أين نزل سيدنا آدم وأمنا حواء

قصة سيدنا آدم وحواء

ذُكرت في القرآن الكريم قصة خلق سيدنا آدم وحوّاء عليهما السلام، وكيفيّة هبوطهما إلى الأرض والأسباب التي أدّت إلى ذلك، وهذا كلّه بأمرٍ من الله عزّ وجلّ، فقضتْ حكمتُه أن يخلق آدم بَشَراً من طين، وينفخ فيه من روحه، وأن يأمر الملائكة بالسجود تعظيماً له، فسجدوا له إلّا إبليس أبى واستكبر، وكان عصيان إبليس سبباً لغضب الله عليه وطرده من الجنة؛ نتيجةً لاستكباره وعدم المثول لأمره عزّ وجلّ، وأمر الله تعالى آدم وحواء أن يدخلا الجنّة ويَنْعَمَا فيها، ويأكلا منها فلا يجوعا ولا يعريا أبداً، ونهاهما سبحانه وتعالى عن الأكل من شجرةٍ واحدة، وهنا بدأ إبليس رحلته بالوعد الذي قطعه على نفسه لله تعالى؛ بأن يغوي بني آدم ويبعدهم عن عبادة الله.

العداوة بين إبليس وآدم

عندما أخرج الله عز وجل إبليس من الجنة، توعّد بأن يغوي بني آدم ويبعدهم عن الإيمان بالله، ويدعوهم للإشراك به، وأن يُفرّق بين المرء وزوجه، وأن ينشر الفتنة بين الخلق، وأن يأتيهم عن أيمانهم وعن شمائلهم ومن تحتهم ومن فوقهم، وأقسم إبليس بعزّة الله وجلاله بهذا الأمر، وهو يعلم أنّ الله حقّ، وعبادته حقّ، والجنة حقّ، والنار حقّ، ونشأت هذه العداوة منذ أن خُلق آدم عليه السلام، قال تعالى: ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْعَالِينَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ )(ص:71-85) ولكنّ الله عزّ وجلّ أنذر إبليس، وحذرّ الناس منه، فقال في كتابه الكريم: ( إِنَّ الشَّيْطَـانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَـابِ السَّعِيرِ [فاطر:5، 6].

وعندما سمع إبليس نهي الله عزّ وجلّ لآدم وحوّاء عن أكل الشجرة المحرّمة، بدأ يوسوس لهما، وبدأ بسرد الأماني والأكاذيب، في أنّ هذه الشجرة سبب الخلود، فأزلّ الشيطان آدم وحوّاء، فأكلا من الشجرة، ووقعا في فخ إبليس، وبَدَتْ لهما سوءاتهما، وأخذا من ورق الجنة ليسترا عوراتهما، وعندها أدرك آدم وحواء أنّهما عصيا الله عزّ وجلّ، تابا توبةً نصوحة واستغفرا الله، فغفر لهما، وأنزلهما من الجنة للأرض لتبدأ مرحلة حياة جديدة على الأرض.

نزول آدم وحوّاء إلى الأرض

ذكرت المصادر الإسرائيليّة عدّة روايات عن مكان نزول آدم وحوّاء، كما ذكر بعض العلماء المسلمين أقوالاً في هذا الأمر، تقول الروايات أنّ آدم نزل في الهند، وحوّاء نزلتْ في مكان قريب من مكّة وهي منطقة جدّة الآن، وازدلفت حواء من جدة لمكّة، فأُطلق عليها اسم المزدلفة، والتقيا وتعارفا في منطقة عرفات، لذلك سُمّي جبل عرفات، والحقيقة ما زالت غائبة، لأنّه لم يرد أيّ من هذه الأقوال على لسان الرسول _صلّى الله عليه وسلم_ أو الصحابة _رضي الله عنهم_، والعبرة هي بمعرفة بأسباب نزول آدم وحوّاء، ومعرفة العدوّ الحقيقيّ للإنسان، الذي هو سبب غواية البشريّة وابتعادها عن طريق الهدى، وهو اتباع الشيطان وما يأتي به من أماني وأكاذيب، وإذا كان هناك خير يعود على الأمة الإسلاميّة من معرفة مكان نزول آدم وحوّاء إلى الأرض، لورد هذا في القرآن الكريم، أو في حديثٍ شريف صحيح.