جامع القرويين في مدينة فاس
الجوامع
تنفردُ الجوامعُ بأهميّةً خاصةً في الإسلام، حيث يقوم فيها المسلم بتأدية فرض الصلاة الذي يعدّ الفرضَ الأول الذي يُسألُ عنه يوم القيامة، كما أنّها كانت قديماً مكاناً لتجمّع الملسمين لمعرفة أمور دينهم وتلّقي العلوم الشرعيّة، وكان يتمّ تقسيمُها إلى زوايا فيتمّ تعليم علمٍ معيّنٍ في كل زاوية، كما أنّها كانت تعتبر معقلَ انطلاق البعثات الإسلاميّة والجيوش الإسلامية لفتح البلاد ونشر الدين الإسلاميّ.
لذلك اهتمّ القادة والخلفاء في الدولة الإسلاميّة ببناءِ الجوامع، وغلب عليها الطابعُ الإسلاميّ من حيث الزخارف والرسومات، وبقيت بعض الجوامع قائمةً منذ زمنٍ بعيدٍ إلى الآن، بفضل ترميم القادة لها من وقتٍ لآخر، ومن هذه الجوامع المهمّة جامع القرويين في مدين فاس المغربيّة.
جامع القرويين
جامع القرويين من أقدم الجوامع في المغرب، فقد بُنيَ عامَ 245هـ/ 859م، وتشيرُ المعلومات بأنّ فاطمة الفهريّة (أم البنين) هي من قامت بالتبرع بكلّ ما تملكُ في سبيل بنائه في عهد دولة الأدارسة، وقام الحكامُ والملوك بتوسعتِه وترميمه حيث أضافَ الزناتيّون -بدعمٍ من الأمويين في الأندلس-، بإضافة ثلاثة آلاف متر مربّع، كما قام المرابطون لاحقاً بزيادةِ مساحة الجامع كذلك، فقدا غيّروا شكله من البساطة في العمارة والزخرفة، ولكنهم حافظوا على ملامح الجامع العامة، وأضاف الموحّدون الثريا الكبرى، وما زالت قائمةً إلى الآن.
بناء جامع القرويين
يمتلك جامع القرويين صومعةً واسعةً تعدّ من أقدم المنارات المربعة في الغرب الإسلاميّ، حيث بُنيَ في زمن أمراء الزناتيين، عمّال عبد الرحمن الناصر وما زالت قائمةً إلى الآن، وهناك المنبرُ الذي بناه المرابطون، وما يزال قائماً إلى الآن.
يمتلكُ الجامع سبعة عشر باباً وجناحيْن يحتوي كلّ جناحٍ منهما على مكانٍ للوضوء من المرمر، ثم يلتقيان معاً في طرفيْ الصحن الذي يقع في منتصف المسجد، وزُيّنَ بالعديد من الثريّات والساعات الشمسيّة والرمليّة، وتمت إضافة مقصورة القاضي، والمحراب الواسع، وخزانة الكتب، والمصاحف لاحقاً.
أهميّة جامع القرويين
لقد تميّز جامع القرويين بأهميّةٍ خاصةٍ؛ لأنّه بالإضافة إلى إقامةِ الصلوات فيه، فقد قام العلماء بعقد الحلقات التعليميّة فيه، مما حوّل مدينة فاس إلى مدينةٍ تشتهر بالعلم والثقافة تنافس بذلك مراكز علميّة شهيرة في ذلك الوقت، مثل قرطبة وبغداد.
تشيرُ النصوص المتوفرة إلى أنّ الجامع انتقل إلى مرحلة الجامعة في العهد المرينيّ، عندما بُنيَ العديد من المدارس حوله، حيثُ زُوّد بالكراسي العلميّة والخزانات، بينما كانت بداية المرحلة الجامعيّة في عهد المرابطين بعد أن قام الكثير من العلماء باتخاذه مقراً لدروسِهم.