حكم وضع المناكير

في كلَّ يوم تأتي لنا الموضة بالجديد، والفتيات بشكل عامْ يحببن دائماً الظهور بمظهر أنيق، متكامل، أنثويّ، وخال من أيّ شوائب، من أخمص القدم إلى أعلى الرأس، ويظهر ذلكَ واضحاً من اهتمام الفتيات بالتفاصيل الصّغيرة جدّاً، مثل الدّبابيس، وشكل الأظافر، والمناكير، ويهمّنا هنا أن نتحدّث عن المناكير أو طلاء الأظافر بشكل خاصّ، وهي عنصر جمالي أنثوي منتشر بشكل كبير، متعدّد الألوان، والأشكال، والماركات، ولا شكْ أنَّ خزانة كل فتاه لا تكاد تخلو من عدّةِ زجاجات من المناكير، بألوان مختلفة، ولكنْ يتبادر إلى ذهننا كثيراً تعارض المناكير مع مسألة الوضوء، والصّلاة، وبشكل عامّ الزّينة المحرمة، أو غير المحرمة، وفي هذا المقال سنتطرّق إلى هذا الموضوع بشكل خاصّ، مع التفصيل والبيان في حكمه.

حكم وضع المناكير

لقد أباح الشّرع المطهّر للمرأة أن تستخدم ما تشاء من الزّينة، بما شاءت من أنواعها المباحة، ومن ذلك ما يطلق عليه اسم المناكير أو طلاء الأظافر، وذلك في حال كانت من مادّة طاهرة وغير ضارّة بها، لأنّ الأصل في هذه الأمور هو الإباحة، ولا يوجد أيذ حرج على المرأة في استعمالها واستخدامها، لكن في حال كانت هذا المناكير له جرم يمنع وصول الماء إلى البشرة، فإنّ الواجب على المرأة أن تعمل على إزالته، وذلك في حال أرادت الوضوء أو الغسل.

قال الشّيخ ابن باز:” طلاء الأظافر بالحنّاء أو غيره ممّا يحسّنها لا بأس به، إذا كان طاهراً ليس بنجس، وكان رقيقاً لا يمنع الوضوء والغسل، أمّا إذا كان له جسم، فلا بدّ من إزالته عند الوضوء والغسل، لئلا يمنع وصول الماء إلى حقيقة الظفر، فالمقصود أنّ استعمال ما يغيّر الظفر من الحنّاء وغيره، أو ما يسمّونه المناكير، لا بأس به إذا أزيل، لأنّ له جسماً يمنع وصول الماء عند الوضوء والغسل، أمّا إذا كان ليس له جسم كالحناء التي تجعل الظفر أحمر أو أسود، ولكن لا يبقى له جسم، هذا لا يضر، أمّا إذا كان له جسم يمنع وصول الماء إلى البشرة، فلا بدّ من إزالته “.

وفي حال كانت المرأة حائضاً، أي أنّها لا تصلي، فإنّه ليس ثمّ محذور من استعمال المرأة للمناكير، وإنّها تزيلها في حال انقضت مدّة حيضها، وأرادت أن تغتسل، حيث قال الشّيخ ابن عثيمين رحمه الله:” وأمّا من كانت لا تصلي كالحائض، فلا حرج عليها إذا استعملته، ولم يرد في خصوص ما يسمّى بالمناكير حديث، لكنّها مندرجة تحت القاعدة الكليّة، وهي أنّ الأصل في الأشياء الطاهرة غير الضارّة الإباحة، حتى يقوم دليل المنع، كما قال تعالى:” هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا “، البقرة/29 “.[١]

حكم الوضوء بالمناكير على طهارة

في حال كانت المناكير عبارةً عن لون فقط، كما يكون من أثر الحناء ونحوه، فإنّه ليس من المشروط إزالتها، ويعتبر من الصّحيح أن تتوصّأ المرأة بها، أمّا في حال كان لها جِرمٌ يمنع وصول الماء – مثل ما هو معتاد من هذه الأصباغ – فإنّه يجب عليها أن تزيلها عند الوضوء، أو عند الغسل من الجنابة ونحوها، حتى وإن وضعت على طهارة، ولا يصحّ هنا أن يتمّ القياس على الخفّين.

وهذا المنع معتبر به عند المذاهب الأربعة كلها، ولا يوجد في ذلك أيّ خلاف بين أهل العلم، وإنّما اختلفوا فيما إذا كان هناك تحت الأظفار وسخ، والعفو عنه هو مذهب كلّ من الحنفيّة، والمالكية، والحنابلة، وهذا هو أرجح، وكذا اختلفوا في ما كان عليها، أو بين الشقوق من أثر يسير تعمّ به البلوى، ويصعب التحرّز منه، مثل أثر العجين ونحوه، والعفو عن ذلك هو من اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ولا يكون مثلها هذه الأصباغ، والمناكير التي تضعها النّساء.

وأمّا الدّليل على أنّه يجب إيصال الماء إلى ما يجب غسله فهو حديث علي – رضي الله عنه – قال: سمعت النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – يقول:” من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها ماء، فعل الله تعالى به كذا، وكذا من النّار “، قال علي: فمن ثمّ عاديت شعري، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

وحديث عائشة عن النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – وفيه:” تأخذ إحداكنّ ماءها، وسدرتها فتطهر، فتحسن الطهور، ثمّ تصب على رأسها، فتدلكه دلكاً شديداً حتى يبلغ شؤون رأسها “، وإنّ شؤون الرّأس هو أصوله، كما قال أهل العلم.

وحديث مسلم وغيره عن عمر بن الخطاب:” أنّ رجلاً توضّأ، فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – فقال:” ارجع فأحسن وضوءك، فرجع، ثمّ صلى “.

حكم السواد في المناكير

لا يوجد أيّ حرج في استعمال واستخدام الصّبغة السّوداء في طلاء الأظافر، وذلك في حال لم يثبت ضررها، والممنوع فقط إنّما هو أن يصبغ الإنسان شعره بالسّواد، وذلك كما في الحديث الذي رواه مسلم وغيره، أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال في شأن والد أبي بكر رضي الله عنه:” غيّروا هذا الشّيب، وجنّبوه السّواد “.

وفي حال كان لهذه الصّبغة جرم يمنع وصول الماء إلى الأظفار، فإنّه لا يصحّ الوضوء مع وجودها، وإن كانت مجرد لون – مثل الحنّاء – لا تمنع وصول الماء إلى ما تحتها، فلا حرج في الوضوء مع بقائها.[٢]

المراجع

(2) بتصرّف عن فتوى رقم 282208/ الوضوء بوجود “المناكير” الموضوعة على طهارة/ 18-1-2015/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net

  1. “حكم استعمال المانيكير وهل للحائض أن تستعمله حال حيضها”، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2015. بتصرّف.
  2. “حكم استعمال السواد في طلاء الأظافر”، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2018. بتصرّف.