أما والذي أعطاك فضلا وبسطة – الشاعر البحتري
أمَا والّذي أعْطاكَ فَضْلاً وبَسْطَةً
على كلّ حيٍّ، وَاصْطفاكَ على الخَلْقِ
لقدْ سُسْتَنا بالعَدْلِ والبَذْلِ مُنعِماً،
وَعُدْتَ عَلَيْنَا بالأنَاةِ وَبِالرّفقِ
وَإنّا نَرَى سِيما النبيّ مُحمّدٍ،
وَسُنّتَهُ في وَجهِكَ الضّاحكِ الطَّلْقِ
وَقَدْ عَلِمَتْ تِلْكَ العِمامَةُ أنّها
تُلاثُ على تِلْكَ النّجابةِ وَالعِتْقِ
تدارَكْتَ بالإحْسانِ حِمصَ وَأهلَها،
وَقَدْ قارَفوا فعلَ الإساءةِ وَالخَرْقِ
طَلَعْتَ لهمْ وقتَ الشرُوقِ، فعَاينُوا
سَنا الشمسِ من أُفْقٍ وَوَجهَك من أُفقِ
وَما عايَنُوا شمْسَينِ، قبْلَهُما، الْتقى
ضِياؤهُما وَفَقْاً، من الغَرْبِ والشّرْقِ
أرَيْتَهُمُ إذْ ذاكَ قُدْرَةَ قادِرٍ،
وَعَفْوَ مُحِبٍّ للسّلامَةِ، مُسَبْقِ
ولَوْ شِئْتَ طاحوا بالسيوفِ وبِالقَنا،
وَباللَّهْذَميّاتِ المُذَرَّبَةِ الزّرْقِ
مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ بالحَياةِ فأصْبحوا
موَالِيكَ فازُوا منكَ بالمَنّ والعَتقِ
وَإنّ وَلاَءَ المُعْتَقِينَ منَ الرّدَى،
يفُوقُ وَلاءَ المُعْتَقِينَ من الرّقّ
بَقِيتَ أمِيرَ المُؤمِنِينَ لأمّةٍ،
سَلَكْتَ بها نَهْجَ السّبيلِ إلى الحقّ
بِوَجْهِكَ تَسْتعدي على الدهرِ، كلّما
أساءَ، كما كانَتْ بِجدِِّكَ تَستسْقي