعمال الصالحة ومنها أركان الإسلام وحرص عليها، كلّما بقي ثابتاً في وجه الفتن.[٢]

حكم الحجّ

يعدّ الحج ركناً من أركان الإسلام فرضه الله -تعالى- على كلّ مسلم قادر مرةً واحدةً في العمر، وممّا يدلّ على ذلك: قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أيها الناسُ قد فُرِضَ عليكم الحجُّ فحُجُّوا، فقال رجلٌ: أكُلَّ عامٍ يا رسولَ اللهِ؟ فسكتَ حتى قالها ثلاثاً، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: لو قلتُ نعَم لوجبَتْ ولما استطعتُم، ثمّ قال: ذَروني ما تركتُكم، فإنّما هلك من كان قبلَكم بكثرةِ سؤالِهم واختلافِهم على أنبيائِهم، فإذا أمرْتُكم بشيءٍ فأْتُوا منه ما استطعتُم، وإذا نهيتُكم عن شيءٍ فدَعُوه)،[٣] فالحجّ لا يجب على المسلم إلّا مرةً واحدةً في العمر، ومن الجدير بالذكر أنّ فضل الحجّ عظيمٌ جداً؛ حيث إنّه كفّارة لجميع الذنوب الكبيرة والصغيرة بشرط ألّا يكون في الحجّ رفث ولا فسوق ولا معصية لله عزّ وجلّ، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن حجَّ للهِ، فلم يَرفُث ولم يَفسُقْ، رجَع كيوم ولدَته أمُّه)،[٤] والحجّ المبرور ليس له جزاءً إلّا الجنة، بالإضافة إلى أنّه أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله والجهاد في سبيله، كما أنّه سببٌ لفتح أبواب الرزق على العبد المسلم وذهاب همّه وحزنه، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعُمرةِ فإنَّهما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديدِ والذَّهبِ والفِضَّةِ وليس للحَجَّةِ المبرورةِ ثوابٌ دونَ الحجة).[٥][٦]

شروط الحجّ

إنّ شروط الحجّ هي الأمور الواجب تحقّقها وتوفّرها في العبد حتى يصبح الحج فرضاً عليه، وبيانها على النحو الآتي:[٧]

  • الإسلام: فلا يجب الحجّ على الكافر، وإن حجّ الكافر لم يُقبل منه، حيث قال الله تعالى: (وَما مَنَعَهُم أَن تُقبَلَ مِنهُم نَفَقاتُهُم إِلّا أَنَّهُم كَفَروا بِاللَّهِ وَبِرَسولِهِ وَلا يَأتونَ الصَّلاةَ إِلّا وَهُم كُسالى وَلا يُنفِقونَ إِلّا وَهُم كارِهونَ).[٨]
  • العقل: حيث إنّ التكاليف تسقط في حال زوال العقل، والمجنون زال عقله فيسقط عنه الحجّ.
  • البلوغ: فلا يجب الحجّ على الطفل حتى يبلغ الحُلم، ومن علامات البلوغ: ظهور شعر العانة، وإنزال المني، وبلوغ الخامسة عشر من العمر، وتُضاف علامة الحيض للإناث بالإضافة للعلامات.
  • الحريّة: إذ إنّ وجوب الحجّ يلزمه الحريّة ولكنّ المملوك يفقدها.
  • الاستطاعة: ويجب أن تكون الاستطاعة بالمال والبدن، أمّا الإستطاعة بالمال فيجب أن يكون المال فائض عن الحاجات الأساسية من النفقات وسداد الديون والالتزامات، وأن يكفي المال للذهاب والعودة والنفقات، وأمّا الاستطاعة بالبدن فيجب أن يكون لدى الحاجّ قوّة ليستطيع بها إنهاء مناسك الحجّ، ومن أشكال الاستطاعة: وجود مُحرم مع المرأة، إذ لا يجوز للمرأة السفر سواءً للحجّ أو لغيره من غير مُحرم، وسواءً أكانت شابةً أم عجوزاً، وسواءً أكان السفر قصيراً أم طويلاً.

أركان الحجّ

إن أركان الحجّ هي الأعمال التي لا ينعقد الحجّ إلّا بها، فمَن فاته ركن من الأركان ولم يستطع تعويضه قبل انتهاء وقته بطل حجّه، وبيان أركان الحجّ على النحو الآتي:[٩]

  • الإحرام: يبدأ الإحرام من الميقات المكاني، حيث إنّ الرجل يخلع كلّ ما يفصّل أعضاء الجسد بحيث يرتدي لباساً فضفاضاً، وأمّا المرأة تبقى بلباسها المعتاد إلّا أنها لا ترتدي النقاب ولا القفازين، وينوي الحاجّ الإحرام بقلبه، ويُمنع على المُحرم قصّ الشعر والأظافر، وجماع الزوجة، واستخدام الطيب، والصيد، ولباس المخيط من الثياب، وتغطية الرأس للرجل أمّا المرأة بحيث لا يظهر من رأسها شيء.
  • طواف الإفاضة: ويكون الطواف بالكعبة المشرفة مقدار سبعة أشواط.
  • السعي بين الصفا والمروة: ويجب أن يكون السعي سبعة أشواط في الممر الموجود بين الصفا والمروة، حيث إنّ الشوط الأول يكون بالذهاب من الصفا إلى المروة، والشوط الثاني بالعودة من المروة إلى الصفا، إلى نهاية الأشواط السبع.
  • يوم عرفة: والوقت المسنون للوقوف بعرفة يبدأ من وقت الظهيرة من اليوم التاسع من ذي الحِجّة إلى طلوع فجر اليوم العاشر، وهو الركن الأكبر للحجّ، ودليل ذلك قول الرّسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الحجّ: (الحجُّ عرفةُ مَن جاءَ ليلةَ جمعٍ قبلَ صلاةِ الصُّبحِ فقد أدرَكَ حجَّهُ)،[١٠] والمقصود من يوم عرفة الوجود في عرفة سواءً أكان الحاجّ قائماً أو جالساً أو راكباً.

واجبات الحجّ

إنّ الحاجّ إن ترك واجباً من واجبات الحجّ يُجبر خطأ ترك الواجب بذبح هدي وتوزيعه على فقراء الحرم المكيّ، وبيان واجبات الحجّ فيما يأتي:[١١]

  • الإحرام للحجّ من الميقات المكاني.
  • حلق شعر الرأس أو تقصيره للرجال، وتقصير شعر الرأس للنساء.
  • الوقوف في عرفة إلى ما بعد غياب شمس اليوم التاسع من ذي الحِجّة.
  • المبيت في مزدلفة ليلة العاشر من ذي الحِجّة؛ وهي ليلة يوم النحر.
  • رمي الجمرات.
  • المبيت في منى.
  • طواف الوداع.

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
  2. “أركان الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2018.بتصرف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1337، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1521، صحيح.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شفيق بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 3693، أخرجه في صحيحه.
  6. أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة ، صفحة 3-4، جزء 4. بتصرّف.
  7. “شروط الحج”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2018.
  8. سورة التوبة، آية: 54.
  9. “ملخص أحكام الحج والعمرة من تمام المنة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2018. بتصرّف.
  10. رواه ابن الملقن، في حفة المحتاج، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي، الصفحة أو الرقم: 2/178، صحيح أو حسن.
  11. “مناسك الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي”، www.al-islam.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2018. بتصرّف.