مقام سيدنا إبراهيم

مقام سيدنا إبراهيم

يتوجّه المسلمون إلى البيت الحرام على مدار العام لتأدية مناسك العمرة، وقد بيّن النّبي عليه الصّلاة والسّلام لأمّته كيفيّة تأدية مناسك العمرة الصّحيحة بأركانها وواجباتها وسننها، ومن بينها الصّلاة خلف مقام إبراهيم، حينما ينتهي المعتمر من أداء سبعة أشواط من الطّواف خلف الكعبة.

يتوجّه المعتمر إلى مقام إبراهيم ويصلي خلفه ركعتين، وذلك قبل أن يشرع في السّعي بين الصّفا والمروة، فما هي قصّة هذا المقام ؟ وما هو فضله ؟ وما هي التّغيّرات التي طرأت على مكانه وهيئته خلال التّاريخ ؟

قصّة مقام إبراهيم عليه السّلام

يعود أصل مقام إبراهيم إلى الفترة التي عاش فيها نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليه السّلام، فبعد أن ترك إبراهيم عليه السّلام زوجته هاجر وابنها إسماعيل في منطقةٍ غير ذي زرع عند المسجد الحرام، ظهرت بئر زمزم ووفود قبيلة جرهم العربيّة لتجاور هاجر وابنهما إسماعيل.

بعد فترةٍ من الزّمن قدم إبراهيم عليه السّلام إلى مكّة ليلتقي بابنه إسماعيل عليه السّلام، وقد كانت أمّه هاجر قد توفّيت، فأخبر إبراهيم عليه السّلام ابنه أنّ الله تعالى قد أمره ببناء البيت الحرام، وقد استجاب إسماعيل لذلك فطفق النّبيان ببناء البيت محضرين الحجارة اللاّزمة لبنائه، فكان إسماعيل عليه السّلام يناول أباه الحجارة ومردّدين، قوله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيم ).

في أثناء شروعهما في بناء البيت الحرام طال البناء حتّى لم يستطع إبراهيم عليه السّلام بلوغ قمته، فقام بإحضار حجر، والوقوف عليه فاستطاع بعد ذلك إكمال بناء البيت الحرام، وقد استخدم الحجر بعد ذلك في الإعلان للحجّ والعمرة بين النّاس.

فضل مقام إبراهيم

بين النّبي عليه الصّلاة والسّلام في الحديث الشّريف أنّ الرّكن والمقام هما ياقوتتان من الجنّة، ولولا أن طمس الله نورهما لأضاءتا ما بين السّماء والأرض، كما يعتبر المقام من الآيات البينات التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز في قوله تعالى: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيم ).

مكان مقام إبراهيم

كان المقام حتّى فتح مكّة في مكانه حينما ترك منذ عهد سيّدنا إبراهيم عليه السّلام، وعندما قدم النّبي عليه الصّلاة والسّلام إلى مكّة أمر بوضع المقام في موضع أبعد عن الكعبة حتّى يتسنّى للنّاس الطّواف حول البيت، وفي عهد سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه جاء سيل فجرف المقام عن مكانه، وقد استنفر الفاروق الصّحابة وناشدهم معرفة مكانه حيث وضعه النّبي الكريم، فكان عند رجلٍ حبل قد قاس فيه المسافة بين المقام والكعبة فأحضر هذا الحبل حتّى أعيد المقام إلى مكانه.