أهمية بناء المساجد وعمارتها في الإسلام

إنّ المساجد هي بيوت الله تعالى على الأرض، وهي أحبّ الأماكن والمواضع إليه سبحانه، فيها يذكر اسمه، وفيها يسبّح بحمده، وفيها يعبد المسلمون ربّهم فينصبون أقدامهم ويتراصون صفوفًا لا خلل فيها أو اعوجاج؛ فتحلّ عليهم السّكينة من ربّ العالمين، وتحفّهم الملائكة بأجنحتها، ويفاخر الله تعالى بهم ملائكته. والمساجد هي الأماكن التي يجتمع فيها المسلمون من أجل تدارس العلم الشّرعي، وهي الأماكن التي كانت تجتمع فيها الوفود، وهي مقرّ لإرسال البعوث وتجهيز الجيوش والرّايات، وهي الأماكن التي يبذل فيها المال ليصرف في مصارفه الشّرعيّة على الفقراء والمساكين وغيرهم.

قد أمر ديننا الإسلامي باحترام المساجد لأنّها بيوت الله تعالى، فحثّ المسلمين على أخذ زينتهم عند الذّهاب إليها والتّطيب، كما نهى عن رفع الصّوت فيها واللّهو والخلاف، فهي مكان للذّكر والصّلاة والتّسبيح.

كما حثّ الإسلام على بناء المساجد ورتّب على ذلك الأجر الكبير من ربّ العالمين، ففي الحديث أنّ من بنى لله بيتًا بنى الله له بيتًا في الجنّة، كما دعا الإسلام إلى عمارة المساجد عمارة ماديّة ومعنويّة، فالعمارة الماديّة تكون بتشييد البناء ورفعه والاهتمام به وصيانته باستمرار، والعمارة المعنويّة تكون بالحرص على مداومة الصّلاة فيه وعدم هجره، إلى جانب إعطاء المسجد دوره الحقيقي في الإسلام من حيث إنّه منارة للمسلمين في كلّ شؤون حياتهم.

وقد اعتبر الإسلام عمارة المساجد من علامات التّقوى والإيمان بالله، قال تعالى: “إنّما يعمّر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة ولم يخش إلا الله”. كما عدّ الإسلام تخريب المساجد بمنعها عن أداء دورها ورسالتها نوعًا من أنواع الظّلم بل من أشدّ أنواع الظّلم جرمًا عند الله، قال تعالى: “ومن أظلم ممّن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدّنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم”.

وقد سجّل التّاريخ الإسلامي كيف كان السّلف الصّالح يهتمون ببناء المساجد وتعميرها ماديًّا ومعنويًّا من خلال الحرص على إقامة الصّلوات فيها في أوقاتها المعيّنة، كما حرص النّبي عليه الصّلاة والسّلام على عمارة المساجد من خلال تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفرد بسبعة وعشرين درجة، لذلك كان المسلمون يحرصون على الجماعة في المساجد لاغتنام الفرص لزيادة الحسنات ورفع الدّرجات، وفي الحديث كذلك أنّ من يمشي إلى المساجد تحطّ عنه خطيئة وترفع له درجة، وكذلك تبشير المسلمين المشّائين للمساجد في الظّلمات بالنّور التّام يوم القيامة.