دعاء العمرة
حكم العمرة
أجمع العلماء على أنّ العمرة مشروعةٌ في الإسلام، وأنّ القيام بها يكون مرةً واحدةً في العمر، وأمّا في وجوبها فاختلف العلماء فيه، فالقول الأول دلّ على أنّ العمرة واجبةٌ، وأخذ بذلك الشافعي وأحمد في المشهور عنه وبعض أهل الحديث، والقول الثاني دلّ على أنّها ليست واجبةً بل سنةً، وهذا مذهب الإمامين مالك وأبي حنيفة وإحدى الأقوال عن الشافعي وعن أحمد وقال به أكثر العلماء وأخذ به ابن تيمية،[١] وورد قولٌ آخرٌ بأنّ العمرة تجب على الآفاقي ولا تجب على المكيّ.[٢]
دعاء العمرة
إن على المسلم أن يُكثر من ذكر الله -تعالى- ويدعو بما شرعه الله، ومن الأدعية التي تقال في العمرة ما يأتي:[٣]
- يسنّ للمعتمر التلبية قبل الوصول إلى البيت الحرام وبعد إحرامه من الميقات، مع الحرص على الإكثار منه، وذلك بقول: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ، لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لا شَرِيكَ لكَ).[٤]
- يسنّ للمسلم التسبيح والتكبير والتهليل قبل الإحرام بالعمرة، ويُسنُّ أن يبتدئ الطواف بالتكبير: فقد ثبت من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم طافَ بالبيتِ وهو على بعيرٍ، كلَّما أَتَى على الرُّكْنِ أشارَ إليهِ بشيٍء في يدهِ وكَبَّرَ).[٥]
- يسنللمعتمر أن يقول بين الحجر الأسود والركن اليماني: (ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسنةً وفي الآخرةِ حَسنةً وقِنا عذابَ النَّارِ).[٦]
- يُسنُّ للمعتمر إذا بلغ السعي، وتحديداً عند الوقوف على جبلَي الصفا والمروة أن يقرأ قول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).[٧]
- ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه دعا عند الصفا فقال: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ).[٨]
- ويحرص المسلم أن يدعو في الطواف والسعي من الأدعية المأثورة عن النبي وما شاء من الدعاء، ويكثر من ذكر الله تبارك وتعالى، ويقرأ القرآن الكريم، فكل ذلك أجره عظيم عند الله تعالى، فلا يوجد أدعية مخصصة للطواف والسعي وردت عن النبي، يقول ابن تيمية رحمه الله: “ويستحب له في الطواف أن يذكر الله تعالى ويدعوه بما يشرع، وإن قرأ القرآن سرّاً فلا بأس، وليس فيه ذكر محدود عن النبى صلى الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معيَّن تحت الميزاب ونحو ذلك : فلا أصل له”.
أعمال العمرة
تتحقّق العمرة بالقيام بالعديد من الأعمال التي يُطلق عليها مناسك العمرة، وبيانها فيما يأتي:[٩]
- الاغتسال عند الوصول إلى الميقات، وللرجل أن يتطيّب في جسمه دون لباس الإحرام، وإن كانت المرأة حائض فيستحبّ لها أن تغتسل أيضاً، وإن لم يتسيّر الاغتسال عند الميقات فلا بأس في ذلك، ويستحبّ الاغتسال عند الوصول إلى مكة وقبل البدء بالطواف.
- تجرّد المعتمر الرجل من كلّ مخيطٍ من اللباس، فيلبس إزاراً ورداءً، أمّا المرأة فتلبس الملابس العادية دون أن تغطّي وجهها وكفّيها، ودون أن يكون في لباسها شهرةً أو زينةً.
- نية الدخول لأداء العمرة باللسان والقلب، واستقبال الحجر الأسود عند وصول إلى البيت واستلامه باليمين ثم تقبيله إن تيسّر ذلك دون مزاحمة الآخرين.
- الطواف حول الكعبة سبعة أشواطٍ، مع جعله البيت إلى اليسار، ويستحبّ الإسراع في المشي وتقارب الخطوات في الأشواط الثلاثة الأولى للرجال دون النساء، كما يستحبّ لهم الاضطباع في جميع الأشواط عند طواف القدوم، مع الحرص على الإكثار من الدعاء والذكر، وتجدر الإشارة إلى عدم صحّة تخصيص الطواف بدعاءٍ معيّنٍ.
- صلاة ركعتين خلف المقام إن تيسّر ذلك، أو في أي موضعٍ في المسجد، ثمّ قصد الحجر الأسود بعد الانتهاء من الصلاة.
- التوجّه إلى الصفا والوقوف عنده أو الرقي عليه، والأفضل الرقي، ويستحبّ استقبال القبلة، وحمد لله تعالى، والتكبير ثمّ المشي إلى المروة، والإسراع في موضع الإسراع للرجال دون النساء، ثمّ الرقي على المروة وفعل ما فُعله على الصفا، ثمّ المشي وصولاً إلى الصفا، وتكرار السعي بين الصفا والمروة حتى سبعة أشواط، الذهاب شوطٌ والإياب شوطٌ آخرٌ.
- حلق الرجل رأسه أو التقصير، والأفضل الحلق، أمّا المرأة فتأخذ من شعرها بقدر الأنملة أو أقلّ.
محظورات الإحرام
هناك العديد من الأمور التي لا يجوز للمعتمر القيام بها، منها ما يخصّ الرجال؛ مثل تغطية الرأس أو بعضه، أمّا إن استظلّ بشجرةٍ أو جدارٍ دون أن يلامس رأسه فلا حرج في ذلك، ويحرّم عليه لبس المخيط والمصبوغ الذي له رائحةً، وبالنسبة لمحظورات الإحرام للمرأة؛ فهي: لبس النقاب والقفازين، ويستحبّ لها أن تُسدل على وجهها حتى لا يراها الرجال، وما يحرّم على المُحرم بشكلٍ عامٍ؛ النكاح سواءً لنفسه أو لغيره، ويعدّ العقد باطلٌ في هذه الحالة، يحرّم أيضاً حلق الشعر أو نتفه والتطيّب، ولا يجوز قتل الصيد أو مساعدة شخصٍ على إمساكه، أما صيد البحر فيجوز، ويحرّم كذلك على الرجل أن يجامع زوجته أو يقبّلها بشهوةٍ، سواءً كان ذلك في الليل أو النهار، وإن فعل ذلك فيكون قد ارتكب الإثم وتوجّب عليه ذبح شاةٍ يوزّعها على مساكين الحرم.[١٠]
حكمة مشروعية العمرة
شرع الله -تعالى- العمرة من باب التشريف للبيت الحرام، وعبادة لله تعالى، وتعظيم الأماكن الطاهرة، وتكريم البقاع المقدّسة، بما أنّ مكة تعدّ محطّ الرحال ومكاناً يجتمع فيه المسلمون من كلّ مكانٍ شرع الله للمسلم العمرة في جميع أيام السنة رحمةً بعباده، وليتم التعارف بين الناس وتحقيق المصالح طوال السنة.[١١]
فضل العمرة والحج
يترتّب على أداء العمرة فضائل عديدةٌ، منها:[١٢]
- تكفير الذنوب وإبعاد الفقر.
- محو الخطايا والسيئات.
- نيل أجر الجهاد في سبيل الله بأداء الحجّ.
- دخول الجنّة جزاءً للحجّ المبرور.
- يعدّ الحج أفضل الأعمال عند الله بعد الجهاد والإيمان.
- تعدّ العمرة للعمرة كفارةٌ لما يرتكب المسلم بينهما من الذنوب والخطايا دون الكبائر.[١٣]
فضل العمرة في رمضان
ذكر أهل العلم أنّ العمرة في رمضان تعدل حجةً، سواءً كانت في أول الشهر أو آخره أو وسطه، إلّأ أنّ العشر الأواخر من رمضان لها الأفضلية على غيرها من الأيام، وقد بيّن العلماء أنّه أفضلية الزمن لها علاقة في تفضيل الأعمال الصالحة.[١٤]
هدي النبي في العمرة
اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أربع مراتٍ؛ أولها عمرة الحديبية حين صدّه المشركين فنحر وحلق وحلّ، وعمرة القضاء التي كانت في العام المقبل بعد صلح الحديبية، والعمرة التي قرنها مع الحجّ، وعمرته مع الجعرانة، ولم يعتمر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مرتين في نفس العام، وكانت جميع عمره في أشهر الحج.[١٥]
المراجع
- ↑ عبد الله بن صالح القصير (25-10-2011)، “تعريف العمرة وحكمها”، alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز بن سعد الدغيثر، “فوائد في أحكام العمرة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.
- ↑ “مواضع وصيغ الدعاء في العمرة”، islamqa.info، 23-1-2004، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1632.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 939، أخرجه في صحيحه.
- ↑ سورة البقرة، آية: 158.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218، صحيح.
- ↑ “أعمال مناسك العمرة”، www.binbaz.org.، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.
- ↑ أيمن حتمل (26-10-2010)، “محظورات الاحرام”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.
- ↑ “حكمة مشروعية العمرة”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.
- ↑ أبو عمر الندوي، “فضائل الحج والعمرة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.
- ↑ “فضل الإكثار من العمرة”، www.binbaz.org.، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.
- ↑ “ما فضل العمرة في رمضان؟”، www.islamway.net، 1-12-2006، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.
- ↑ أحمد بن عثمان المزيد (28-10-2011)، “هدي الرسول في الحج والعمرة”، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.