كيف نصلي صلاة السنة

الصلاة

بُنِي الإسلام على خمس، فثانيها إقام الصلاة، وهي أوّل ما يُحاسب عليه العبد، فإن صَلُحَت فقد فاز، وإن فَسُدَت فقد خَسِر؛ فقد فَرَض الله عزّ وجلّ علينا في اليوم والليلة خمس صلوات، وهي على الترتيب، صلاة الفجر، فصلاة الظهر، ثمّ صلاة العصر، وبعدها صلاة المغرب، وأخيراً خاتمة الصلوات صلاة العشاء، وأُمِرنا بأدائها في وقتها، والمُحافظة عليها.

أحياناً قد يعتري الصلاة بعض الخلل والنّقص؛ كالسهو مثلاً والوساوس، فجُعلت السّنن رحمةً من الله بعباده وكرماً منه لتعويض هذا النقص، ولِتحصيل الأجر والثواب كاملاً، ولزيادة التقرّب من الله سبحانه وتعالى، وأحبُّ شيء لله عزَّ وجلّ يتقرّب العبد به إليه هو الفرائض، وما يزال العبد يتقرّب لله بالنوافل حتى يُحبّه.

السنة

تُعرّف السُّنَّةفي اللغةً بأنها: المَنهَجُ والطّريقة، ولا فرق بَيّن في ذلك إن كانتَ تلك الطريقة حسنةً أو سيّئة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَن سنَّ سنَّةً حسنةً ؛ فإنَّ لهُ أجرَها وأجرَ من عملَ بِها من غيرِ أن ينقُصَ من أجورِهم شيءٌ، ومن سنَّ سنَّةً سيِّئةً كانَ عليْهِ وزرُها، ومثلُ وزرِ من عملَ بِها من غيرِ أن ينقصَ من أوزارِهم شيءٌ).[١] أمّا في اصطلاح عُلماء الحديث فتُطلق السنَّةُ على: ما فعلَهُ النبيُّ – عليه الصّلاة والسّلام – ولم يدل على وجوبهِ دليل.[٢]

عَرّف المُحدّثون السنّة بأنها ما نُقِل عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من أقوال وأفعال وتقريرات، وصفات خَلْقية وخُلُقية، سواءً أكان ذلك قبل البعثة أم بعدها، وعَرّفَها علماء الفقه (معناها الفقهي الذي يخص الأجر والعقاب) بأنها: ما طُلِب من المُكلَّف فِعلُه طلباً غير جازم، وقيل: ما يُثاب فاعله ولا يُعاقب تَاركه وبمعناه: ما كان في فعله ثواب، وليس في تَركه عقاب.[٣]

أقسام السنة

تنقسم السنة إلى قسمين هما:

السنن الراتبة

سُمّيت السنن الرواتب بهذا لأنّ الأصل فيها المُداومة والاستمرار، وهي أيضاً السنن التابعة لغيرها، ومنها السّنن التابعة للفرائض الخمس، والتي تُقسم إلى قبلية وبعدية؛ ولا يُشرع أداء سنن الصلوات وحدها دون الفرائض التي شُرعت معها. تنقسم السنن الراتبة إلى قسمين: السنن القبلية؛ وهي السنن التي تُصلّى قبل الفريضة، وهي ستّ ركعات: ركعتان قبل صلاة الفجر، وأربع ركعات بتسليمتين قبل الظهر، ووقتها يبدأ بدخول وقت الصلاة إلى أن يشرع الإنسان في الفريضة.[٤] والسنن البعدية؛ وهي السنن التي تُصلّى بعد الفريضة وعددها ست ركعاتٍ أيضاً، وهي: ركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان بعد الظهر، ووقتها يبدأ من حين الانتهاء من الفريضة إلى أن يَخرج وقت الفريضة.[٤]

الدليلُ على ما ذكر من عدد ركعات السنن الرواتب قول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- : (كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَبْل الظُّهْرِ أَرْبَعاً، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ يَدْخُل فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَدْخُل فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ وَيَدْخُل بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ)،[٥] وقولها كذلك: (مَنْ ثَابَرَ عَلَى اثنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ، أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْل الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْل الْفَجْرِ)،[٦] وتفصيل عدد ركعات كلِّ السنن لكل فريضةٍ من الفرائض الخمس بناءً على ما ذكر على النحو الآتي:[٢]

  • سُنَّة الفجر: وتُسنّ لها ركعتانِ قبل صلاة فرض الفجر بإجماع الفقهاء، وسنة الفجر من آكَدِ السُّنَنِ وأفضلِها.
  • سُنَّة الظّهر: أقلُّها ركعتانِ قبل الفرضِ وركعتانِ بعدَهُ عندَ جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعيّة والحنابلة، وأفضلها عندهم أربعةٌ قبله وركعتان بعدَه بتسليمةٍ واحدة.
  • سُنَّةُ العصر: لا توجَدُ لصلاة العصر سُنَّة راتبة، لكنْ يُستحَبُّ أداءُ أربعِ ركعاتٍ قبل صلاة العصر باتفاق جميع الفقهاء.
  • سُنَّةُ المغرب: هما ركعتانِ بعد صلاةِ المغربِ باتّفاق الفقهاء، ويُستحبُّ الزّيادةُ إلى ستِّ ركعاتٍ عند الحنفية والمالكية.
  • سُنَّةُ العِشاء: ركعتانِ بعد العِشاء، والمُستحبُّ أداءُ أربع ركعات قبلَها، وأربع ركعاتٍ بعدَها.

السنن النافلة

هي السنن التي تكون غير تابعةٍ لغيرها، ومن الأمثلة عليها: سنة الضحى، وسنة قيام اللّيل وغيرها، وتنقسم السنن النافلة إلى: سنن مطلقة كصلاة قيام الليل، وسنن مقيّدة كالصلوات الراتبة، وعلى هذا فإنّ النافلة تكون أعمّ من السنة، والنافلة تشمل السّنن الرّاتبة وغيرها.

كيفية أداء صلاة السنة

تؤدّى صلاةُ السنّة كما تؤدى الصَّلوات المفروضة بأركانها وشُروطها وسُنَنها، أمّا وَقتُ صلاة السنة فكلُّ وقتٍ من أوقات الليل والنَّهار يجوز للمسلم أن يُصلّي فيه السنة باستثناء أوقات الكراهة، وتُصلّى السنة في النَّهار ركعتين ركعتين، ويُكره أن تًصلّى أربعاً بتسليمةٍ واحدة في النهار، أمّا في الليل فتُصلّى ركعتين ركعتين أو أربع ركعات بتسليمةٍ واحدة أو ست ركعات أو ثماني ركعات أو أكثر من ذلك أو أقل، وذلك لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمر قال: (صلاةُ اللَّيلِ والنَّهارِ مَثنَى مَثنَى، والوترُ رَكْعةٌ مِن آخرِ اللَّيلِ)،[٧] وإنّما الفرق بين صلاة النَّهار وصلاة الليل هو حتى لا تفوق صلاة السنة في النهار صلاة الفرض في عدد الركعات، أمّا صلاة الليل فالأصل فيها القيام والتَّنفُّل؛ فجاز أن تزيد عنها في عدد الرَّكعات، وأفضل الصَّلاة ما كانت ركعتين ركعتين في الليل والنهار،[٨] وذلك لفعله صلى الله عليه وسلم حيث روى زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قال: قُلْتُ: (لَأَرْمُقَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ عليه الصلاة والسلام اللَّيْلَةَ فَتَوَسَّدْتُ عَتَبَتَهُ أَوْ فُسْطَاطَهُ (البيت من الشَعْر) فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ هُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أَوْتَرَ، فَذَلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً).[٩] وتفتتح الصلاة بتكبيرة الإحرام، ثمّ دُعاء الاستفتاح، ثم قراءة سورة الفاتحة، وما تبع ذلك من ركوع، وسجود، وقيام، وقراءة، وتشهّد، وتسليم.

المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح ابن خزيمة، عن جرير بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2477، إسناده صحيح على شرط مسلم.
  2. ^ أ ب مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 275، جزء 25. بتصرّف.
  3. أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي (2002)، روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل (الطبعة الثانية)، بيروت: مؤسسة الريّان للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 274، جزء 1. بتصرّف.
  4. ^ أ ب “ما حكم أداء السنة الراتبة البعدية قبل الفريضة ؟”، إسلام ويب، 18/6/2013، اطّلع عليه بتاريخ 5/12/2016.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 730.
  6. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 414.
  7. رواه الحاكم، في معرفة علوم الحديث، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 106.
  8. أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني (1403)، الحجة على أهل المدينة (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار عالم الكتب ، صفحة 271-272، جزء 1. بتصرّف.
  9. رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن زيد بن خالد الجهني، الصفحة أو الرقم: 765، صحيح.