متى فرض الحج في الإسلام
الحج
إنّ الحج هو قصد بيت الله تعالى إقامةً للنسك، وهو أيضاً أداء الحجاج مجموعة من الأعمال المخصوصة في منطقة حرم مكّة المُكرمة وحوله في وقتٍ مخصوصٍ مع وجود نيّة بذلك، ومن مناسك الحج السعي بين الصفا والمروة، والطواف سبع مراتٍ بالبيت الحرام، والوقوف ليلة العاشر من شهر ذي الحجة في عرفة، ويُعرّف الحج أيضاً بأنّه قصد البيت الحرام للتقرب إلى اللَّه تعالى بأفعالٍ مخصوصة، في زمان مخصوص ومكان مخصوص.[١]
فرض الحج في الإسلام
لم يتفق العُلماء والفقهاء على العام الذي فُرِض فيه الحجّ في الإسلام؛ حيث تنوعت الأقوال والآراء، فبعضهم قال: فُرِض سنة ست للهجرة واستدلوا بقولهم أنّ الآية الكريمة (وأتموا الحج والعمرة لله)[٢] نزلت في الحديبية وكانت سنة ست للهجرة، وقال آخرون أنه فرض سنة سبع أو ثمان للهجرة، ولكنّ الصائب من هذه الأقوال أن الحجَّ فُرِضَ في السنة العاشرة أو التاسعة للهجرة،[٣][٤] ويُعدّ الحجّ خامسَ رُكنٍ من أركان الدين الإسلاميّ، ويُستدل على ذلك بحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (بنيَ الإسلامُ علَى خمسٍ شهادةِ أن لا إلَه إلَّا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وصومِ رمضانَ وحجِّ البيتِ)،[٥] وفي ما يأتي أدلة من القرآن الكريم والسُنة النبويّة الشريفة حول فرض الحجّ:[٦]
- يُستدل على فرضِ الحجّ في القرآن الكريم بالآية الكريمة الآتية، قال الله تعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ*لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ*ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).[٧]
- يُستدل على فرض الحجّ في السُنة النبويّة الشريفة بالحديث الشريف الآتي، عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: خاطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أيُّها الناس قد فرض الله عليكم الحجَّ فحُجُّوا، فقال رجلٌ: أكلُّ عامٍ يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم…).[٨]
منافع الحج
للحجّ العديد من المنافع المهمة في حياة الإنسان المسلم؛ حيث يُعدّ التقرب بالعبادة إلى الله تعالى من أهمّ المنافع التي يتميّزُ بها الحجّ، وقد حدّد العلماء والفقهاء عدّة منافع للحجّ، من أهمّها:[٩]
- منافع الإحرام: وهو من المناسك المهمة التي يُطبّقها الحاج عند وصوله إلى منطقةِ الحرم والتي أمر الله سبحانه وتعالى بالتوجه لها، ويُستدلّ على ذلك بالآية الكريمة الآتية، قال الله تعالى (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)؛[١٠] حيث يُعدّ الإحرام أول أعمال الحاج حتى يستعد للحجِّ بأن يلبس ثياب الإحرام، وتظهر المنفعة هنا بتذكير المسلم بأنّه قد تخلّص من زينة الدنيا، كما يدلّ على اتّفاق الحجاج معاً في اللباس مهما كانت طبيعة نشأتهم أو لونهم أو حالتهم الاجتماعيّة؛ حيث يتساوون جميعاً عند الله تعالى.
- منافع التلبية: حيث إنّ الحاج الذي يلبي الحجّ يلتزم بطاعة الله تعالى ويترك المعاصي ولا يعود لها؛ لأنّه عاهد الله تعالى على التلبية والالتزام بها.
- منافع الطّواف: يُعدّ الطّواف من أول وأهم المناسك التي ينفّذها الحاج عند وصوله إلى مكّة المكرمة، إذ يحقق الطّواف العديد من المنافع البدنيّة المهمة؛ فيُساهم في تنشيط الجسم، ومُساعدة نفس الحاج على الصبر، ويحقق الطواف أيضاً منافع دينية مهمة، من الأمثلة عليها؛ تعظيم حُرمات الله تعالى، ويُستدل على ذلك بقول الله تعالى: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).[١١]
- منافع سعي الحجاج بين الصفا والمروة: وهي من الشعائر المهمة في الحجّ، ويُستدل على ذلك بقول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)؛[١٢] حيث يُحقق السعي بين الصفا والمروة في الحجّ منافع عديدةً للمسلم؛ إذ يُجدّدُ العبادة لله تعالى، ويُعزّز محبّة العبادة في قلب الحاج حتى تظلّ ثابتةً مدى حياته.
- منافع يوم التروية: إذ تُعدّ جميع مناسك وشعائر الحجّ من العبادات المهمة، وتُعتبر التروية من هذه العبادات، ولكن قد يغفل العديد من الحُجاج عن منافعها؛ وذلك بتجاوزهم المرور بمنى في يوم التروية، فمن الواجب عليهم الاهتمام بيوم التروية؛ لأنّه من المناسك المهمة والمُستحبة في الحجّ.
- منافع يوم عرفة: إذ يُعتبر وقوف الحُجّاج في عرفات من المناسك المهمة في الحجّ، فيجتمعون في التاسع من شهر ذي الحجة، ويتميّزُ الوقوف في عرفة بمنافع كثيرة؛ إذ يُعدّ الحجّ الأكبر، ويجمع جميع الحجاج معاً في مكانٍ واحد.
- منافع مزدلفة: يُستدل على أهمية ليلة مزدلفة عندما شرّع رسول الله صلى الله عليه وسلم للحجاج بعد انتهائه من الوقوف في عرفة المبيت في مزدلفة، وألّا يتوقفوا عن ذكر الله تعالى؛ من خلال الصلاة والدعاء؛ حيث تشكل كل هذه الأدعية منافعاً للحُجاج.
- منافع عيد الأضحى: يُصلي الحُجّاج صلاة عيد الأضحى في مزدلفة ويحرصون على ذكر الله تعالى، ويُحقق العيد للحُجّاج منافعاً عدّة، وتظهر في مجموعةٍ من الأعمال، مثل رمي جمرة العقبة، ونحر الأضاحي، وحلق الرأس، وغيرها من الأعمال المهمة الأُخرى.
المراجع
- ↑ د. سعيد القحطاني (2010م)، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، السعودية: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 9، 10، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة ، آية: 196.
- ↑ “متى فرض الحج؟”، الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء – المملكة العربية السعودية، اطّلع عليه بتاريخ 22-8-2017. بتصرّف.
- ↑ “السنة التي فرض فيها الحج”، fatwa.islamweb.net.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2609، حكم المحدث صحيح.
- ↑ توفيق وهبة (18-10-2011)، “الحج في الكتاب والسنة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-8-2017، بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية: 27، 28، 29.
- ↑ رواه مسلم، في مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2380.
- ↑ عبد الله الجبرين، “الحجّ منافعه وآثاره”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-8-2017. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية: 27.
- ↑ سورة الحج، آية: 30.
- ↑ سورة البقرة، آية: 158.