كيف أحسب زكاة الاسهم

الزكاة

تعد الزّكاة ركناً من أركان الإسلام، الذي يحقّق التكافل الاجتماعي بين الأفراد، مما يُوطّد العطف والمودة والرّحمة والإيثار بينهم، ويزيل الحقد والبُغض والكراهية من بينهم، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا بدّ من إقامة جميع أركان الإسلام لتتحقّق إقامة الدين كاملاً، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (بُنِيَ الإسلامُ على خَمْسٍ، شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتَاءِ الزكاةِ، وحجِّ البيتِ، وصومِ رمضانَ)،[١] وبالزكاة ينال الغني البركة في أمواله، ويلبي الفقير حاجاته ومتطلباته، فالزكاة تحقّق الطهارة لمال الغني، ولنفوس الفقراء بنزع الحقد تجاه الأغنياء، ليفوز المُزكّي في الحياة الدنيا والآخرة، وممّا يدل على أهمية الزكاة قرنها في كثير من المواضع في القرآن الكريم بالصلاة، منها قول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)،[٢] وفي المقابل فإنّ عدم أداء الزكاة يتسبّب للمسلم بالكثير من المُهلكات في الدنيا والآخرة.[٣]

زكاة الأسهم

تُعرّف الأسهم بأنّها الصكوك القابلة للتداول، فكلّ سهم يمثّل حصةً من حصص شركةٍ ما، فمجموع جميع الأسهم يمثّل رأس مال الشركة، وقد تكون الأسهم نقديةً أو عينيةً،[٤] وتختلف زكاة الأسهم باختلاف حقيقتها، فإن تَملّك شخصٌ ما الأسهم بنية الاستمرار والتملّك، وكان يأخذ العائد السنوي منها، فتكون الزكاة على الربح المُتعلّق بها دون رأس المال، وذلك إن بلغت النصاب ومرّ على شرائها سنةً كاملةً، وتُخرج الزكاة بمقدار ربع العُشر، وأمّا إن كان القصد من الأسهم البيع والشراء فقط، فتُعامل معاملة عروض التجارة؛ أي أنّ الزكاة واجبة في الأسهم مع الربح الناتج منها بمقدار ربع العُشر، وذلك بشرط بلوغها لنصاب أحد النقدين، ومرور سنةٍ عليها من حين البدء باستثمارها وتداولها، مع الحرص على أنّ الزكاة للأسهم السوقية تكون بالنظر إلى قيمة السهم وقت وجوب الزكاة فيه.[٥]

وتجدر الإشارة إلى أنّ الأسهم تختلف باختلاف نوعية الأموال التي تعمل بها الشركة، فالشركات الزراعية التي يكون استثمارها بالحبوب والثمار وغيرها ممّا يُكال ويُدخّر، فتُزكّى زكاة الحبوب والثمار بتحقّق شروطها، فقد يكون استثمار الشركات الزراعية ببهيمة الأنعام، فتكون زكاتها زكاة بهيمة الأنعام بشروطها، وإن كانت الشركات الزراعية تتعامل بغير الحبوب والثمار والأنعام كعروض التجارة وأموالٍ أخرى، فتُزكّى زكاة النقود بإخراج ربع العُشر منها، وإن كانت الشركات صناعية، مثل شركات الأدوية والكهرباء والإسمنت ونحوها، فتزّكى بإخراج ربع العُشر من صافي الأرباح، وذلك إن بلغت الأرباح النصاب المحدّد شرعاً، وحال حول على امتلاك الأرباح، مثل العقارات المخصّصة للإيجار التي تجب زكاتها بالعائد منها وليس بذاتها، وإن كانت الشركات تجارية، مثل شركات الاستيراد والتصدير وشركات المضاربة، وشركات التحويلات وأي شركاتٍ أخرى تتعامل بالبيع والشراء الجائز شرعاً، فزكاتها زكاة عروض التجارة، أي أنّ الزكاة تجب في رأس المال والأرباح، بإخراج ربع العُشر، وذلك بعد بلوغ النصاب وحولان الحول.[٥]

أحكامٌ متعلّقةٌ بالأسهم

بيّن العلماء العديد من الأحكام المتعلّقة بالأسهم، وفيما يأتي بيان البعض منها:[٦]

  • يُحكم على الأسهم في أصلها أنّها جائزةٌ، حيث إنّها تصنّف على أنّها نوعٌ من الشركات والعروض والبيوع التي تجوز في أصلها إن توافرت فيها شروط البيع، ويجدر التنبيه إلى أنّ ما يجري في الأسواق الخاصة بالأسهم من البيع والشراء والربح والخسارة بشكلٍ سريعٍ لا يعدّ من المقامرة، بل من المخاطرة، والمخاطرة تجوز إن كانت من أجل الكسب، كما أنّ ذلك يحصل بجميع السلع، ولا يوجد أي دليلٍ من الأدلة الشرعية يمنعها.
  • يجوز التصرّف بالأسهم بالبيع والشراء إن كانت حلالاً، ويمكن التصرّف بها من المالك لها أو الموكّل بالتصرّف بها مقابل نسبةٍ معلومةٍ من الربح، كما يجوز المضاربة في الأسهم؛ أي أن يكون مالك الأسهم شخصٌ ما، إلّا أن التصرّف بها من بيعٍ وشراءٍ من حقّ شخصٍ آخرٍ، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا يجوز شراء أسهمٍ ما باسم غيره بمقابلٍ أو بغير مقابلٍ، فذلك يعدّ من الكذب والخداع والتنازع والتباغض نتيجة الربح أو الخسارة.
  • يجوز وقف الأسهم؛ حيث إنّها تعد جزءاً من أموال الشركة وموجوداتها، مع ما تمثّله من قيمتها السوقية، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي كعب بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (يا رسولَ اللهِ، إنَّ من توبتي أن أنخلعَ من مالي صدقةً إلى اللهِ إلى رسولِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟ قال: أمسكْ عليكَ بعضَ مالِكَ، فهوَ خيرٌ لكَ، قلتُ: فإني أُمْسِكُ سهمي الذي بخيبرَ).[٧]
  • تجوز الوصية في الأسهم إن كانت في ثلث المال أو أقل منه، وفي حال تعدّي الأسهم أكثر من ثلث مال الميت فيتوقّف ما زاد عن الثلث إلى موافقة الورثة، فإن أجازوا الورثة ما زاد عن الثلث فتنفذ الوصية كاملة، وإن لم يجيزوا الورثة ذلك فيبطل ما زاد عن الثلث، ودليل ذلك ما رواه الصحابي سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما أورده البخاري في صحيحه، حيث قال: (الثُّلثُ، والثُّلثُ كَبيرٌ، أو كَثيرٌ، إنَّك أن تَذَر وَرَثتكَ أَغنياءَ، خيرٌ مِن أن تَذرَهُم عالةً يَتَكفَّفونَ النَّاسَ، وإنَّك لَن تُنفِقَ نَفقةً تَبتَغي بِها وَجهَ اللهِ إلَّا أُجِرتَ بِها، حتَّى ما تَجعلَ في في امْرأتِكَ).[٨]
  • إن امتلك الشخص أسهماً محرّمةً، وهو لا يعلم بحرمتها فعليه بيعها مباشرةً، ولكن إن كانت قيمتها ستنقص ببيعها فوراً ينتظر حتى يتحقق في السعر رأس المال، حيث قال الله تعالى: (وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ).[٩]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
  2. سورة البقرة، آية: 43.
  3. “الزكاة ركن الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2018. بتصرّف.
  4. “الفرق بين الأسهم والسندات”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2018. بتصرّف.
  5. ^ أ ب “حكم زكاة الأسهم”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2018. بتصرّف.
  6. “كيفية زكاة الأسهم”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2018. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2757، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 1295، صحيح.
  9. سورة البقرة، آية: 279.