مظاهر التوازن في عبادة الرسول

الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

يعد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم المعلم الأول والقدوة لجميع المسلمين، واتباعه من الواجبات التي فرضها الله تعالى على عباده، وهو الذي لا ينطق عن الهوى وإنّما كلٌّ موحى إليه من الله تعالى، فكثيرٌ من الفرائض والعبادات جاءت في القرآن الكريم مختصرةً إلّا أنّ النبي صلى الله عليه فصّلها وطبّقها أمام المسلمين ليتمكنوا من تأديتها كما يحب الله.

دعا صلى الله عليه وسلم إلى الوسطية والاعتدال والتوازن في جميع العبادات والتعاملات ونفّر من الغلو والتشدد رفعاً للمشقة عن الناس ودعا إلى التبشير وعدم التنفير، فالتوازن والاعتدال هو إعطاء كل شيءٍ حقه من غير زيادةٍ أو نقصان، أو هو التعرف على الأشياء على ما هي عليه، والتعرف على حدودها وغايتها ومنافعها، وقد ظهر هذا الاعتدال في عبادته صلة الله عليه وسلم، وهذا ما سنذكره في هذا المقال.

مظاهر التوازن في عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم

كان الرسول صلى الله عليه وسلم رحيماً ويحب التيسير على العباد، فكان الاعتدال والتوازن في كل الأمور منهجه في الدين، حيث يجعل الاعتدال الفرد مداوماً على العبادة والطاعة، فالإفراط يقود إلى الفتور وبذلك يخسر العبد الكثير من الخير، والتشدد قد يقود إلى التعب والملل فيبتعد العبد عن العبادة، وومن مظاهر الاعتدال في عبادته صلى الله عليه وسلم:

  • يصوم بعض الأيام ويفطر بقية الأيام، فلم يكن يصوم الدهر كله كصيام الرهاب، ولم يكن يفطر جميع الأيام، ويقلل الصيام كصيام المجوس.
  • يصلي باعتدال، فيقوم الليل حتّى تتفطر قدماه الشريفتين كما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها، ويصلي الفرائض والنوافل وكان يأخذ قسطاً من الراحة وينام جزءاً من الليل.
  • يتزوج النساء، فلم يكن مزواجاً ولم يكن عازفاً عن الزواج للتفرغ للعبادة.
  • يختار الأيسر من الأمور، فقد حث عليه الصلاة والسلام على اختيار أيسر الأمور عند التخير بين أمرين بما لا يغضب الله تعالى.
  • يتوضأ باعتدال؛ فلم يكن يُسرف في استخدام الماء ولم يكن يقتصد لدرجة يفقد الوضوء صفته.

الأدلة على التوازن في عبادته صلى الله عليه وسلم

(جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها، فقالوا: أين نحن منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قد غفَر اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر، قال أحدُهم: أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ أبدًا، وقال آخَرُ: أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ، وقال آخَرُ: أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: (أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له، لكني أصومُ وأُفطِرُ، وأُصلِّي وأرقُدُ، وأتزوَّجُ النساءَ ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني) [صحيح البخاري]