أين دفن يوسف عليه السلام
قصةُ يوسُف عليه السلام
بعدَ أنْ أوشكتْ أيّام سيّدنا يعقوب عليه السلام على النفادِ من الحياةِ الدنيا وأحسَّ بدنوّ الأجل، جمعَ من حولهِ أبنائهِ الاثني عشر ومن بينهم نبي الله يوسُف عليه السلام لغاية سامية، وليسألهم أمراً خطيراً، حيث قال لهم كما ورد في القرآن الكريم: (ما تعبُدونَ من بعدي) فأجابوا جميعاً بقوله تعالى (نعبُدُ إلهك وإله آبائِك إبرهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن لهُ مسلمون) وبهذا أتمَّ نبي الله يعقوب عليه السلام رسالته، وقد أوصى يعقوب عليه السلام ولدَه يوسُف أن يحملَ جسدهُ لبيتِ المقدسِ في فلسطين ويدفنه بجوار أبيه إسحاق وجدّه إبراهيم في بلدة الخليل.
وعادَ سيّدنا يوسُف عليه السلام إلى أرض مصر بعد أن دفن أباه، لأنّ نبي الله كان المؤتمن على خزائنِ الأرضِ في مصر وعُيّن وزيراً للمال والاقتصاد فيها وكان عليه السلام مسموعَ الكلمةِ ونافذ السلطان، وقد عانى ولاقى نبي الله ما عانى من المكائدِ والدسائسِ والأهوالِ منذ أن كان صغيراً حيث ألقاه إخوته في الجُبِّ وهو غلامٌ صغير، ثمّ رحلته إلى أرض مصر بعد أن أخذه سيّارة وأسرُّوه بضاعة وباعوه لعزيز مصر وما حدث بعدها من امرأة العزيز ومقاومته لها بعد أن حاولت إغوائه وظلّ متمسكاً بعفته وطهارته، ووُضع عليه السلام بالسجن سنين طويلة إلى أن أظهر الله عزّ وجلّ براءته ووضعه ملك مصر بعدها على خزائن الأرض، وعاش سيدنا يوسُف بعد أبيه يعقوب 23 سنة ووهبَ الله له ولدين وهما: إفرائيم ومنشا.
وفاةُ يوسف عليه السلام ومكان دفنه
بعد أن منّ الله على سيّدنا يوسُف وأعطاه من النعيمِ في الدنيا اشتاقت نفسه للقاء الله عزّ وجلّ، وهو أوّل نبيّ تمنّى الموت وقد ذُكر ذلك في القرآن الكريم بقوله تعالى (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ )، ولمّا حضر سيّدنا يوسُف الموت جمع إليه قومه من بني يعقوب وأوصى أخاه يهوذا على قومه، وتُوفي عليه السلام وكان عمره 120 عاماً.
وقد تخاصمَ أهل مصر في مكانِ دفنِه وتعدّدت الروايات ولكن الراجح منها أنّ قوم سيّدنا يوسُف عليه السلام قد اتفقوا على جعله في صندوق من المرمرِ ويدفنوه في نهرِ النيلِ بحيث يمرّ عليه الماء وتصل بركته لجميع مصر وما حولها، وظل ّ مدفوناً هناك إلى أن أوحى الله إلى نبيّه موسى عليه السلام أن ينقل قبر سيّدنا يوسُف إلى بيتِ المقدسِ عند آبائه، ولم يكن يعلم موسى عليه السلام مكان دفنه فقيل له إنّ عجوزاً من بني اسرائيل تعرفُ مكان دفنهِ فلجأ إليها ليسألها فأجابته بعد أن أخذت منه موثقاً بأن يدعو لها موسى الله بأن يردّ الله عليها شبابها إلى سبعة عشر سنة وأن يزيدَ الله عمرها مثل الذي مضى من عمرها فدعا نبي الله لها بذلك فأعلمته بأنّ قبر يوسف عليه السلام في صندوق في النيل، فاستخرجه سيّدنا موسى من النيل وأخذه معه لبيت المقدس ودُفن بجوار أبيه يعقوب وجديه إسحاق وإبراهيم عليه السلام في مدينة الخليل، وفي روايات أخرى أنّه دُفن في مدينة نابلس في فلسطين.
وأشار بعض المؤرخين والباحثين من أنّ مكان دفن سيدنا يوسف عليه السلام لا زال في مصر في نهر النيل، والمعلوم عند الجميع بأنّه لايوجد قبر نبي من أنبياء الله معروفٌ مكانه وتتعدد الروايات والقصص الكثيرة حول أماكن دفنهم عليهم السلام ما عدا قبر النبي محمد عليه السلام، والله تعالى أعلم.