كيف تعامل الرسول مع المنافقين

محمد -عليه الصّلاة والسّلام-

اختار الله سبحانه وتعالى محمداً من بين البشر أجمعين ليحمل رسالته الخالدة إلى النّاس أجمعين، فكان -عليه الصّلاة والسّلام- مثالًا في تأدية الرّسالة وتبليغ الأمانة، بل كان في كلّ سكناته وتصرّفاته وكلامه قدوةً للمسلمين، وقد تعامل -عليه الصّلاة والسّلام- مع جميع أصناف البشر ولم يرد عنه أنّه استثنى أحداً أو تجاهله.

فكان يلتقى الكفار ويجلس معهم من أجل أن يبلّغهم رسالة الله ويدعوهم إلى الإسلام، كما كان يجالس أصحابه والمسلمين حتّى يعلمهم دينهم وشريعة ربّهم، كما تعامل مع صنف آخر من البشر وهم المنافقون تعاملًا ذكيًّا حكيمًا، فمن هم المنافقون، وكيف كان تعاملُ النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- معهم؟

صفات المنافقين

من حكمة الشّريعة الإسلاميّة وعدالتها أن جعلت صفة النّفاق لا تطلق على النّاس بمجرّد الشّكّ والهوى، وإنّما تطلق على الرّجل بتوافر صفاتٍ معيّنة فيه، وقد يكون الرّجل فيه صفات من صفات النّفاق ولا يكون منافقًا كاملًا، بينما يكون منافقًا كاملًا عندما تظهر عليه صفات النّفاق كلّها أو جلّها بحيث يجمع على ذلك المسلمون، فالنّفاق هو إظهار ما ليس في القلب حقيقةً.

ومثال على ذلك المنافقون على عهد الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- الذين أظهروا الإسلام وحبّ الدّين، بينما ملئت قلوبهم حقدًا على النّبي والإسلام والمسلمين، كما سعوا لدسّ الضّغائن والشّرور والإفساد بين مكوّنات المجتمع الإسلامي أكثر من مرّة، وقد وصفهم الله تعالى في كتابه بعدّة صفات منها أنّهم لا يأتون الصّلاة إلا وهم كسالى، وعندما ينفقوا في سبيل الله فإنّهم ينفقون كارهين ويراؤون النّاس في ذلك الأمر، كما يلمزون المطّوعين من المؤمنين في الصّدقات، وهم أجبن النّاس في المعارك والحروب .

نماذج من المنافقين

تعامل النّبي عليه الصّلاة والسّلام مع المنافقين في المدينة تعاملًا عبّر عن عقليّة فذّة تمتلك مهارات التّعامل مع شتى أجناس البشر، فقد تزعّم عبد الله بن أبي سلول سدّة النّفاق في المدينة، حيث وصلته أخبار يوماً عن تشاحن بين رجلٍ من الأنصار ورجلٍ من المهاجرين فتوعّد المهاجرين قائلًا : والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل، فبلغ ذلك مسامع النّبي والمسلمين فهمّوا أن يقتلوه، فنهاههم النّبي عن ذلك بقوله ( لا يتحدّثن النّاس أن محمدًا يقتل أصحابه ).

وفي غزوة تبوك وعندما بنى نفرٌ مسجد الضّرار الذي أرادوا به تفريق المؤمنين كان ردّ النّبي -عليه الصّلاة والسلام- حازمًا لخطورة الموقف حيث أمر بهدم المسجد على أساساته، كما اتّخذ النّبي الكريم أسلوب الوعظ والتّذكير مع المسلمين حينما بثّ المنافقون بينهم دعاوي الجاهليّة، فقال يومًا منكرًا ذلك ( دعوها فإنّها منتنة )، وذكّرهم بفضل الله عليهم وكيف صاروا بنعمة الله إخواناً .