شروط تعدد الزوجات
تعدد الزوجات
يُعتبر الزواج من سنن الله سبحانه وتعالى في هذا الكون، وهو وسيلة للتكاثر والتناسل بين البشر التي تهدف إلى استمرار الحياة البشرية على وجه الأرض، ويُعتبر الزواج من المواضيع بالغة الأهمية التي يتم النقاش بها، وممّا يدخل في هذا الباب ويكثر النقاش فيه موضوع تعدُّد الزوجات، فما المقصود بتعدد الزوجات؟ وما حكمه؟ وما هي الأسباب التي تستدعي تعدد الزّوجات؟ وما هي شروط تعدّد الزّوجات؟
المقصود بتعدد الزوجات
- التعدُّد في اللغة: اسم من مصدر تَعَدَّدَ، يُقال: فِي هذه اللوحةِ تَعَدُّد الأَلْوَانِ أي؛ تنوُّعها، وتَعَدُّدُ الزَّوْجَاتِ: التزوّج بِأكثر مِنِ امرأة.[١] أما المعنى الاصطلاحي للتعدد فلا يخرج عن المعنى اللغوي.
- الزواج في اللغة: مصدر زوَّجَ يُزوِّج تزويجًا، فهو مُزوِّج، واسم المفعول مزوَّج، يقال: زوَّج فلانٌ امرأةً: أي جعله يتزوَّجها أو أنكحه إيّاها، وزوَّج فلانًا بامرأةٍ أي؛ عقد له الزواج عليها، أي؛ زوّجه المأذون بعقدٍ شرعيّ، يُقال: زوَّج الشَّيءَ بالشَّيء، وزوَّج الشَّيءَ إلى الشَّيء: أي قرنه به.[٢]
- الزواج أو النكاح في الاصطلاح: عرّفه فقهاء الحنفية بأنّه عقد يُفيد مُلك المتعة بالأنثى قصداً؛ أي يفيد حل استمتاع الرجل من امرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي، أمّا فقهاء المالكية فقالوا بأنّ النكاح: عقد لِحِلّ التمتُّع بأنثى ليست من المحرّمات بسبب النسب، أو الرضاع، أو المصاهرة، وليست مجوسية، وليست أَمَة كتابية بصيغة، وعرّفه فقهاء الشافعية بأنّه: عقد يتضمّن إباحة وطء بلفظ إنكاح أو تزويج أوما كان في معناهما، وعرّفه فقهاء الحنابلة: النكاح عقد التزويج، أي عقد يعتبر فيه لفظ نكاح أو تزويج أو ما كان في معناهما.[٣]
شروط تعدّد الزّوجات
أباح الله سبحانه وتعالى تعدد الزوجات، وقد حددت الشريعة الإسلامية شروطاً لهذا التعدد: [٤]
- العدد: فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)،[٥] فالآية الكريمة تبيّن العدد المباح من النساء؛ اثنتين، أو ثلاثة، أو أربعة،[٦] وقد أجمعت الأمّة على أنّه لا يجوز للزوج الجمع بأكثر من أربع نساء، ولتحديد العدد بأربع نساء حكمة من الله سبحانه وتعالى.
- النفقة: ويُقصد بالنفقة أن تكون لدى الرجل القدرة على تأمين المأكل والمشرب، والمسكن، وما يلزمه من أثاث، والقدرة المالية على الإنفاق على المرأة التي يريد الزواج بها بدايةً، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا معشرَ الشبابِ، مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصومِ فإنه له وجاءٌ)،[٧] وكذلك الأمر بالنسبة لمن أراد أن يتزوّج بأكثر من واحدة، فيجب عليه أن يكون قادراً على النفقة.
- العدل بين الزوجات: فقد قال الله سبحانه وتعالى: (.. فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً..)،[٥] والمراد بالعدل هنا العدل الذي يقدر عليه الإنسان؛ وهو التسوية بين الزوجات في المأكل، والمشرب، والمسكن، والملبس، والمبيت، والمعاملة، أمّا الأمور التي لا يقدر عليها مثل الميل القلبي والمحبة، فالزوج ليس مطالباً بالعدل فيها؛ لأنّ هذا الأمر خارج عن إرادته وقدرته، ويُؤثَم الزوج إذا كان على يقين أنّه لن يستطيع العدل بين الزوجات إذا تزوّج بأكثر من واحدة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كانَ عندَ الرَّجلِ امرأَتانِ ، فلم يَعدِلْ بينَهُما جاءَ يومَ القيامةِ وشِقُّهُ ساقطٌ)[٨]
حكم تعدد الزوجات
ذهب العلماء إلى أنّ الأصل في تعدُّد الزوجات هو الإباحة، ولكن قد تعتريه الأحكام التكليفية الخمسة؛ الوجوب، والحرمة، والاستحباب، والكراهة، والإباحة، ويعود ذلك إلى اختلاف الأشخاص والأحوال؛ فيكون واجباً على من لا يأمن على نفسه الوقوع في الحرام إلّا إذا تزوج بأخرى، ويُكرَه في حقّ من ليست لديه الرغبة بالتعدد، وليست لديه القدره المالية عليه، ويَحرُم على من لا يخشى على نفسه الوقوع في الحرام، وليست لديه القدرة على الزواج، ويضر بالتقصير بحق الزوجة الأولى، أمّا الاستحباب فهو لمن كان بحاجة للزواج ولديه القدرة عليه، والإباحة لمن ليس لديه ذريّة وليست لديه رغبة بالزواج.[٤]
مشروعية تعدد الزوجات
وردت مشروعية تعدُّد الزوجات في القرآن الكريم في موضعين في سورة النساء، وهما:
- قال الله سبحانه وتعالى: ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا)[٥]
- قال الله سبحانه وتعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا )[٩]
أسباب تعدّد الزّوجات
تنقسم الأسباب الداعية إلى تعدد الزوجات إلى قسمين؛ أسباب عامة وأسباب خاصة، أما الأسباب العامة، فمثل:[٤]
- زيادة عدد النساء العوانس والنساء المطلقات في المجتمع.
- نقص عدد الرجال في المجتمع نتيجة الحروب وغيرها.
أمّا الأسباب الخاصة:
- العقم: من الأهداف المرجوة من الزواج؛ الإنجاب والذريّة، فإذا ثبت أنّ الزوجة لا تُنجب فمن حقّ الزوج أن يتزوّج بأخرى، وإذا ثبت أنّ الزوج لا ينجب فمن حق المرأة أن تطلب الطلاق.
- عجز المرأة عن القيام بالواجبات الزوجية؛ بسبب المرض أو غيره من الأسباب.
- كره الزوج لزوجته.
- رغبة الزوج بالاقتران بامرأة أحبّها.
- كثرة أسفار الزوج، وإقامته في بلد آخر.
- الدافع الجنسي لدى الزوج.
- معالجة بعض المشكلات الإنسانية التي يتعرض لها البشر؛ كأن تمتلك امرأة أطفالاً، ثمّ تحتاج إلى من يعولها وأطفالها، وغيرها الكثير ممّا يدعو إلى تعدد الزوجات في المجتمع.
المراجع
- ↑ “تعريف ومعنى تعدد”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 5-6-2017. بتصرّف.
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، بيروت: دار صادر، صفحة 625، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 204-205، جزء 41. بتصرّف.
- ^ أ ب ت د. علي ونيس (25-1-2016)، http://www.alukah.net/library/0/97964/ “تعدد الزوجات شريعة دائمة وسنة باقية”]، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب ت سورة النساء، آية: 3.
- ↑ عبد الرحمن السعدي (2000)، تفسير السعدي (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 163. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5065، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1141، صحيح.
- ↑ سورة النساء، آية: 129.