كيفية سجود الشكر لله

سجود الشكر

ينبغي على الإنسان شكر الله سبحانه وتعالى، وذلك حتى يؤدي جزءاً من نِعَم الله عز وجل عليه التي لا حصر لها ولا عدد، ومن أشكال شكر المسلم لربه؛ أن يُقبل على الله ساجداً له، ويقترن سجود الشكر عادةً بالنِّعم الظاهرة، فعندما ينعم الله على عبده نعمةً معينةً؛ كشفاء مريضٍ، أو دفع نقمةٍ أوشكت أن تصيبه، أو أن يُرزق بمولود بعد يأس، فإنّ أوّل ما يفكر به المؤمن أن يسجد لله سبحانه وتعالى شكراً وحمداً له على نعمه الجليلة.

وقد جعل الإسلام لسجود الشكر كيفيةً وهيئةً محددة، وقد نُقل العمل بسجود الشكر عن الكثير من العلماء، وإن كان سجود الشكر خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى فله الأجر والجزاء الحسن من الله.

تعريف سجود الشكر

السجود في اللغة من الفعل سجد، سجد الشخص؛ وضع جبهته على الأرض خضوعاً وتعبُّداً، وتأتي بمعنى خضَع وانحنَى، وسجدت المخلوقات؛ أي خضعت وانقادت.[١]
الشُّكر في اللغة: عِرفان النعمة وإظهارُها والثناء بها، والشُكْرانُ: خلاف الكفران.[٢] أما الشكر في الاصطلاح فهو: صرف العبد لما أنعم الله سبحانه وتعالى به عليه من النعم في طاعة الله.[٣]
أما سجود الشكر فيُعرّف بأنه: سجدة كسجود الصلاة يؤديها الشخص عند حصول نعمة له، أو ذهاب نقمة عنه.[٤]

كيفية سجود الشكر

يشبه سجود الشكر في صفاته سجود التلاوة خارج الصلاة، فإن المسلم إذا أراد أن يسجد شكراً لله سبحانه وتعالى على نعمة أعطاها له الله، أو نقمة دفعها عنه فإنّ عليه أن يقوم بمجموعةٍ من الأمور منها:[٣]

  • أن يستقبل المسلم القبلة كاستقباله لقبلة الصلاة.
  • أن يُكبّر المسلم قائلاً: الله أكبر.
  • أن يخرَّ المسلم ساجداً لله سبحانه وتعالى فيحمده في سجوده، ويُسبّحه، ويشكره بما شاء من الشكر والدعاء والتسبيح والذكر، ويتوجب عليه أن يسجد على أعضاء السجود السبعة؛ وهي الأعظاء الظاهرة من الوجه والكفين والقدمين والركبتين ورأسي أصابع القدمين.
  • أن يُكبّر رافعاً رأسه من السجود بعد أن ينتهي من شكر الله.
  • أن يُسلّم عن يمينه وشماله، وتُجزئه تسليمةٌ واحدة.

حكم سجود الشكر

للفقهاء في حكم سجود الشكر آراء مختلفة؛ فمنهم من استحبه، ومنهم من كرهه، وبيان أقوالهم وآرائهم في ذلك على النحو الآتي:[٥][٦]

  • ذهب فقهاء الشافعية والحنابلة إلى أنّ سجدة الشكر مستحبة، وهي من السُنّة، عند وجود سببها، وذلك لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاديث تدلّ على مشروعيتها.
  • أما فقهاء المالكية فذهبوا إلى أنّ سجود الشكر مكروه كراهة تحريمية، وأنّ من السُنّة عند حدوث نعمة، أو ذهاب نقمة، أن يُصلّي المسلم ركعتين شكراً لله سبحانه وتعالى.
  • أما فقهاء الحنفية فذهبوا إلى أنّ سجدة الشكر مكروهة كراهة تنزيهية، أما المفتى به عندهم هو أنّ سجدة الشكر مستحبة، وتُجزئ صاحبها إذا نواها ضمن ركوع الصلاة أو سجودها، ويُكره الإتيان بها بعد الصلاة لكي لا يتوهم الناس أنها واجبة.
سجود الشكر داخل الصلاة: نصّ فقهاء الحنابلة، والشافعية، إلى أنّ سجود الشكر داخل الصلاة غير جائز، وتكون الصلاة باطلة إن احتوت عليه؛ لأنّ سبب سجود الشكر خارجٌ عن الصلاة، أما إذا كان المُصلّي ناسياً، أو جاهلاً فلا تبطل صلاته، وقد ذهب فقهاء الحنابلة في قولٍ آخر عندهم إلى أنّه لا بأس بسجود الشكر داخل الصلاة.[٣]

أسباب سجود الشكر

يُسنُّ سجود الشكر عند من قال به من الفقهاء في حالتين؛ الحالة الأولى: إذا طرأت للإنسان نعمة ظاهرة؛ كأن يُرزق بالولد بعد عدد من السنين، الحالة الثانية: اندفاع نقمة عن الإنسان؛ كالشفاء من المرض، أو نجاته أو نجاة ماله، أو نجاة أهله من الغرق أو الحرق، إلى غير ذلك من الأمور، وقد ذكر فقهاء الشافعية والحنابلة أنّ سجود الشكر يكون إذا كانت النعمة الحاصلة أو النقمة الزائلة خاصة بالشخص، أو ولده، أو عامة المسلمين، وذهب فقهاء الحنابلة في قول عندهم إلى أنّه يُسجد للشكر لنعمة عامة، ولا يُسجد للشكر لنعمة خاصة.[٣]

شروط سجود الشكر

اختلف الفقهاء إذا كانت هناك شروط لسجود السهو أم لا، ومن قال بوجود شروطها فصّلها من حيث طهارة الشخص من الحدث، وطهارة البدن، وطهارة الثوب، والمكان، واستقبال القبلة وغيرها من الشروط، وبيان ذلك فيما يأتي:[٧]

  • القول الأول: ذهب المالكية في قول عندهم، وابن جرير الطبري، وابن حزم، وابن تيمية، وابن القيم، والإمام الشوكاني، والإمام الصنعاني، ومن المعاصرين ابن باز، وابن عثيمين، وابن جبرين، إلى أنه ليس لسجود الشكر شروط، مثل الطهارة وغيرها، واستدل أصحاب هذا القول بأنّ اشتراط الطهارة في سجود الشكر لا دليل عليه، من القرآن الكريم، أو السنة النبوية، والإجماع، وأنّه لو كانت الطهارة واجبة في سجود الشكر لبيّن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أنّ سبب السجود قد يأتي فجأة، وقد يكون الشخص ليس على طهارة.
  • القول الثاني: ذهب فقهاء الشافعية، وأكثر فقهاء الحنابلة، وبعض الحنفية، وبعض المالكية، إلى أنّه يُشترط في سجود الشكر ما يُشترط لصلاة النافلة من شروط؛ من طهارة وغيرها، واستدل أصحاب هذا القول بأنّ السجود المجرّد صلاة، ويُقصد به التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، فيُشترط له الطهارة، وذلك لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مِفتاحُ الصَّلاةِ الطُّهور، وتحريمُها التَّكبيرُ، وتحليلُها التَّسليمُ …)،[٨] واستدلوا أيضاً بأنّ سجود الشكر يُقصد به القربة، فيُشترط به ما يُشترط في سجود التلاوة.

المراجع

  1. د. أحمد مختار عبد الحميد عمر (2008)، معجم اللغة العربية المعاصر (الطبعة الأولى)، بيروت: عالم الكتب، صفحة 1034، جزء 2. بتصرّف.
  2. أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (1987)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (الطبعة الرابعة)، بيروت: دار العلم للملايين، صفحة 702، جزء 2. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 245، جزء 24. بتصرّف.
  4. محمد رواس قلعجي، حامد صادق قنيبي (1988)، معجم لغة الفقهاء (الطبعة الثانية)، الأردن: دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 265. بتصرّف.
  5. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 247، جزء 24. بتصرّف.
  6. عبد الرحمن بن محمد الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 426، جزء 1. بتصرّف.
  7. الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء (1413هـ)، ” سجود الشكر وأحكامه في الفقه الإسلامي “، مجلة البحوث الإسلامية، العدد 36، المجلد 36، صفحة 288-291. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 238، صحيح.