تكبيرات عيد الفطر المبارك

شعيرة التكبير في عيد الفِطر

أصل العيد في اللغة مأخوذ من العَود؛ أي العودة والرجوع، وقد سُمِّي العيد عيداً؛ لأنّه يعود ويتكرّر، والعيد في الاصطلاح الشرعيّ مأخوذ من معناه اللغويّ، وللمسلمين عيدان لا ثالث لهما، وهما: يوم عيد الفِطر بعد رمضان؛ ويأتي في أوّل يوم من أيّام شهر شوّال، ويوم عيد الأضحى؛ ويكون في اليوم العاشر من شهر ذي الحِجّة،[١] ومن أبرز شعائر العيدَين شعيرة التكبير؛ وذلك بترديد قول: “الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد”، وهو قول الحنفيّة، والحنابلة، وقال الشافعية والمالكيّة إنّ عدد التكبيرات في المرّة الأولى ثلاث تكبيرات؛ فتصير: “الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد”، وقد اعتبر جمهور الفقهاء من المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة تكبيرات صلاة العيد سُنّة، بينما اعتبرها الحنفيّة واجبة.[٢][١][٣]

تكبيرات عيد الفِطر المبارك

تكبيرات عيد الفِطر

يُستحَبّ التكبير في ليلة عيد الفِطر؛ إذ يبدأ من غروب شمس ليلة العيد إلى أن يُكبّر الإمام تكبيرة الإحرام لصلاة العيد، ويتحرّى المسلم الأماكن التي يُوجَد فيها الناس بكثرة؛ ليُكبّر فيها، كما يُكبّر في البيت، والطريق، والمسجد، وفي أحواله جميعها؛ سواء كان جالساً، أو ماشياً، أو على فِراشه،[٤] ويُعَدّ التكبير المُطلَق ليلة العيد من السنّة، وينطبق ذلك على عيدَي الفِطر، والأضحى؛ والتكبير المُطلق هو الذي لا يتقيّد فيه المسلم بالتكبير بعد الانتهاء من أداء الصلوات المفروضة فقط، وإنّما يُكبّر في كلّ وقت، أمّا التكبير المُقيَّد؛ فهو الذي يرتبط بأدائه بعد انتهاء كلّ صلاة من الصلوات المفروضة، وهو مَسنون في عيد الأضحى، وقد ورد دليل مشروعيّة التكبير في عيد الفِطر في القرآن الكريم؛ فقد قال -تعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)،[٥] والعِدّة المقصودة في الآيات هي عِدّة شهر رمضان؛ أي إكمال الصيام الذي يُكبّر المسلمون اللهَ -تعالى- بعد الانتهاء منه.[٦][٧]

حُكم الجَهر بالتكبير في عيد الفِطر

يختلف حُكم الجَهر بالتكبير في عيد الفِطر عند أصحاب المذاهب، وذلك حسب التفصيل الآتي:

  • الحنفيّة: بَيَّن أبو حنيفة أنّ التكبير في عيد الفِطر ينبغي أن يكون سِرّاً؛ لأنّ الثناء على الله -تعالى- يكون في السرّ؛ لقوله -تعالى-: (وَاذكُر رَبَّكَ في نَفسِكَ تَضَرُّعًا وَخيفَةً وَدونَ الجَهرِ مِنَ القَولِ)؛[٨] وذلك لِما فيه من الخضوع، والخُلوّ من الرياء، ويُشار إلى أنّ الجهر في التكبير ورد في عيد الأضحى فقط؛ قال -تعالى-: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)؛[٩] إذ إنّ عيد الأضحى مُرتبِط بالحَجّ، والتكبير جَهراً في الحجّ مشروع، ولا يُوجَد مثل ذلك في شهر شوّال المُرتبِط بعيد الفِطر.[١٠]
  • الشافعية: بَيَّن الشافعيّة أنّ التكبير يكون جهريّاً في الأوقات جميعها؛ وذلك لقول الله -تعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).[١١][١٢]
  • الحنابلة: بَيَّن الحنابلة أنّ التكبير يكون جَهراً في عيد الفِطر، وهو آكد حال الخروج إلى صلاة العيد، كما أنّه مشروع في أيّ مكان جازَ فيه ذِكر الله -تعالى-؛ واستدلّوا بما ورد عن نسيبة بنت كعب -رضي الله عنها- أنّها قالت: ( كُنَّا نُؤْمَرُ أنْ نَخْرُجَ يَومَ العِيدِ حتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِن خِدْرِهَا، حتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فيُكَبِّرْنَ بتَكْبِيرِهِمْ، ويَدْعُونَ بدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذلكَ اليَومِ وطُهْرَتَهُ)؛[١٣] إظهاراً لشعائر الله -تعالى-.[١٤][١٥]
  • المالكية: بَيَّن المالكيّة أنّ التكبير يكون جَهراً في عيدَي الفِطر والأضحى عند خروج المسلم من بيته، ويستمرّ المسلم بالتكبير حتى يصل إلى المُصلّى، كما أنّه يُكبّر مع الإمام حين يُكبّر في الخطبة، ويستمع إليه.[١٦][١٧]

تكبيرات صلاة عيد الفِطر

تُصلّى صلاة عيدَي الفِطر والأضحى ركعتَين،[١٨] وقد اتّفق الفقهاء على ذلك، إلّا أنّهم اختلفوا في كيفيّتها، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الحنفيّة: يبدأ المسلم بالصلاة، فيُكبّر تكبيرة الإحرام، ويُكبِّر بعدها ثلاث تكبيرات، ثمّ يقرأ الفاتحة، وما تيسّر من القرآن، وبعدها يُكبّر للركوع، ويُتمّ الركعة، ثمّ يقوم للركعة الثانية؛ فيقرأ الفاتحة، وما تيسّرَ من القرآن، ثمّ يُكبّر ثلاث تكبيرات، والتكبيرة الرابعة للركوع، ويُتمّ الثانية.[١٩]
  • الشافعيّة: يبدأ المسلم الصلاة بتكبيرة الإحرام ثم يقرأ دعاء الاستفتاح، ويكبّر سبع تكبيرات ويقرأ الفاتحة، وما تيسّر من القرآن، ويُتمّ الركعة الأولى، ويكبّر في الركعة الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام للركعة الثانية، وبعد أن يكبّر التكبيرات الخمس، يقرأ الفاتحة، وما تيسّر من القرآن، ويُتمّ الركعة الثانية.[٢٠]
  • المالكيّة والحنابلة: ذهبوا إلى أنّ المسلم يُكبّر تكبيرة الإحرام وبعدها ستّ تكبيرات، فتكون مع تكبيرة الإحرام سبع تكبيرات، ثمّ يقرأ الفاتحة، وما تيسّر من القرآن، ثمّ ينتقل إلى الركعة الثانية؛ فيُكبّر تكبيرة الانتقال وبعدها خمس تكبيرات، ثمّ يقرأ الفاتحة، وما تيسّر من القرآن.[٢١][٢٢]

المُوالاة في تكبيرات صلاة عيد الفِطر

انقسم الفقهاء إلى فريقَين فيما يتعلّق بالتكبيرات أثناء صلاة العيد؛ إن كانت مُتتالية، أم يكون بينها نوع من الذِّكر، وذلك على النحو الآتي:[٢٣]

  • الحنفيّة والمالكيّة: قالوا إنّ تكبيرات صلاة العيد تكون مُتوالية، ولا يفصل بينها شيء، كمثل التسبيح الذي يكون في الركوع والسجود، وبَيّنوا أنّه لو كان هناك ذِكر مُعيَّن، لنُقِل إلينا، وهو قول ابن مسعود، وحذيفة، وأبي موسى -رضي الله عنهم-، وغيرهم.
  • الشافعيّة والحنابلة: قالوا إنّ التكبيرات يُفصَل بينها بذِكر؛ فقد بَيَّن الشافعيّ وأصحابه أنّه يُفصَل بين كلّ تكبيرتَين بمقدار قراءة آية مُتوسّطة الطول من القرآن الكريم؛ فيحمد المُصلّي الله -تعالى-، ويُكبّره، ويُثني عليه بما هو أهله، وقال جمهور أصحاب الشافعي إنّ التكبيرات يفصَل بينها بقول: “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر”، ومنهم من قال إنّه يقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير”، وقال الحنابلة مثل ما قال الشافعية؛ إنّ المُصلّي يحمد الله -تعالى-، ويُثني عليه، ويُصلّي على النبيّ -عليه السلام- أيضاً، أو يقول: “الله أكبر كبيراً والحمد لله بكرةً وأصيلاً”، ويُصلّي على النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، أو يقول ما أحبّ من ذِكر لله -تعالى-، والصلاة على نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم-.

المراجع

  1. ^ أ ب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى )، مصر: مطابع دار الصفوة ، صفحة 114-115، جزء 31. بتصرّف.
  2. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى )، مصر: مطابع دار الصفوة ، صفحة 249، جزء 27. بتصرّف.
  3. “ألفاظ التكبير وصفته”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2020. بتصرّف.
  4. محمد بن علان، الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، صفحة 237، جزء 4. بتصرّف.
  5. سورة البقرة ، آية: 185.
  6. حمد الحمد ، شرح زاد المستقنع، صفحة 89، جزء 8. بتصرّف.
  7. “وقت ابتداء وانتهاء التكبير في عيدي الفطر والأضحى”، www.islamweb.net، 9-1-2001، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2020. بتصرّف.
  8. سورة الأعراف، آية: 205.
  9. سورة البقرة، آية: 203.
  10. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 214، جزء 13. بتصرّف.
  11. سورة البقرة ، آية: 185.
  12. أحمد بن علي الأنصاري (2009)، كفاية النبيه في شرح التنبيه (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 467، جزء 4. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم عطية نسيبة بنت كعب، الصفحة أو الرقم: 971، صحيح .
  14. علاء الدين المرداوي ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (الطبعة الثانية)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 435، جزء 2. بتصرّف.
  15. صالح الفوزان (1423)، الملخص الفقهي (الطبعة الأولى)، الرياض: دار العاصمة ، صفحة 278، جزء 1. بتصرّف.
  16. محمد العربي ، الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 146. بتصرّف.
  17. صالح الأزهري ، الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، بيروت: المكتبة الثقافية ، صفحة 251. بتصرّف.
  18. أحمد حطيبة ، شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان، صفحة 2، جزء 36. بتصرّف.
  19. عبدالله بن مودود (1937)، الاختيار لتعليل المختار ، القاهرة : مطبعة الحلبي ، صفحة 86، جزء 1. بتصرّف.
  20. مصطفى الخِن، مصطفى البُغا، علي الشربجي وآخرون (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة )، دمشق : دار القلم ، صفحة 223، جزء 1. بتصرّف.
  21. محمد بن يوسف المواق (1994)، التاج والإكليل لمختصر خليل (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 572، جزء 2. بتصرّف.
  22. منصور بن إدريس البهوتي (1993)، دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (الطبعة الأولى)، الرياض: عالم الكتب، صفحة 426، جزء 1. بتصرّف.
  23. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية )، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 243-244، جزء 39. بتصرّف.